تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بديل للإسرائيليات: لا جدوى من القيام على نعجة..الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري
نشر في الانتباهة يوم 29 - 05 - 2014

في القصص القرآني تطبيق للنص وتمثيل لهديه وهديه لا يقتصر على الآخرة بل نحن الأمة التي تدعو (اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا)، جاء القرآن بصلاح المعاش والمعاد وبأدب الدنيا والدين، فأنه لولا الدين لما تعافى نوع الإنسان وما كثر. من هذا الباب هذا العنوان لا جدوى من القيام على نعجة!! (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب) سورة ص الآية «23»، ظاهر الآية يشير إلى طمع فيما عند الأخ والآخر! ومروي التفسير يشير إلى ما هو أعظم، مما نحمي المنابر والمسامع من ترداده. ونقول إن هدي القرآن يعلمنا التربية بل دراسة الجدوى على حد العبارة، فهي من مطلوبات الاستثمار، التربية هي تربية الإنسان «التربية والتعليم» ولكن أهل البيطرة يعرفون تربية الحيوان فهذه الآيات من سورة «ص» في تربية الحيوان، رب العزة سبحانه ختم هذه الآيات بالتدبر أو بالدعوة للتدبر (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) سورة ص الآية «29»، ما فتح اللَّه من معنى في هذه الآيات هو من بركة التدبر، أن التدبر يبارك لنا في القرآن، وبوُرك لنا فيه حيث وجدنا ما نسميه دراسة الجدوى وهي للاستثمار خطة لازمة، وبها نفينا ما لا يليق وقد بلغ عشرين صفحة من المرويات.
الخلطة
الخلطة صيغة في الشراكة، زراعية ورعوية وتجارية وفي الآية ذكر الخلطاء الذين قال أحدهما للآخر «أكفلنيها» لأنه يملك تسعة وتسعين والآخر يملك واحدة، لم يقل له هبنيها ولم يقل بعنيها، الكافل هو الذي يقوم على الأصل ويضمن الناتج بنسبة للإدارة، و«عزّني في الخطاب» كلمة عزّ مستخدمة في اللسان بمعنى غلب ولكنه غلبني في الجدوى، غلبني في الحديث أي قدم حديثاً أرجح وأكثر اقناعاً، يقول له: أخي لا معنى لأن تقوم على نعجة، هل لنعجة واحدة تتخذ راعياً وفحلاً ومشرباً للماء «وزريبة»! فالإنسان لا يقوم على نعجة فهي لا تصلح إلا قطيعاً. في التفاسير إن النعجة هي المرأة ونقطع بأنه لا علاقة للمرأة بالنعجة وإنما يُقصد بها أنثى الضأن ليس غير.
في دراسة الجدوى هناك ما يسمى الأهلاك، إذا حدث أهلاك لصاحب النعجة الواحدة ينتقل من المائة إلى صفر!، لكن إذا كانت نعجته في القطيع الذي فيه مئة فماتت واحدة، يصبح له واحدة، في التسعة والتسعين. الفحل هو مختار أهل السودان كما هو في الخروف الحمري، هؤلاء يعرفون كيف يقصون الفحول غير الفحول ويختارون واحداً يكون للمراح ليضمنوا النجابة، حتى ليصير كالعجل بما يحدث من تهجين وهذا معروف في علم البيطرة، هؤلاء رعاة هداهم لذلك (الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) سورة طه الآية «50»، فهذا الأخ لم يظلم أخاه، إنما كان منصفاً له، فلا معنى أن تقوم على نعجة واحدة بلغة الاقتصاد، وهو الحق مطلوب الإدعاء (فأحكم بيننا بالحق ولا تشطط وأهدنا إلى سواء الصراط) سورة ص الآية «22».
ما الذي استغفر منه نبي اللَّه داود؟ استغفر لأنه أثر الخلوة، إذا رجعنا إلى النص قبل الحديث عن النعجة، الحديث عن الذكر (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق) سورة ص الآية «18»، (يا جبال أوّبي معه والطير) سورة سبأ الآية «10»، والذي يترنم ذكراً تتجاوب معه المادة الصماء يحب هذا الذكر ويؤثر الخلوة ولأجل ذلك تسوروا عليه المحراب، في بعض التفاسير إنهم ملائكة، لو كانوا ملائكة لما تسوروا، فالملائكة تخترق فهي نور وأشعة لا تحجزها الأبواب، هذا يسمى في الإدارة حجاب والحجاب مضر بالحكم والقضاء! إنه احتجب فاضطروا أن يتسوروا لأجل ذلك فزع منهم! لا أحد يجروء أن يدخل على نبي اللَّه في خلوته لكنه الامتحان والفتنة (وظن داود أنما فتناه) سورة ص الآية «24»، لم يفتنه بتمثيل نزاع كما في التفاسير، وإنما بنزاع حقيقي يحتاج إلى الفصل أو الصلح.
