حزب الأمة القومي: يجب الإسراع في تنفيذ ما اتفق عليه بين كباشي والحلو    مؤتمر القمة الإسلامي يحذر من أي تدخل خارجي في السودان واحترام وحدة وسيادة أراضيه    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    الأمم المتحدة: آلاف اللاجئين السودانيين مازالو يعبرون الحدود يومياً    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى «25» مايو اللواء الركن «م» عمر محكر يواصل جديد الاعترافات (2)

«أنت يا مايو بطاقتنا التي ضاعت سنيناً» «وكنت يا مايو الخلاص وفي حكاياتنا مايو» «وعشان نبني اشتراكية ونرفع راية هم خلوها فوق السارية متكية» هذه وغيرها هي أغنيات من أشعار مايو الحمراء، من ذاك العهد الذي عرف بالمواجهات والصراعات الدموية بين مفجري الثورة التي تمر ذكراها هذه الأيام ومناهضيها، انقلب العسكر على أنفسهم وانتصر فريق على آخر، ضُرب اليسار القابض ضربة قاضية وانقلب السحر على الساحر، انطفأت الشمعة الحمراء لتدخل مايو بمن تبقى في قيادة ثورتها مرحلة جديدة من عمرها قوامها الوسطية والقومية وما عرف بتحالف قوى الشعب العاملة، مرحلتها تلك شهدت هي الأخرى عدة انقلابات وحركات دموية مسلحة، منها انقلاب المقدم حسن حسين وحركة يوليو 1976م المسلحة والتي أُطلق عليها اسم «المرتزقة»، لتدخل مايو من بعد ذلك مرحلة المصالحة الوطنية والتي لم تصمد هي الأخرى كثيراً لانعدام الثقة بين الجانبين، وانتهى جوهر ومضمون المصالحة.
وفي أواخر عمرها انتهت مايو بالحقبة اليمينية التي تم فيها تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية، والتقت مع الإسلاميين الذين انخرطوا في مؤسسات مايو بدءاً من القصر الجمهوري والاتحاد الاشتراكي والبرلمان، ولكن انقلب جعفر نميري عليهم وزج بهم في السجون وهي المرحلة التي تلتها الانتفاضة الشعبية التي اقتلعت حكم مايو في العام 1985م.. بين يدي الذكرى جلسنا إلى اللواء «م» عمر محكر السكرتير الخاص لرئيس مجلس قيادة ثورة مايو والذي صار لاحقاً مديراً لمكتبه في رئاسة الجمهورية.. الرجل مشكوراً خصنا بإفادات ثرة حول مايو قبل أن تكون فكرة إلى أن صارت ثورة وعن كل المحطات التي مرت بها.في هذه الحلقة تتوالى الأسئلة والإجابات...
قلت إن انقلاب الشيوعيين صباح نفس يومه، من خلال تقرير لضابط الاستخبارات بالقصر، متى اضطلع نميري على هذا التقرير؟
اضطلع عليه بعد الساعة السابعة والنصف صباحاً والانقلاب كان الثالثة بعد الظهر.
وماذا كان تعليق نميري هنا؟
نظر إليّ وقال ألا تعتقد يا عمر محكر أن هناك روتيناً ثقيلاً نعيش فيه، إذهب لإكمال ترتيب الزيارة لكوستي ودعك من هذا «الكلام الفارغ». فمضيت للتجهيز للزيارة ومضى اليوم وانتهينا من التجهيزات، وعندما جاءت الساعة الواحدة طلبت تجهيز وجبة غداء من المنزل، ولكن عند الساعة الثالثة حاولت الاتصال بالمنزل لإلغاء فكرة الغداء وحينها وجدت كل الهواتف بالقصر الجمهوري قد تم قطعها، فخرجت من المكتب ووجدت عريف يدعى حسن وهو في هيئة عمليات عسكرية مع وجود حركة للدبابات داخل القصر، فقلت له ما الحكاية، فقال لي يا سعادتك هناك تعليمات للدفاع حول القصر. ونميري قبل ذلك بقليل كان قد غادر مكتبه إلى منزله، فذهبت لقائد الحرس عثمان أبو شيبة والذي كان رجل صديق بالنسبة لي، فقال لي يا عمر محكر «جيت براك أم جاءوا بك» فهذه العبارة أشعلت في دواخلي نيران فظيعة، وقلت له يا عثمان هل أنا من هذه النوعية فضحك وقتها وقال لي تعال، وأنا جالس معه جاء مساعد بالحرس الجمهوري وقدم التمام وقال لقد استلمنا الإذاعة بدون مقاومة، فقلت يا عثمان ما الذي تفعلونه، فقال لي يا عمر أخي أنا بعد هذا ليس لي معك أي حديث، فلو عندك أي سؤال إذهب لهاشم العطا، وللذكرى والتاريخ أقول هنا إن الرئيس جعفر نميري كان دائماً ما يحذر هاشم العطا وفاروق حمدنا اللَّه وذلك لصلتهم بالسفارة السوفيتية ونقل أجندة اجتماع مجلس قيادة الثورة أول بأول وأحياناً تذهب المعلومات قبل أن ينتهي الاجتماع، وأذكر أن نميري كان يتحدث طوال الستة أشهر منذ قيام الثورة في هذا الموضوع، إلى أن وصل به الحد للتهديد بفصلهم من المجلس ذلك عندما قال لهم وأنا حاضر وشاهد وقتها «بهذه الطريقة سأجد نفسي مضطراً لفصلكم». إلى أن جاء قرار فصلهم من المجلس.
