التأخير الذي تطاول كثيراً في تشييد المدينة الرياضية فضلاً عن كبر مساحتها المخصصة لها حتى تتسع للعديد من الألعاب، أغرى بعض الجهات للتعدي على أراضيها، ونحن هنا سنعتمد في حديثنا على تقرير اللجان المشترك بالمجلس الوطني الذي قدم في يونيو من العام الماضي حول تقرير المراجع العام وذلك حتى لا نُتهم بالإثارة أوالمزايدة، فقد أشار التقرير إلى أن أصول إنشاء المدينة الرياضية تعود إلى القرار الذي أصدره مجلس قيادة الثورة في الرابع والعشرين من العام 1991 بالرقم «45 - 1991» وقرار آخر في العاشر من مارس في نفس العام، وبموجب هذين القرارين تم تخصيص مساحة قدرها «1.488.144» متراً مربعاً كما نص القرار بأن تسجل باسم وزارة الشباب والرياضة الاتحادية. ويضيف التقرير قائلاً : إلا أنه وبالرغم من القرار الصادر من رئيس مجلس قيادة الثورة وقتها وقرار التخصيص فقد قامت عدة جهات بالاعتداء على المساحة المخصصة للمدينة الرياضية وبلغت جملة المساحة المعتدى عليها «1.082.000 متر مربع وتبقى منها فقط «406.144» متراً مربعاً، أي أن المساحة المعتدى عليها تساوي «73%» من المساحة الكلية. وقال التقرير إن وزارة الشباب الاتحادية صاحبة الحق والامتياز لم تحرص على متابعة إجراءات التسجيل وتحديد المساحة والرقابة عليها، فقد تم التعدي في شكل قطع سكنية واستثمارية ولم تتمكن المراجعة من الحصول على أية وثيقة أو مستند بدعم إجراءات البيع الذي تم «يعني احتمال كيري ساكت». ويمضي التقرير قائلاً: أما العقد الذي أبرمته الوزارة مع شركة دانفوديو الخيرية ودار كونسلتو «الاستشارية» لتنفيذ أربع مراحل من منشآت المدينة الرياضية لم تقف المراجعة على الطريقة التي تم بها إرساء العطاء على الشركة «المقاول» والاستشارية، ولم تتمكن الوزارة من تقديم مستند بذلك للمراجعة، كما أشار التقرير إلى أن الطريقة التي أتبعت في نزع وبيع الأراضي دون علم وموافقة المالك صاحب التخصيص وهو وزارة الشباب والرياضة الاتحادية. وخلص التقرير قائلاً: «فهذا وحده يكفي كدليل على مخالفات إداراية كبيرة ويؤكد عدم احترام القانون، فإننا نوصي بأن يقدم وزير العدل تقريراً كاملاً بالإجراءات القانونية التي اتخذتها الوزارة في مواجهة تلك الجهات التي ارتكبت كل تلك المخالفات». ونحن بدورنا نتمنى أن تكون الوزارة قد اتخذت تلك الإجراءات التي طالب بها البرلمان وأن تكون قد ذهبت إلى القضاء، سيما وأن التقرير أشار إلى مخالفات واضحة، فمثلاً أشار إلى بيع جزء من الأراضي كقطع سكنية واستثمارية، وأن المراجعة لم تتحصل على مستندات بذلك، لكن السؤال هو هل الذين اشتروا هذه الأراضي سجلوها بأسمائهم باعتبار أن أراضي المدينة لم تكن مسجلة وإن كانت صادرة بقرار من مجلس الثورة وهل سيتم نزعها وتعويضهم في مكان آخر؟ ثم هناك أيضاً مخالفة واضحة، كما أشار التقرير وهي عدم تمكن المراجع من الوقوف على الطريقة التي أرسي بها عطاء تشييد أربع مراحل من مشروع المدينة ولم تقدم الوزارة مستنداً بذلك للمراجعة وهو أمر بالطبع كما أشار التقرير يعتبر مخالفة إدارية كبيرة، فحتى إذا ضاعت المستندات من الوزارة فهل ضاعت أيضاً من الشركات التي تم التعاقد معها؟ أخيراً نأمل ألا يكون استنئاف العمل في المدينة الرياضية تطبيقاً للمثل السوداني «المال تلتو ولا كتلو» كما أن العمل وإن اكتمل وتم الافتتاح ب «الزيطة والظمبريتة» فهذا أيضاً لا ينبغي أن يجبَّ كل التجاوزات السابقة التي أشار إليها تقرير المراجع العام، وأكدت عليها تقارير اللجان المتخصصة بالبرلمان.