في آخر الآيات (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) سورة ص الآية «26»، ما هو الهوى هل هو ما جاء في قصص بني إسرائيل التي احتلت هامش المصحف، حتى أنني قلت أن إسرائيل قبل أن تحتل الحرم الشريف احتلت المصحف الشريف، فقد تدوولت هذه الإسرائيليات وما فيها لا يليق بعامة المؤمنين فكيف ننسبه لأنبيائنا؟ لكن بني إسرائيل حتى الأنبياء نسبوا لهم ما لا يليق (ولا تكونوا كالذين آذوا موسى) سورة الأحزاب الآية «69»، الهوى هنا إنما يراد به العاطفة. يجب على كل حاكم عدم إصدار حكمه دون السماع إلى الطرف الآخر، داود استمع إلى طرف واحد ولم يستمع إلى الآخر وتابع العاطفة انفعالاً بما سمع فقال: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) سورة ص «24». يبدوا إن داود عليه السلام تفوق في الصّنع والذكر بينما ابنه سليمان تفوق في القضاء، وهذه قضية قطاع حيواني حيواني، في قضية الصراع الحيواني النباتي ورد (ففهمناها سليمان) سورة الأنبياء الآية «79» ولها حديث آخر.
أما حديث النعجة فإن اللَّه يعلمنا لصلاح دنيانا الجدوى في الاستثمار. إننا ندعوا أهل الاختصاص أن يدرسوا العدد مئة ومفردات المئة من عشرة ومضاعفاتها، لأننا بلد بحمد اللَّه له ملايين الرؤوس من الأنعام وأكثرها من الضأن. حين يربي الإنسان يبحث عن الأمهات، الآن الذي يريد أن يربي أبقاراً ودواجن يأتي بالأمهات من هولندا. ولأجل ذلك ذُكرت في هذه الآية النعجة، في «الأنعام» ذكرت الأنعام بأنواعها وأزواجها (من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) سورة الأنعام «143»، أما في قصة «صاد» فذكرت النعجة لأن الموضوع موضوع تربية أقول ذلك ليقطع معنا أهل العلم بأن ربنا يعلمنا كيف نربي وكيف نستثمر، وما هو الأجدى في الاستثمار. هذه الفنيات التي نظنها من محدثات العصر فإذا بها سْبقُ الوحي هدىً للناس، نعم الناس بالتخصص وصلوا إلى فرعيات ودراسات تفصيلية، لكن الهداية العامة ليعرفوا الطريق ويتركوا تقديس الحيوان، يستخدمونه ويستأنسونه كل ذلك من هدى الدين الذي هدانا أن نعبّد الطبيعة لا أن نعُبدها (والأنعام خلقها لكم) سورة النحل الآية «5»، (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً) سورة الجاثية الآية «13». حتى الآن ذبائح الهند تهرّب إلى بنغلاديش لتذبح! وقطار الهند سائقه مسلم حتى لا يقتل الركاب بسبب البقر المقدس.
السودان معني بهذه الدراسة
ما تداولناه عن جدوى التربية هو نص من كتاب اللَّه إلا أنّ له مع واقعنا صلة، فأهل السودان أهل زراعة بنسبة «70%»، «40%» منهم يعتمدون على الزراعة الحيوانية فالحيوان أيضاً زراعة، جملة ما في السودان من أنعام «140» مليون رأس، وبهذه النسبة السودان يملك «20%» من الثروة الحيوانية الإفريقية و«40%» مما تملكه البلاد العربية بما فيها الشمال إفريقية، وبالنسبة للاقتصاد القومي يساهم القطاع الحيواني بنسبة «20%» من إجمالي الناتج المحلي وبنسبة «23.1» من إجمالي دخل البلاد من النقد الأجنبي أي ربع دخل السودان الأجنبي من هذه الأنعام، ويعزي نصف إجمالي الناتج الزراعي للقطاع الحيواني، «50%» من كل الزراعة حيوان!
