محمد إسحاق: «السلام الأمن والاستقرار وهيبة الدولة والتنمية مطلب شعبي» بهذه الشعارات استقبل المواطنون من مناطق جبل مرة، الشرتاي جعفر عبد الحكم إسحق والي وسط دارفورفي زيارته للمنطقة التي استغرقت ستة أيام، تمكن فيها اختراق أوكارالتمرد وتعرية حقائق الواقع في جبل مرة التي كانت تحسب بأنها مقفولة بفعل انتشار الحركات،الشيء الذي كذَّبته الزيارة حيث تمكن الشرتاي جعفر ووفده من الطواف على جميع الوحدات الإدارية التابعة لمحليتي نيرتتي وروكرو دون أن تعترضه أية سيارة من سيارات الحركات المسلحة التي قيل انها متواجدة في مناطق جبل مرة، برغم أنها المناطق الوحيدة التي كانت تتخذها حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور قاعدة إستراتيجية في دارفور. بدأت الرحلة من زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور و منها كانت جلدو اول مناطق جبل مرة التي تميزت بطبيعتها الخصبة و طرقها الوعرة، حيث تجمع المواطنون بصورة عفوية بقيادة الجيش الشيء الذي لم يتوقعه احد نسبة لعدم الانسجام في السابق ثم انتقلنا الى قولو. في قولو خرج المواطنون وعلامات الدهشة والتوجس ترتسم على الوجوه والنظرات تعبر عن مخاوف للتجارب السابقة التي مروا بها، تمثلت آثارها في المدارس والمستشفى وقسم الشرطة وجميعها دمرت بفعل التمرد، الذي حول القرى والمدن لخرابات لا تصلح لحياة البشر، مستشفى جلدو الذي كان معداً بكامل الأجهزة والمعدات والأدوية ويعج بالكوادر الطبية يلبي حاجة مئات المرضى الذين يأتونه من كافة فيافي محلية نيرتتي يومياً حتى العام 2003م، تحول اليوم لمتحف عسكري ترقد فيه فوارغ الدوشكا ودانات المدافع المتفجرة، بعد أن نهبت الأدوية والأسرِّة والمعدات والأثاث وتم خلع أسقف الغرف والعنابر وأحرق المتبقي، وشرد الكادر الطبي وبقي المواطن فاغراً فاه مندهشاً من أفاعيل القدر الذي ساقه لواقع لم يكن يتحسب عواقبه. الناس هنا يحلمون بشرطة تحرس أمنهم وقاض يحكِّم العدالة فيهم ومدرس يعلِّم أبناءهم فك الحروف، وطبيب ينقذ النساء الحمل من الموت المحقق الذي حصد الآلاف، ومياه شرب صالحة تذهب عنه ظمأ السنين، حليمة تحكي مغامراتها في رحلة البحث عن المياه فتكشف عن مآس تقطع قلوب الجبابرة، حيث تستغرق الرحلة نهاراً كاملاً نادراً ما تعود منها بسلام من المتفلتين!! فقد تغير مناخ جبل مرة ولم تعد المياه متوفرة كما كانت في السابق، ولا أحد يعرف أسباب هذا التغيّر المناخي المفاجيء. أما في روكرو فكان الإبداع و شعارات تقول كفانا الحرب، حيث جسدوا أروع معاني الكرم و الرجولة حيث رافقوا موكب السيد الوالي راجلين حتى منطقة نسكم القريبة من معسكرات التمرد، التي هوجمت اكثر من ثمانين مرة من قبل المتمردين فكانوا لهم بالمرصاد بصد هجماتهم، طالب المواطنون الشرتاي جعفر عبد الحكم بتوفير قوات نظامية لفرض هيبة الدولة وحمايتهم من غارات المتمردين وطالبوا بالخدمات الأساسية «التعليم والصحة والمياه» وطالبوا بضرورة وجود الحكومة بمؤسساتها في المنطقة حتى يتمكن المواطن من التواصل مع حكومة الولاية والحكومة المركزية عبر تلك المؤسسات، وما دفع المواطنين لتقديم تلك المطالب هو غياب الحكومة المحلية وخروجها من المنطقة منذ بداية الصراع في دارفور حيث يتذرع الموظفون بغياب الأمن في المنطقة، ويبقون في مدن الولاية البعيدة عن مواقع عملهم، ويأخذون الرواتب والحوافز الى حين توفير الاستقرار، وهو ما دفع الوالي لحسم أمرهم بخيارين، إما البقاء في المنطقة وأداء واجبهم تجاه المواطن أو فصلهم والإستفادة من رواتبهم لصالح الراغبين في العمل هنا بجانب الأهالي، ووجه كل مؤسسات حكومة الولاية بالعمل على رصد أسماء الموظفين والعاملين في تلك المناطق في التدريس والمستشفيات والمؤسسات الخدمية وتنفيذ القرار المتعلق بمصيرهم فوراً.. أما فيما يتعلق بالدستوريين فقط ربط تعيين معتمدي محليات جبل مرة بإمكانية الإقامة الدائمة في المحلية المعين فيها والقدرة على التواصل مع مواطني المنطقة، وتلبية كل مطالبه ومعالجة قضاياه اليومية والعمل على توفير الخدمات المطلوبة. كشف الشرتاي جعفر والي وسط دارفور عن اتصالات يجريها مع الحركات المسلحة لوضع حد لمعاناة المواطنين في منطقة جبل مرة، إما بالسلام الشامل تشركه فيه حكومة المركز خاصة وأن السياسة العامة للدولة تتجه نحو المصالحة مع كل القوى السياسية والحوار وإزالة كل عقبات السلام والاستقرار، أو الحسم العسكري وحماية المواطن من الغارات اليومية التي عطلت حياته وأخرجته من دائرة التنافس الاجتماعي، كما وجه القوات المسلحة والقوات النظامية بالولاية بالقيام بدورها في حماية المواطنين في المنطقة وإزالة بوابات الجبايات العشوائية وحسم التفلتات الأمنية واعداً مواطني المنطقة بتلبية كل المطالب التي تقدموا بها خاصة تلك المتعلقة بالحياة كالصحة والمياه النقية، ووجه الوزارات المتخصصة بعمل مسح شامل لاحتياجات المنطقة ورفع تقرير شامل بالاحتياجات المطلوبة لتنفيذ مشروعات المياه وإعادة تأهيل المستشفيات والمدارس وتوفير الكوادر في مدة أقصاها أسبوع، كما وجه أبناء المنطقة بتكوين لجنة برئاسة الوالي نفسه لرصد مشكلات المواطن بالمنطقة والبحث عن حلول عاجلة لها والعمل معاً لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة، مضيفاً بأنه على استعداد لتلبية دعوة الحركات الراغبة في السلام في أية منطقة حددتها حتى ولو كانت في عقر معسكراتها في قمة جبل مرة، مطالباً المركز بتسهيل مهمة تحقيق السلام والاستقرار في الولاية وإزالة كل العقبات التي تعترض مواطنها.