هذا يعني أن نميري كان رافضاً تسليم أسرار مجلس قيادة الثورة للسفارة السوفيتية وقتذاك؟
نعم.. كان رافضاً لذلك وهذا هو السبب الذي قاده لاتخاذ هذا القرار، فهم مكنوا السوفيت من اختراق المجلس. فجميع اجتماعات المجلس ومداولاته كانت منقولة للسفارة السوفيتية. أعود لمسألة الانقلاب وأقول إنني عندما ذهبت لهاشم العطا في القيادة العامة فوجدت كل ضباط القيادة في مكتب القائد العام، فقدموا لي التحية العسكرية لأنهم كانوا يعتقدون أنني مع الانقلابيين، وعندما قمت بفتح الباب للداخل وجدت كل الضباط الكبار جاري التحفظ عليهم، فعندما جاء هاشم العطا من الإذاعة قال لي أين أنت وكيف هو حالك، فسألته ما الذي يحدث ووقتها تذكرت تقرير ضابط الاستخبارات الذي تم رفعه للرئيس، أجاب عليّ هاشم العطا بقوله نحن في أشد الحاجة لك يا عمر محكر ونريدك بأي طريقة.
عناية المولى عز وجل أخرجتك إذن من الانضمام لانقلاب هاشم العطا أليس كذلك؟
صحيح.. قلت له يا هاشم هذا انقلاب شيوعي والشيوعيين من المستحيل أن يحكموا السودان، وما قمتم به عملية ستنتهي بسرعة ونهايتها لن تكون حميدة، فدعوته للتراجع عن هذه الخطوة حتى لا تدفع القوات المسلحة في كل مرة المزيد من الضحايا، فلم ينقطع عشمه بعد وقال يا أخي عمر محكر نحن نحتاج إليك لأن تكون معنا، فقلت لست أنا فقط الذي أرفض هذا الفكر بل أي سوداني يرفض رفضاً باتاً الشيوعية فكراً وتوجهاً وقبل أن أنصرف منه وأنهي اللقاء قال لي «البقاء للأصلح» فتوجهت بعد ذلك للمنزل ووجدته في حالة غريبة حيث تم تفتيش كل شيء داخل المنزل، فذهبت لهاشم العطا مرة أخرى وقلت له إذا كنت أنا مطلوب للاعتقال من جانبكم فأنا جاهز ولا داعي لمحاولات تفتيش المنزل بهذه الصورة، فقال لي ليس لي شيء تجاهك وفقط كنت أطمع في مساعدتك لي، وأنا حتى هذه اللحظة لم أصدر أي أمر فيما يخص اعتقالك، وقال أنا سأستدعي الذين ذهبوا إليك في المنزل وسأحاسبهم، فكنا حقيقة نريد احتواء الموقف لأن المشاعر كانت بين كل الضباط طيبة، ولكن للأسف حدث ما حدث، بعد ذلك لم ننقطع من القيادة العامة بل كنا نجتمع وننسق، وكل العمل الذي قمنا به في القيادة من أجل عودة مايو كان من داخل كافتيريا القيادة العامة، فكنا مشغولين بعودة مايو ولذلك نجحت مجهوداتنا.
عندما تم اعتقال جعفر نميري لماذا لم يتعرض لأي أذى؟
الضابط الذي كلف بذلك كان مسؤولاً من حماية نميري أكثر من حراسته وذات الضابط هو الذي قام بإخراج نميري في اليوم الثالث، وعندما فشل الانقلاب وعادت مايو وتمت المحاكمات قال نميري للضابط المكلف باعتقاله إنني لن أحاكمك ولكن سأطردك من الخدمة لأنك خنت جماعتك.
