إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوريا الجنوبية..أمة العجائب والمعجزات
نشر في الانتباهة يوم 12 - 05 - 2014

«مستر كماااال.. مستر كماااال» هكذا كان الأستاذ بارك وونغ ممثل وزارة المساواة بين الجنسين يصرخ ويلوِّح بكلتا يديه ليلفت انتباهي.. أبعدت عيني المرهقتين عن لوحات المنتظرين المتكدسة بالأسماء في مطار أنشتون الدولي مساء ذلك اليوم من شهر أبريل الماضي، وقطعت المسافة نحوه بخطوات واسعة أعلنت بها نهاية رحلة شاقة انطلقت من قلب إفريقيا النابض، وانتهت في بلاد العجائب والمعجزات.
كوريا في سطور
تقع جمهورية كوريا الجنوبية في أقصى شرق القارة الآسيوية وهي مركز الثقافة في شمال شرق آسيا جنباً إلى جنب مع الصين واليابان. وكوريا شبه جزيرة تبلغ مساحتها «22» ألف كلم مربع، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من «50» مليون نسمة يعيش منهم «10» ملايين في العاصمة سيول التي تعد من أكثر عواصم العالم اكتظاظاً بالسكان. وكوريا الجنوبية قوة اقتصادية كبيرة اشتهرت بصناعة السيارات والإلكترونيات، وصارت رقماً في الاقتصاد العالمي بالرغم من شح مواردها وصغر مساحتها. واستطاعت كوريا أن تتغلب على الأزمة المالية الآسيوية في العام «1997»، وهي من أوائل الدول التي تعافت من الأزمة المالية العالمية في العام «2008م» وفي «2010م» صارت كوريا أول دولة ناشئة تستضيف قمة العشرين.
استضافت كوريا دورة الألعاب الأولمبية في العام «1988 أولمبياد سيول»، وشاركت في استضافة كأس العالم مناصفة مع اليابان في العام «2002م» ونظمت بطولة العالم لألعاب القوى في «دايجو 2011» وتترقب دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العام 2018م بمدينة بيونغ تشانغ. ودولة كوريا تتحدث اللغة الكورية «الهانغول» ويجد الزائر صعوبة كبيرة في التخاطب مع سكانها لأن غالبيتهم لا يجيدون الإنجليزية. والكوريون شعب طيب دائم الابتسام ينثر الورود على الطرقات ويتبادلون الاحترام فيما بينهم بانحناءة تذيب كل التوترات. قدمت كوريا نفسها للعالم من خلال المسلسل التلفزيوني «جوهرة في القصر» وعبره تعرف الناس على المطبخ الكوري والنمط الحياتي لتلك البقعة البعيدة من العالم. وعبر قنواتها المتعددة وإذاعاتها المتكاثرة يوماً بعد يوم وصحفها ذات المصداقية والمهنية العالية، رسمت كوريا خريطة حياة جديدة قدمت خلالها عدداً كبيراً من المشاهير في مختلف المجالات، أشهرهم بان كي مون الأمين العام الحالي للأمم المتحدة وبارك جي سونغ لاعب مانشيستر يونايتد الإنجليزي وكيم يونا ملكة كوريا في الرقص على الجليد.
ذهبنا إلى كوريا ضمن وفد رفيع المستوى ضم كلاً من الأستاذة وفاء الطيب جعفر ممثلة وزارة الشباب والرياضة - رئيسة الوفد - والأستاذ مبشر محمد كرشوم أمين أمانة الرياضة بالاتحاد الوطني للشباب السوداني والأستاذة إيمان محمد سنهوري مساعد رئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني والأستاذ مصعب محمود الإعلامي السوداني المعروف والأستاذة نفيسة خضر المبارك طالبة الماجستير من جامعة الرباط الوطني تنفيذاً لبروتكول تعاون شبابي تم توقيعه بين جمهورية السودان وجمهورية كوريا الجنوبية يهدف لتبادل الثقافات والرؤى والأفكار في شتى المجالات بين الشعبين الشقيقين. وكانت زيارة تاريخية نحاول عبر المساحة التالية رواية بعض تفاصيلها.
وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة
أولى الخطوات والبرامج داخل العاصمة سيول كانت زيارة تعريفية للجهة الراعية للزيارة، وهي وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، وفيها كان اللقاء بمدير قسم تطوير الأنشطة السيد «كيم بونغ هو» الذي أكد أن الوزارة تُعنى بوضع السياسات للمحافظة على تكوين الأسر عبر خطط وبرامج دقيقة تمنع انتشار العنف المنزلي وترعى الشباب وتحميهم من الأخطار والمهددات، إلى جانب إقامة الشراكات مع المنظمات المدنية والدولية. وخلال اللقاء تم التأكيد على ضرورة استمرار برامج التبادل الشبابي بين السودان وكوريا في مختلف المجالات.
مركز تنظيف المياه
بالرغم من أن جمهورية كوريا الجنوبية عبارة عن شبه جزيرة إلا أنها تعاني من شح كبير في المياه العذبة، وبذلت الحكومة جهوداً خارقة لتجاوز هذه الأزمة عبر إنشاء محطات ضخمة لتنقية مياه نهر الهان بلغت «4» محطات توفر حوالي «1.6» مليون طن. والغريب أنه وبعد كل هذه الجهود لا يلجأ المواطن الكوري لاستخدام المياه مباشرة من الحنفيات داخل المنازل، وإنما يستهلك كميات كبيرة من المياه المعدنية التي توفرها المصانع في مختلف المدن.
المنطقة منزوعة السلاح
ما زالت جمهورية كوريا تعاني من الحرب الأهلية الشرسة التي خاضتها مع نصفها الآخر كوريا الشمالية في العام 1950م واستمرت حتى العام 1953 بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن لا تزال الكوريتان تعيشان في حالة حرب نظراً لعدم توقيع معاهدة سلام بينهما. هذه الحرب أثرت كثيراً على نهضة وتطور الكوريتين حتى أن الشعب الكوري كان قبل خمسين عاماً أفقر شعوب العالم. ولكنهم تجاوزوا آلامهم وأحزانهم بعزم وإصرار وصارت تلك الحقبة جزءاً من تاريخهم الذي كلما تذكروه ازدادوا اجتهاداً وحيوية. عند مدخل مدينة فازو أو المنطقة منزوعة السلاح «دي إم زي» كانت تنتظرنا العديد من المفاجآت، حيث رأينا لأول مرة الجنود وهم في حالة استعداد قصوى وكأنما الحرب مستمرة حتى الآن.. ووسط إجراءات أمنية مشددة استطعنا العبور من نقاط التفتيش المكتظة بالجنود الكوريين والأمريكان «الحلفاء» كما يسمونهم هناك. وأمام بوابة زجاجية ضخمة أوقفنا جندي مستفسراً عن هوية الوفد وصار يسأل كثيراً عن السودان وإفريقيا وسرعان ما صار صديقاً ودليلاً جيداً عبر بنا من مراحل الحذر المفرط إلى بر الابتسامات والدعابات والثقة. قال لنا الجندي إننا سندخل إلى نفق يبلغ عمقه «75» متراً تحت الأرض حفره جواسيس كوريا الشمالية للتسلل إلى كوريا الجنوبية في العام 1978م، وحذر بشدة أي شخص يعاني من أمراض في القلب أو ضيق في التنفس ألا يغامر بالدخول إلى النفق... حينها سرت قشعريرة باردة في أجسادنا وتيقنا أننا أمام تجربة تحتاج لجهد وجلد وصبر.
داخل النفق
أجمعنا على رؤية النفق فبدا الارتياح على وجه الجندي وقام بإكمال إجراءات التفتيش والدخول حيث منعنا من التصوير وألزمونا بارتداء خوذات ضخمة في رؤوسنا احتججنا عليها في البدء وحمدنا الله كثيراً على ارتدائها عند أول ارتطام لنا بالصخور... في بداية النفق الذي يبلغ طوله «1635» متراً يجبرك انحداره على الهرولة وتشعر بجسدك يقفز تلقائياً إلى أن تصل إلى المنطقة الخطرة منه حيث تخفت الإضاءة وتتسلل المياه من بين الصخور لتضفي على المكان رهبة مع تزايد درجة الرطوبة وانخفاض كبير في ارتفاع النفق لدرجة الانحناء وشح الأكسجين عندها تذكرنا تحذيرات الجندي ولكن لا مفر من الاستمرار حتى النهاية.. ظللنا على هذه الحال قرابة الساعة حتى لاحت نهاية النفق وهناك وجدنا العديد من الأشخاص في انتظارنا وهم يغمغمون بأن هذه نقطة النهاية ولكنهم سمحوا لنا بالنظر عبر نافذة صغيرة لبقية النفق في كوريا الشمالية.
