لقد أشبعنا شتماً وسباباً.. في حله وترحاله.. في قدومه وفي انصرافه.. ولم نزد على ان وبخناه بعض التوبيخ على المباهاة.. وعلى الشتائم والسباب.. ونحن نقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي علمنا أن المؤمن ليس بطعانٍ ولا لعانٍ ولا فاحش ولا بذيء ونحن نذكره ونذكر الإخوة القراء أننا لم نتسور عليه حصنه.. بل هو الذي تسور علينا حصوننا ونحن لم نبدأه بالرد بل هو الذي بدأ الرد وكان رده إساءة وتجريحاً.. مع أنه رد على موضوع لم يرد فيه ذكره ولا الإشارة إليه. أما وقد آثر الانصراف طواعية فنعاهده بأننا لن نذكره البتة لا بخير ولا بشر إلا اذا بدأ هو بالإساءة والتجريح.. وحتى لو عاد إلى المناظرة العلمية الرصينة المهذبة فلن نعدو أدب الحوار ولن نتجاوزه إلى ما يكدر على المتابع ويصرفه إلى ما لا نفع فيه ولا جدوى. والآن نود أن نتحدث عن عقيدة البداء عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية. والناظر في عقائد الشيعة يجد أنه.. ويا للعجب.. ينطبق عليهم قول القائل: لم يتركوا من ملة كفرية.. إلا بها صاحوا الغداة وجاهروا ما هو البداء في اللغة؟ البداء في اللغة هو الظهور بعد الخفاء.. وليس هو مجرد الظهور.. وعندما تقول بدا لي بداءً أي ظهر لي رأي جديد كان خافياً عليَّ من قبل، وهذا قول الفراء.. وأبديته وأظهرته بعد أن كان خفياً، وبدا له في الامر بداء أي ظهر له رأي على خلاف ما كان عليه. والبداء بهذا المعنى هو رأي جديد دل عليه علم حادث لم يكن موجوداً من قبل. وبهذا المعنى ورد في القرآن في قصة يوسف وإخوته قوله تعالى:«ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين». وهذا المثال يوضح مفهوم البداء بصورة لا تدع فيه غموضاً ولا استشكالاً عند أحد قصد العلم والمعرفة لا مجرد المراء والجدال. والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله استحالة قطعية، لأنه ليس لله علم حادث بل ليست له صفة حادثة، فالله لم يزل عالماً قادراً متكلما حكيماً رحيماً خالقاً سميعاً بصيراً مالك الملك ذا الجلال والأكرام. ورغم كل ذلك فإن الشيعة الإمامية الرافضة يصرون إصراراً عجيباً على نسبة البداء لله سبحانه وتعالى.. ويروون عن أئمتهم من أهل البيت كذباً وبهتاناً أقوالاً كفرية في البداء تنسب إلى الله سبحانه وتعالى الجهل والتخبط. وليس أدل على ذلك من قول شيخهم المفيد في كتابه «أوائل المقالات» ص «157» عندما قال: «أما اطلاق لفظ البداء فقد صرت إليه السمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله عزَّ وجلَّ، ولم يرد به سمع أعلم صحته لما استجزت اطلاقه» يا سبحان الله يا شيخ الطائفة.. اي سمع هذا الذي ليس هو سمعاً عن الله ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم.. بل مجرد سمع عمن نسميهم الوسائط بين الله وبين العباد.. وانت تعني به الأئمة من آل البيت. واعجب من كفر يحتج له بكفر أشد منه.. بل بكفرين، الكفر الأول اتخاذهم وسائط.. وهو كذب وكفر محض والكفر الثاني نسبة الكفر اليهم زوراً وبهتاناً، وأنا اقسم بالله أن أحداً ممن نسبتم إليه هذا الكفر لم ينطق بحرف واحد منه.. وإلا لنقل الينا ذلك الرواة الأثبات من رواة أهل السنة. وهذا هو الكليني كذاب الشيعة الأكبر ينقل في «الكافي» الذي هو أكبر كتاب للباطل على وجه الارض، وهو أكذب من كتب اليهود والنصارى التي حرفوها والتي مازالت نجد فيها شواهد على الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الكليني عن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين يقول: «ما عبد الله بشيء مثل البداء»، وعن جعفر الصادق «ما عظم الله بمثل البداء»، وعنه «لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه». وعن الصادق أيضاً «ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس خصال بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة». كيف بالله يعبد الله بأن يقال له يا جاهل؟! وكيف يعظم بنسبة الجهل والتخبط إليه؟ وأي أجر يناله العبد في ذلك؟ وهل يأخذ الله العهد من النبيين على تكذيبه وتجهيله والسخرية منه. نحن لا نرد في هذه الورقات على العترة من آل البيت محمد صلى الله عليه وسلم، فهم لم ينطقوا بحرف من هذا، بل نرد على هؤلاء الكذبة الجهلة الذين لا يستحيون ولا يخجلون ليس من نسبة الجهل إلى الله فهذه فرية لا تجوز على عاقل، بل من الاقرار على انفسهم بالجهل والكفر والحمق، وصدق الذي قال لو كان الحمق رجلاً لكان رافضياً. ونحن نعلم أن الأئمة من آل البيت لم يقولوا هذا الكلام القبيح لأنه أثر عنهم كلام آخر مناقض لهذا، والعقل ينفي عن العترة الكفر والجهل ويقر لهم بالايمان الصادق والعلم الهادي إلى صراط مستقيم، ومن شدة جهل هؤلاء وحمقهم ينسبون إلى جعفر الصادق قوله في ابنه إسماعيل لما مات قبل أبيه «ما بدا لله في شيء ما بدا له في ابني إسماعيل» تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. والمعنى المراد أن الله سبحانه وتعالى قد جد له رأي جديد في إسماعيل، يعني بالمصطلح الدارجي «غيّر رأيه»، ولا يكون تغيير الرأي في أمر كهذا إلا لعلم حادث أو لسفه، فهؤلاء ينسبون لله أسوأ ما يمكن ان ينسب إلى البشر، ويدعون أن ذلك من قول العترة وآل البيت. وسوف نورد ما قاله جعفر الصادق في البداء مما يخالف عقيدة الإمامية فيه بعد فراغنا من دحض أقوالهم واختباراتهم، والشيعة تشبثوا بأقوال ليست بنبع إذا عدت ولا غرب، وهي لا تقوى على الثبات عند النظر والتدقيق والتمحيص: قالوا مستدلين بآيات من القرآن الكريم: قال تعالى «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب»، وهي من أقوى أدلتهم.. لكنها ويا حسرتهم هي أقوى دليل ضدهم، فالمحو والإثبات لا علاقة له بالبداء، لأن المحو والإثبات كلها موجودة في أم الكتاب، فالمحو كنسخ الحكم وإبداله بحكم آخر.. والمحو كقبول التوبة ومحو العبد من ديوان العصاة وإثباته في ديوان أهل الطاعات. «نتابع»