هل ندمت القيادة السياسية والعسكرية على المحاكمات السريعة التي تمت للانقلابيين العسكريين من إعدامات أخذت في رجليها سياسيين مدنيين؟
حقيقة نحن جميعنا كنا ضد المحاكمات بالإعدام ذلك جَراء الصدمة التي حدثت لنا من قتل زملائنا لأن الدماء التي سالت في قصر الضيافة كانت هي عبارة عن تصرف فردي ولم تكن من تصرفات قادة الانقلاب، فملازم طائش ومعه ضابط آخر هما السبب في كل ذلك «مجذرة بيت الضيافة»، فأنا قمت بمساعي لتفادي إعدام هاشم العطا ومن معه وذلك بموافقة نميري ولكن للأسف كانت المحاكمات قد تمت.
ما الذي حدث بعد الإعدامات ونهاية الانقلاب وكسر اليسار؟
سارت مايو بعد ذلك بما تبقى من اليساريين المعتدلين من المدنيين والذين كانوا متأثرين تماماً مما حدث، ولكن داخل القوات المسلحة لم يكن هناك تأثير لأنه لم يكن هناك أثر للحزب الشيوعي في القوات المسلحة، لأنه من كل عددية الضباط كان هناك عدد أربعة ضباط فقط محسوبين على الحزب الشيوعي وذلك ممن كانوا هم قادة الانقلاب، فسارت مايو بعد ذلك لأنه كان هناك التفاف حول نميري وهذه بدورها أكسبت مايو أرضية أكثر في القوات المسلحة، ومما ساعد على استقرار مايو أنه لم يكن هناك للقوات المسلحة ميول تجاه أي جهة سياسية، فلم تكن لدينا ثقة في كل الأحزاب السياسية الرئيسة أو غيرها.
محطة انقلاب المقدم حسن حسين ماذا تقول هنا فيها؟
حسن حسين رجل صديق بالنسبة لنا، وعندما حدثت المحاولة الانقلابية أجريت اتصالاً بمدير الاستخبارات العسكرية السر محمد أحمد فقال لي لقد فعلها حسن حسين، وحقيقة إحباط هذا الانقلاب لم يكلفنا أكثر من ساعة ونصف، فعند سماعنا للخبر تحركت أنا وكمال خضر للشجرة وقمنا بإحباط المحاولة.
هناك من يقول من أسباب فشل انقلاب المقدم حسن حسين كان هو انسحاب الخلايا الرئيسة الداعمة للانقلاب في اللحظة الأخيرة. أصحيح هذا؟
ليس خلايا رئيسة بل الذي أفشل الانقلاب هو أنه لم تكن لديه قوة يمكنها أن تغير النظام، فالقوة التي تحرك بها كانت من الشجرة ومتجهة نحو الإذاعة.
هل كان له سند سياسي؟
لم يكن لحسن حسين أي سند سياسي ولم يكن معروفاً كما لم تكن لديه فكرة.
طالما كان الأمر كذلك فلماذا دفع الإسلاميون ثمن هذا الانقلاب عندما زج نميري ببعضهم في السجون بتهمة علاقتهم بهذا الانقلاب؟
الإسلاميون في أي شيء تجدهم موجودين، فهم دائماً ما يتغلغلون في أي مخطط وبالذات في حركة يوليو «1976م» المسلحة ضد مايو مع أنهم مضطهدون من الأحزاب الأخرى.
هل حركة يوليو «1976م» المسلحة ضد مايو «المرتزقة» هي التي أفقدت من بعد ذلك تعاطف القوات المسلحة التاريخي مع الصادق المهدي خاصة أن الأخير كان له حاجز نفسي بينه وبين القوات المسلحة على جراء تلك المحاولة، وحتى عندما كان رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع حاول كسر هذا الحاجز النفسي بالفريق أول عبد الماجد حامد خليل. ذلك في أثر حركة «1976م» تركت ظلالاً عانى منها أيضاً د. الترابي نفسه فهل تتفق معنا في هذا القول؟
حقيقة حتى قبل العام «1976م» نفسه لم يكن هناك وجود ولا قيمة لأي سياسي داخل القوات المسلحة، وأنا هنا أذكر لك حادثة مهمة جداً في تلك الأعوام الأولى من الثورة، ففي ذات يوم قال لي نميري إن قوات الأمن اعتقلت الصادق المهدي ووقتها كنت أنا سكرتير جعفر نميري الخاص، فقال لي يا عمر محكر الصادق سيذهب إلى جبيت وأريد منك أن تكون قائد حراسته وعلى الرغم من أنني أحتاج إليك هنا إلا أن هذا الأمر يهمني أيضاً، فقلت له ماذا تريد بالصادق المهدي فقال لي إن أي ضابط آخر ستكون هذه هي إجابته، وأنا والحديث لجعفر نميري أوكلت لك هذه المهمة تحديداً لأنك دائماً ما تحترم رأيي، وأنا لا أريد للصادق المهدي أن يموت. وبالفعل ذهبنا إلى جبيت وعاملناه معاملة كريمة تشهد عليها أسرته إلى أن صدر القرار بإطلاق سراحه، أما حركة يوليو «1976م» فهي أفقدت الصادق المهدي كل شيء في القوات المسلحة وكذلك الترابي.