مسجد سيول العتيق
يشكل عدد المسلمين في جمهورية كوريا نسبة «0.1%» من تعداد السكان لذلك اجتهدنا كثيراً في البحث عن مسجد لأداء صلاة الجمعة وعثرنا على المسجد الوحيد في المدينة وهو مسجد سيول المركزي. وهناك التقينا بمسلمين من مختلف الجنسيات قضينا معهم وقتاً ممتعاً وتحدثنا عن التحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين في مختلف بقاع العالم، كما طالبناهم بالاجتهاد لنشر الدين الإسلامي في كوريا. حول المسجد تنتشر المحال التجارية الإسلامية ويعلق أصحابها صور الكعبة المشرفة والمسجد النبوي الشريف كما تنتشر المطاعم الحلال التي يدير معظمها الأتراك إلى جانب أماكن بيع الزي الإسلامي.
أنشطة التبادل الثقافي
داخل قاعة فخمة بأحد فنادق سيول كانت تنتظرنا مجموعة كبيرة من الشباب الكوري للتعرف على عادات وتقاليد وثقافات السودانيين.. والشعب الكوري لا يعلم الكثير عن السودان وبقية دول العالم بعد أن عاشوا في عزلة لسنوات طويلة لذلك تجدهم أشد حرصاً على تفعيل بروتكول التبادل الشبابي مع العديد من دول العالم، وقاموا بتأسيس المركز الكوري لتبادل الشباب في العام 2007م، ونظموا عبره برامج لأكثر من «500» شاب وشابة شملت زيارات لأكثر من «24» دولة. وخلال البرنامج عرضنا السودان في أبهى حلة.. طفنا بهم في ربوع الوطن الحبيب على أنغام «حلاة بلدي.. حلاة نيلها» و«أحب مكان وطني السودان»... شاهدوا مقرن النيلين وحظيرة الدندر وإهرامات البجراوية وسهول كردفان الغرة وجبل مرة ونيرتتي وشلال قلول... شاهدوا جبال التاكا والشُّعب المرجانية في سواحل البحر الأحمر.. شاهدوا مشروع الجزيرة ومحالج القطن ومصانع النسيج في بركات ومارنجان والحاج عبد الله... شاهدوا برج الفاتح وجامعة الخرطوم وسد مروي.. انطلقت صيحات الدهشة والإبهار من أفواه الكوريين ودوى التصفيق في القاعة بلا انقطاع.... كان الوفد يرتدي الزي السوداني الجلابية ناصعة البياض والعمة والطاقية وارتدت الزميلات الثوب السوداني... تذوق الكوريون طعم «اللالوب والقنقليز والكركدي والفول والتسالي والدوم» ونال مشروب العرديب استحسان الجميع. وبالمقابل قدم الكوريون بلادهم في حلة زاهية كشفت عن شعب طيب يحب العالم ويعشق العمل والعلم ويسعى لتطوير ورقي كوريا «أرض الصباح الهادئ» كما يسمونها.
أيام في بيونغ تشانغ وغانغ رنغ وسوك تشو
في هذه المدن الثلاث قدمت كوريا نفسها بوجه آخر، وكشفت عن عراقة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ... هنا حيث المساكن القديمة «الهانوك» والأزياء التقليدية والمراعي والمروج الخضراء والجبال الشاهقة في منطقة «دي غون ريونغ» .. كانت أيام لا تنسى ... ذهبنا للمسكن القديم « سون كيو جانغ» في محافظة «كانغ ون» وهو مسكن الطبقة العليا لعصر مملكة «جوسون 1392 1910م» وتبلغ مساحته «2000» متر مربع وتعرض فيه آلاف الكتب والرسوم والكتابات القديمة. وكانت زيارة جبل «سراك» قمة في الروعة حيث الطبيعة والمناظر الخلابة البديعة .. وجبل «سراك» هو أعلى وأجمل القمم ويقع في مدينة سوك تشو شرق كوريا الجنوبية .. صعدنا إليه عبر عربات معلقة تمنح الرحلة مزيداً من الإثارة وهي تحلق بك ببطء شديد لتمنحك الفرصة لمشاهدة الجبال من حولك وإذا نظرت تحت أقدامك سيصيبك الدوار، لأن الأرض بعيدة عنك بعداً سحيقاً. وفي بيونغ تشانغ ذهبنا لمركز التقليد الكوري لارتداء الملابس الكورية المعروفة باسم «الهانبوك» وهي ملابس تمزج بين جمال الألوان والخطوط الآسيوية ويجري إدخالها سنوياً في مسرح الموضة العالمي.
