يرى عددٌ من المراقبين الاقتصاديين أن الساحة الاقتصادية يدور بها جدل كبير حول مستقبل الاقتصاد السوداني وما بين التشاؤم بانهيار الاقتصاد السوداني والتفاؤل بنهضة عظيمة تخرج من ثنايا التحدِّيات الكبرى التي تواجِه الاقتصاد وتعد الورشة التي نظمها الاتحاد الوطني للشباب السوداني بالتعاون مع لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان والتي جاءت تحت عنوان مشروع موازنة العام 2012 م الفرص والتحدِّيات جاءت في أوانها لمناقشتها مطلع ديسمبر. وقال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير خلال ورقته التي قدمها الميزان الداخلي والخارجي الناتج من الانفصال بجانب استمرار العمل العسكري في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان إضافة الى استحقاقات اتفاقية الدوحة والموازنة بين تخفيض هياكل الدولة والحكومة ذات القاعدة العريضة وتزايد معدلات الفقر والبطالة وسط الشباب في ظل غياب فرص التوظيف من أهم العقبات التي تواجِه الموازنة العام القادم مؤكدًا أن ترشيد الإنفاق العام وترتيب الأولويات إعداد موازنة موحدة للدولة تشمل كل الولايات واستخدام الأموال المتاحة للتمويل الأصغر والتي تبلغ 2,4 مليار جنيه اضافة الى تقنين قطاع التعدين الأهلي وإحداث نهضة حقيقية والاهتمام بالقطاع السياحي والبحث العلمي وإفساح المجال للباحثين ودعم مشروع زراعة فدان من جاتروف الإنتاج البايوديزل والسماد والجلسرين والصابون من أهم الحلول التي تحول التحديات الى فرص الحجم الكلي لموازنة العام الماضي قد بلغت قبل التعديل 31,2 مليار جنيه والذي انخفضت بعد الانفصال إلى 26,7 مليار جنيه مشيرًا الى أن تعويضات العاملين بالحكومة الاتحادية تشكل حوالى 29,5% من إجمالي الموازنة أي ما يعادل 7,9 مليار دولار ولا تتضمن وظائف جديدة رغم استبعاد وظائف الجنوبيين لافتًا إلى أن السلع والخدمات التي رصد لها 1,9 مليار جنيه أي بنسبة 50% وبالتالي ما يدفع من مبالغ لتعويضات لا يكمل بسداد التزامات التيسر مما يؤثر سلبًا على الأداء العام مبيناً أن عدم التزام الولايات بتصنيفات الدعم المركزي التي خصص لها من الموازنة 7,6 مليار جنيه أي بنسبة 28,5% منها 3,5 مليار جنيه تحويلات رأس مالية يؤدي الى ضعف تنفيذ المشروعات التنموية بها وأضاف أن اعتمادات اقتناء الأصول غير المالية بلغت 7 مليار جنيه بنسبة 26,2% من الموازنة دائمًا ما تكون نسبة تنفيذ ميزانية التنمية متدنية وتواجه بعجز الموازنة والاعتماد على القروض والمنح وإصدار الشهادات والصكوك والحكومية مشيرًا إلى أن الاعتمادات الخاصة بالقطاع الزراعي فقط 500,8 مليون جنيه أي بنسبة 1,9% من الموازنة علمًا أنه من القطاعات التي تخلق فرصًا كبيرة لتشغيل الشباب. وأكد الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز الفكي أن مشروع موازنة العام القادم أنها موجة اقتصاد رئيسي داعيًا الى استغلال الطاقات المتاحة وعلى رأسها الشباب الذي يمثل رأس الرمح فيها مشيرًا إلى أن هنالك عدة تحديات تواجه الاقتصاد منها داخلية تتمثل في نقص الإيرادات العامة متوقعًا هبوط إيرادات الحكومة الاتحادية خلال العام القادم إلى 18.7 مليار جنيه من أصل 22.6 مليار جنيه في العام الماضي بنسبة انخفاض 17.3%، مستدلاً على ذلك بإحصائيات وزارة المالية الاتحادية معللاً ذلك بفقدان نسبة البترول التي تصل إلى 44% من الإيرادات العامة منوهًا إلى تفاقم العجز في الحساب الجاري الذي أثر على قدرة المركزي على تكوين احتياطي نقدي مناسب الذي ترتب عليه انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني بالرغم من تعويم سعر الصرف بنظام الحافز وربط نقص الإيرادات العامة بجانب الخلل الموجود في الحساب الخارجي إلى ارتفاع نسبة التضخم الى أكثر من 20% لافتًا إلى أن الإنتاج النفطي من الحقول في شمال السودان سيخصص للاستهلاك المحلي ومن ثم لن يكون مؤثرًا في ميزان المدفوعات الخارجي مبينًا أن عدم التيقن من مآلات الأوضاع الاقتصادية سيدفع بالرأس مالية المحلية للملاذات الآمنة حيث ستتحول السيولة للعقارات والأراضي والذهب مما يترتب عليها زيادة نسبة البطالة في الاقتصاد كما سيؤدي البطء في المعالجات بالشركات المستثمرة لإبطاء عملياتها وربما الخروج ومن ثم توقف الاستثمار الأجنبي المباشر لحين اتضاح الصورة وأضاف أن استمرار وضع السودان على لائحة الإرهاب المترتب عليه استمرار أزمة الدين الخارجي وفقدان أسواق خارجية مهمة ومن ثم عدم الحصول على معدات وقطع غيار مهمة وأساسية ويرى أنه يمكن مواجهة ذلك من خلال معالجة النقص في الإيرادات العامة وأكد أن في ظل هذه التحديات الماثلة يمكن توليد فرص عظيمة شريطة أن تكون مقرونة بفقة العزائم وإرادة الشباب وذلك من خلال تنفيذ خطة واضحة لزيادة الإنتاج والإنتاجية في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية واستهداف أسواق خارجية للصادر عبر وسائل الاتصال الحديثة وبالتالي تحقيق موجهات موازنة العام القادم وهي دعم سياسات زيادة الصادرات غير البترولية وتقليل وإحلال الواردات من خلال تفعيل سياسات الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية المستهدفة داعياً لتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في أنشطة السياحة وتمويل البنيات التحتية بهدف زيادة العائد منها مؤكدًا أنها من ضمن موجهات الموازنة القادمة.