لقد قلت إن مايو انتهت عملياً في العام «1980م» بل إنكم شيعتموها في ذلك التاريخ ما هي البواعث التي أوصلتكم إلى هذه الفرضية خاصة أن مايو قد انتهت في العام «1985م» كما هو معروف؟
حقيقة تغلغل الاتجاه الإسلامي وقوانين سبتمبر ومحاكم العدالة الناجزة، كل هذه الأشياء كانت تستفذنا تماماً وقلناها بالصوت الواضح كعسكريين موالين لمايو، وقلناها للرئيس نميري، ونحن في الآخر لم تتبقَ لنا إلا الثقة في النميري واحترامنا له ولولا ذلك لكان لنا ما كان من مواقف.
بوصفك أحد المقربين من نميري ماذا كان يكره وماذا يريد؟
كان يكره ما يكره المتملقين والحرامية.
ماذا عن محطة المصالحة الوطنية؟
حقيقة لقد رحبنا بإخواننا في المصالحة الوطنية في العام «1976م» والأعوام الأخرى، ووضح لنا بما لا يدع مجالاً للشك أنهم أناس يريدون القفز على السلطة على أكتاف مايو وجعفر نميري، وكنت أنا أتحدث مع جعفر نميري حول هذه المسائل كثير جداً وحتى إخواننا الوزراء لو أرادوا التعبير عن شيء أو إيصال رأي كانوا يستعينون بي في إيصاله لنميري فكانوا على دوام على اتصال بي وخاصة في المسائل الصعبة. وأذكر على سبيل المثال هنا وكنت وقتها خارج مايو، اتصل بي الرشيد الطاهر بكر وأحمد عبد الحليم وفيصل محمد عبد الرحمن وقال لي أحضر إلينا في مجلس الشعب لأمر ضروري، فذهبت لهم وقالوا لي في تلك المقابلة إنهم علموا أن محمود محمد طه سيعدم ولا أحد يناكف الرئيس غيرك فإذهب لجعفر نميري ليتم لحاق ما يمكن لحاقه، فلم أجلس لحظة عندما سمعت الخبر وقلت لهم إن محمود محمد طه كان ساعدنا الأول في مايو ويعتبر من الأيادي التي خدمت مايو فكرياً وجماهيرياً، فذهبت على الفور لمجلس الوزراء وقابلت جعفر نميري واستقبلني بحرارة شديدة بعد أن سألني أين إنت وأين كنت، فقلت له الآن أنا قادم إليك لشيء مهم ألا وهو إعدام محمود محمد طه حسب ما جاء في الأخبار، فقلت لجعفر نميري ما الحكاية ولماذا تريدون إعدامه، فأذكر أن نميري وقبل أن يقوم بالرد على سؤالي أخرج مفتاحاً من جيبه يخص الخزنة التي بمكتبه، وبالفعل قام بفتح الخزنة وأخرج ملف قضية محمود محمد طه، وقال لي لقد ظللت لمدة أربعة أيام أقرأ حيثيات الملف لأجد حتى ولو ثغرة واحدة تخرج محمود من الإعدام فلم أجدها، وقال لي هؤلاء الناس لم يتركوا أي ثغرة في هذا الملف، وعندما خرجت منه علمت أنه قد تم تنفيذ قرار الإعدام.
قصة نميري أنه كان دكتاتوراً وسفاحاً وما لغير ذلك من صفات كانت تملأ الشارع السياسي هل كان هذا صحيحاً؟
نميري رجل عطوف ولو كان دكتاتوراً لما كنا نحن معه، ولو كان منافقاً أو كذاباً لما كنا معه أيضاً.
