أثارت قضية مكتب والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر ملابسات وجدلاً كثيفاً في الساحة السياسية في وقت تكشفت كثير من قضايا الفساد بعدد من المؤسسات بعضها مرهون بأشخاص والبعض له علاقة بمؤسسات. الضبابية وعدم الوضوح الذي شاب قضية فساد منسوبي مكتب الخضر ساهم في تعقيدها وظهر ذلك من خلال ما ورد ونُشر في قنوات التواصل الاجتماعي حيث برع بعض الناشطين في المواقع الاسفيرية بعرض وثائق واختلاق شائعات لصب مزيد من الزيت على النار المشتعلة، فضلاً عن إعادة نشر مقالات وأعمدة لكُتاب بعض الصحف وأحداث لغط وتشويش وتضليل وفبركة لبعض الصور لتصبح مادة دسمة يمكن أن تجد طريقها للإعلام للتأثير على الرأي العام. الأمر الذي جعل الوالي يخرج من صمته خلال تنوير صحفي بالنادي الوطني وإصدار قرارات بإيقاف البيع في الأراضي الاستثمارية إلى حين اتخاذ تدابير جديدة تضبط الممارسة وتظهر الشفافية في مثل تلك المعاملات، مشيراً أن متهمي مكتبه انحصرت مخالفاتهما في الأراضي الاستثمارية حيث قاما بالاستفادة من وضعهما في مكتبه مستقلين معرفتهم بالإجراءات وأن جملة ما استولوا عليه هي ست قطع من الأراضي وأربع سيارات ومبلغ نقدي قدره 2,50,000 جنيه. مراقبون يقولون إن الخضر يجب أن يعاتب نفسه أولاً لأنه لم يكشف الحقائق للرأي العام مبيناً أنه إذا فعل ذلك عند كشفه لخيوط التجاوز الكبير ومقاضاة المتهمين لأمّن نفسه من الشائعات مستنكرين على الخضر عدم مبادراته برفض القرار الذي اتخذته اللجنة العدلية التي حاولت دفن القضية وإلباسه ثوب (التحلل). المتابع للقضية يجد أن الصحف تتحفظ في ما تنشره فقبل أيام تم نشر إعلان بإحدى الصحف في مساحة صفحة كاملة ملونة من جهة لم تذكر اسمها تزكي والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر وتعلن وقوفها معه ووصفت نفسها بأنها من رفقاء صلاة الفجر وقالت إن الوالي يتجوّل بين مساجد العاصمة ثم دمغ إعلان الرفاق أهل الإعلام بالتربص. ثمة تساؤلات تبرز على السطح عن مدى تاثير الإعلام على تشكيل الرأي العام والقرار السياسي فالإعلام له القدرة على تشكيل الاتجاهات ومن ثم على تشكيل الرأي العام وهذه واحدة من وظائفه الأساسية بما يخدم دوافع منشئ الرسالة هذا بحسب الخبير الإعلامي د. عبد العظيم نور الدين الذي أكد خلال حديثه ل «الإنتباهة» أن هذا يتم بكثير من العمليات إما بالتحقيق الإعلامي أو ترتيب الأولويات لدى القائم بالاتصال وقد يفعل ذلك سلباً أو إيجاباً في تغيير الرأي العام أو تشكيل الاتجاهات في قضية ما مؤكداً أن الإعلام الجديد والتدفق الإعلامي أصبح يؤثر تأثيراً بالغاً في المتلقي خاصة قنوات التواصل الاجتماعي التي ليس لها ضوابط نشر وحدود انتشار في مقابل عدم التسويق للمعلومة موضحاً أن الانتشار السريع لقنوات الاتصال (التويتر والفيس بوك والواتساب) توضح خطورته لأن المعلومة غير الموثوق منها تنتشر بسرعة وهي التي لا يعرف مصدرها وتفتقد كثيراً لعناصر الدقة والمصداقية وهذا عكس المعلومات التي تُنشر في الصحف. حديث عبد العظيم يتوافق مع تواتر المعلومات في قضية والي الخرطوم الخضر التي تشير إلى أن الإعلام لم يذهب لاتهام الخضر في قضية الأراضي لكن من الطبيعي أن يحمله المسؤولية غير المباشرة لأن بعض المتورطين يعملون بمكتبه وهذا يحمل العديد من الدلالات التي تشير إلى أن هنالك حالة من التساهل والتغافل والثقة المفرطة في مكتب الوالي أدت لهذه الممارسات الخاطئة والتجاوزات التي أثرت كثيراً في الرأي العام وهذا مادعا الخبير الإعلامى د. عبد العظيم يقول إن كثيراً من اتجاهات الرأي العام تنشر معلومات غير صحيحة مبيناً أن ذلك يمثل خطورة مشيراً إلى أن الإيجابيات في عدم القدرة على حجب المعلومات أو حراسة أي بوابة مما يتيح قدراً من حرية النشر وسرعة الانتشار، وقال لا بد أن يكون الصحفي مسؤولاً مبيناً أن الكلمة مسؤولية لذلك لا بد أن يثق من كل معلوماته قبل أن يطرحها للجمهور من خلال المعطيات يتضح أن ما تم تداوله في قضية والي الخرطوم في وسائل الإعلام المقرءوة منها والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي ليس أمراً جديداً لكن الغريب هو تحويل قضية فساد إلى قضية رأي عام. وهذه هي ملامح التقصير والقصور لدى المسؤولين لتجنبهم كشف الحقائق للرأي العام مما يتيح استيعاب الشائعات المتجاوزة لكل الخطوط والحدود.