ليلة داخل الغابة
يقع مركز الشباب الوطني الكوري في مدينة بيونغ تشانغ، ويحتل مساحة كبيرة وسط غابة تحيط بها الجبال، وهي منطقة أشبه بمحمية طبيعية، تحتوي في داخلها على قاعات مجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية إلى جانب ميادين لكرة القدم والسلة والطائرة ومضمار للسباق. وفوق ذلك مساكن خشبية أشبه بالمساكن الكورية القديمة ومجهزة بأحدث ما أنتجه العالم من أثاث وإلكترونيات وأجهزة تكييف. داخل هذه المساكن قضينا ليلة كاملة غالبنا فيها النعاس حتى لا تفوتنا روعة المشاهد .. تجولنا داخل الغابة وسط أجواء باردة بلغت فيها درجة الحرارة «10» درجات مئوية وبرغم ذلك تجولنا وسط الصخور والأشجار حتى ساعات الصباح الأولى.
حادثة غرق العبارة
ليلة أخرى قضيناها في مدينة ساحلية تطل على بحر اليابان .. ومن خلال نافذة الفندق تخال أنك في سفينة تهدهدها أمواج البحر .. ولكن منظر المياه الممتدة وحركة السفن يعيد إلى مخيلتك أيضاً ذكرى غرق العبارة وتعابير الحزن الظاهرة على وجوه الكوريين وكانما الغرقى هم أقرباء وأبناء الشعب الكوري كله. من جانبنا أرسلنا برقية عزاء باسم الشعب السوداني للشعب الكوري وأسر الضحايا.
العودة إلى سيول
في سيول قمنا أيضاً بزيارة لمعرض شركة سامسونج وهو معرض ضخم تعرض فيه الشركة أحدث منتجاتها وتوفر فرصة للتسوق وشراء جميع منتجاتها بأسعار مخفضة، كما زرنا الكشافة الجوية والبرلمان الكوري, ثم مركز وسائل الإعلام الشبابي وفيه قمنا بإنتاج فيلم تعريفي عن أهداف الزيارة، نال استحسان قيادة المركز. ثم طاف بنا نائب سفير السودان بسيول السفير الريح حيدوب، في جولة تعريفية لأهم المعالم السياحية وأهم الطرق والأسواق وجاء نهر «تشيونج» الذي يمر وسط مدينة سيول في مقدمة المعالم المدهشة فهو مجرى مائي تنتشر بين جنباته أماكن التسوق ويرتاده السياح بعة ان تحول من مكب للنفايات الى ابرز المعالم السياحية في المدينة. وبالطبع اذا زرت كوريا يوما ما فلن يفوتك التسوق في شارع ايتاوان وهو يقع في حي العرب حيث المسجد الوحيد في سيول وتقع في نهايته القاعدة الأمريكية. السفير حيدوب قال ان معظم الوزارات السيادية مقرها خارج سيول ولذلك تجد التنمية في بقية المدن والولايات تسير على خطى واحدة. وتمنى حيدوب ان تنتقل تجربة الحكومة الكورية الى السودان وتقوم بنقل المرافق الحكومية وبعض الوزارات الى بقية الولايات، كما ناشد معتمد أم درمان للاستفادة من تجربة نهر تشيونج وتنفيذها في (خور أبوعنجة).