ماذا عن رواية ضربه للوزراء؟
هذه الشائعة هي إساءة للوزراء أنفسهم، فأنا على صلة مباشرة مع جعفر نميري منذ العام «1964م» إلى العام «1982م» فلا أعرف فيه هذه الصفات.
هل عرفت مايو الفساد المالي؟
أنا استغرب جداً من كلمة فساد ونحن كعسكريين هذه الكلمة لا توجد في قاموسنا، فلا يوجد فساد في مايو ولا أحد يجرؤ على مثل الفعل، فلا أحد يمكنه أن يفسد في مايو.
كيف تغلغل د. بهاء الدين محمد إدريس وسيطر على نميري؟
لقد عدت يوماً لمنزلي من رحلة شاقة للشمالية للتحضير لزيارة الرئيس، فجئت وأنا مرهق وقلت لأهل بيتي أريد أن أخلد إلى النوم لمدة ساعتين، وبعد أن استيقظت لصلاة العصر قيل لي إن هناك شخصاً مكث وقتاً طويلاً ويريد مقابلتك وكان وقتها هذا الشخص هو د. بهاء الدين محمد إدريس، وأنا حقيقة لم أكن أعرفه فقلت له الآن أنا مشغول وهذا هو الكرت الشخصي لتقابلني به في القصر لنرى ماذا تريد، جاءني وقال لي لقد كنت أستاذاً بجامعة الخرطوم وتم فصلي من الجامعة دون محاكمة وهذه مظلمتي للرئيس، فعرضت على جعفر نميري المظلمة، فقال لي جعفر نميري وقتها طالما تم فصل هذا الرجل ولم يحاكم فأبحثوا له عن وظيفة، فقلت له جيد وتحركت في اتجاه البحث له عن وظيفة، ولمدة ثلاثة أشهر لم نترك وزارة إلا وطرقنا أبوابها أو مؤسسة لكن الكل رفض استيعابه، فقلت للرئيس إننا لم نجد أي طريقة لهذا الشخص، فقال لي جعفر نميري هل توجد مؤسسات تابعة لنا فقلت له نعم ووقتها أنشأنا المجلس القومي للبحوث، فاتصلت بالمدير فقال لي أرجو أن تبعدوا مني هذا الشخص، فأجبته بأن الموافقة هنا هي موافقة رئيس وبالفعل تم تعيينه في المجلس القومي للبحوث، وهذا الإجراء تم قبل افتتاح المجلس نفسه، وبعد شهرين ذهبنا لافتتاح المجلس فأعجب جعفر نميري بحنكة د. بهاء الدين وخطابته وتنظيمه للاحتفال، فقام بتعيينه بعد ذلك وزير دولة بمجلس الوزراء.
ما صحة ما أُشيع من أن د. بهاء الدين هو الذي وضع الحواجز بين نميري والمخلصين من العسكريين الموالين لمايو؟
صحيح هو من وضع الحواجز وفقاً لما ذكرت، وأنا وقتها شعرت بأن هذا الرجل كان دوماً يذهب لمنزل الرئيس لدرجة تشعرك بأنه أحد أفراد الأسرة، بعدها جاء قرار تعيينه وزيراً برئاسة الجمهورية، فاستقبلناه بصورة طيبة ولكن الرجل تغلغل رويداً رويداً إلى أن صنع العديد من الحواجز.
ماذا عن اتهام د. بهاء الدين بأنه كان وراء تقاعد القادة العسكريين المخلصين لمايو والذين كان يتقدمهم الفريق أول عبد الماجد حامد خليل؟
أذكر يوماً أنني ذهبت مع الرئيس لاجتماع لهيئة القيادة دعا له الفريق أول عبد الماجد حامد خليل، ونحن في العربة مع الرئيس قبل الوصول للقيادة العامة قال لي هناك خطاب مع د. بهاء الدين إذهب إليه وأحضره لي، فأرسلت شخصاً لبهاء الدين وذلك للإتيان بالخطاب فعندما رأى الشخص الذي أرسلته فحوى الخطاب تأثر كثيراً، وكان نميري وقتها يسألني أين الخطاب أسرعوا به، فجاء الخطاب في ظرف عادي والذي كان في هذا الخطاب هو إحالة «22» ضابط للتقاعد، فلم أسأل الرئيس إلا عندما وصلنا للمنزل وقلت له منذ متى د. بهاء الدين صار يحيل ضباط للمعاش، فكان رده من قال لك هذا، قلت له من الطريقة التي جاء بها الخطاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.