لقاء السفارة
عندما استقبلنا نائب سفير السودان بسيول، السفير الريح حيدوب في البوابة الخارجية لمبنى السفارة علت الابتسامة وجوهنا وداعبنا السفير بعبارات حبابكم عشرة واتفضلوا على الديوان وتبدلت الأجواء إلى سودانية خالصة في قلب سيول دون حواجز أو بروتكولات .. وداخل السفارة وجدنا الكل في انتظارنا، ابتداءً من سفير السودان بسيول تاج الدين الهادي الطاهر، مروراً بمهند عجبنا، وعادل محمد الحسن عبد الحميد، وعبد المنعم هلالي، وهشام محمود خالد، ومدثر محمد خير، وبقية الطاقم .. رحب بنا السفير تاج الدين وتبادل الوفد الهدايا مع أعضاء السفارة على وعد بلقاء آخر في القريب العاجل بإذن الله.
سودانيون في سيول
ما أن تسامع أبناء السودان في كوريا بمقدمنا، إلا وتسابقوا لتكريمنا، وانهالت الدعوات على الوفد مع الاصرار الشديد على تلبيتها ونشكر كل من استطعنا تلبية دعوتهم الكريمة ونعتذر لكل من وقف الزمن حاجزاً في الوصول إليه...
كل الذين التقيناهم في دعوة الغداء واليوم المفتوح الذي نظمه أبناء الجالية السودانية بحدائق نهر الهان، كانوا يتحدثون عن السودان بلهفة وشوق شديدين، ووجدناهم يتابعون أخبار السودان عبر الفضائيات السودانية والعالمية إلى جانب مطالعتهم للصحف السودانية على الشبكة العنكبوتية .. وتحظى «الإنتباهة» والأستاذ إسحق أحمد فضل الله بمتابعة دقيقة وإشادات متكررة. ولكل السودانيين هناك بعث الزميل مصعب محمود برسالة رقيقة هذا نصها : «أيام في كوريا لا تنسى .. شكراً لوجودكم الجميل في حياتنا .. أدام الله محبتكم وحفظكم لبعضكم البعض ولنا سفراء للوطن ولأهل السودان جميعاً. سعادة السفير تاج الدين، وسعادة السفير الريح حيدوب، وحرمه المصون حنان سحنون، وأبنائه ساجدة وعبد الباقي، والإخوة بالسفارة جميعاً مهند عجبنا، وزوجته ريان، وأبنائهما، والبقية الرائعين عادل ومدثر وهلالي وهشام .. والتحية للأشقاء أبناء بلدي في كوريا جميعاً ومنهم الرائع عثمان فتحي، وزوجته عبير وأطفالهما وطارق سيد أحمد وزوجته آمنة وأطفالهما، ومعتز وزوجته وأطفالهما والعريس كمال وعروسه سيدة ود. عماد جوهر وزوجته عائشة وأبنائهما والسيد كمال وزوجته فدوى وأبنائهما، والسيد فضل الله خاطر والشباب الرائعين سفرائنا بقيم الخير في انتشون وما جاورها، محمد الجاك وعبد المنعم وعامر وآخرين لا يسع المجال لذكرهم .. والشكر يمتد لرئيس الجالية د. أنور وأعضاء مكتبه التنفيذي شكراً جميلاً لكم ولكل من التقينا به في كوريا. مصعب محمود».
بارك وونغ وسو را ولميس
هم ثلاثي الوفد الكوري الذي رافقنا في حلنا وترحالنا طيلة الأيام التي قضيناها معهم وكانوا خير سفراء لبلادهم، بابتسامة دائمة وصبر كبير ومعالجات حاضرة لكل الطوارئ التي حدثت بسرعة فائقة، ولم تخل الرحلات من الطرائف والقفشات، حيث تجدهم يدخلون في موجة من الضحك عندما يغالبنا النعاس لأن سيول تسبقنا في التوقيت بست ساعات كاملة، وتداخلت علينا أوقات النوم واليقظة، ما أربك حركة الوفد في التقيّد بالزمن بعض الشيء .. بارك وونغ وسو را ولميس مجموعة متجانسة جعلتنا نحس كأننا في وطننا ... انصهروا مع السودانيين الذين زرناهم وتذوقوا طعامنا بتلذذ .. تحدثوا اللغة العربية في أيام معدودة واجتهدوا لنتعلم الكورية .. التحية لهم من وطنهم الثاني، الذي نتمنى أن يزوروه لنرد لهم بعض الجميل. ونردد مقولتهم الأشهر التي استقبلونا بها «تعال لتكون جزءاً منا .. تعال لتكون صديقاً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.