فنحن إذن لسنا بعيدين من هذه الآية أن البعض يريد للقرآن أن يكون كتاباً كلاسكياً وأن تكون مفرداته غريبة ومذكوراته قد ذهبت مع التاريخ، لكن سبحان اللَّه ما تزال الأنعام هي الأنعام والنعجة هي النعجة وما يزال السواكني هو المطلوب الأول في السعودية والخليج. فنحن ندعوا إلى إعمال قاعدة المائة ليبارك لنا في هذا المصدر المتجدد، فالبترول إلى نضوب، بينما الزراعة إلى قيام الساعة! كما في حديث الفسيلة.
البعض يقول بأن الدولة تعطي الزراعة والزراعة لا تعطي الدولة والأنعام تعطي الدولة والدولة لا تعطي الأنعام؟ بمعنى أن المجهود الحكومي اتجاه الأنعام محدود بينما الناتج كبير، بينما المجهود الحكومي مع الزراعة مثل القطاع المروي كبير ولكن الناتج قليل، إذن المطلوب إصلاحاً أن نعطي هذا القطاع حتى يزيد عطاؤه بقاعدة (كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً) سورة الكهف الآية «32»، وقاعدة (تسعة وتسعون نعجة) سورة ص الآية «23»، و(اني أرى سبع بقرات سمان) سورة يوسف الآية «43»، وهل للسبعة من البقر مدلول في التربية مثل المائة نعجة؟ أم أن السبعة رمز للسنين فقط، نحيل البحث لأهل ال «14 * 7» يقارب المائة. والفرق بين النوعين البقر والغنم هو فرق في الحجم والعائد.
دعول للحلول
في هذا الموسم ظهر ما سُمي (الأضحية بالأقساط) لقد سأل الناس هل يجوز؟ سُرَ الموظفون بالفتوى لأن الدَّين اسلوب شرعي للتملك فلا بأس، قلت أحسن من ذلك أن نستقبل الأضحية بالإعداد لها أن نحملها على السنة القادمة، البعض أخذ الدَّين على آخر السنة المالية لتستمر معه الأقساط إلى الأضحية القادمة، أحسن من ذلك ما كان يفعله أهلنا مما يسمى «دعول للحول» تربية حمل من أول السنة عندما يأتي وقت الأضحية يكون قد صار دعولاً أي سميناً حتى النساء يتبارين أيهن كبشها أكثر دهناً، أليس ذلك أفضل من أن نحمل الأضحية على المرتب أو على الكتف بشعار الدَّين في الكتوف والأصل معروف! ونستقبل السنة بخصوم على عبادة سلفت، بينما الأحزم والأحسن للاقتصاد أن نوسع قاعدة المنتجين بأن نحول المستهلك والمتعبد إلى منتج عن طريق التمويل بدل الدَّين، فالتمويل لغد بينما الدَّين ذمة. أصبحت الحياة الحضرية تجعل الإنسان كما يقال «بطال» ليس لديه عمل وأصبح إنسان المدينة ليس لديه إضافة للاقتصاد، يمكن لأهل الريف أن يمارسوا تربية الحيوان بتربية كبش الأضحية، فإن جزءاً كبيراً من الخرطوم ريف، ولا يظن أننا ندعوا كل أحد أن يجعل في بيته كبشاً، في وقت قلنا لا جدوى من نعجة؟ ففي الريف نظام المراح حيث يمر الراعي في الصباح وتسرح مع مراحه أنعام الناس فلكل أسرة يكون نصيب في القطيع بمنطق «أكفلنيها» وبشراكة الخلطة.
بالزكاة نوسع قاعدة الملاك
لنا في الزكاة أسوة لأن الزكاة تعطي إناثاً خاصة الأبل: حقة، بنت مخاض، بنت لبون وجزعة، كلها أسنان إبل وكلها إناث والإنسان لما يعُطى أنثى لا ليذبحها بل ليستفيد من لبنها، يربيها وينتج منها، وإذا كان الخريف صحيحاً سوف تتنامى في السنة الواحدة تلد أكثر من «بطن» خاصة الضأن موضوع الدراسة. نستطيع أن نوسع قاعدة الإنتاج بمزيد من التمليك وما أرى الزكاة إلا من هذا الباب. لا يظن البعض إننا في الزكاة نعطي الفقراء ليظلوا فقراء تكريساً للفقر! بل نريد أن نؤهلهم حتى يغنوا. وأذكر أن ديوان الزكاة أعطى بعض الأسر ثلاثين من الضأن فمشوا في الطريق ووصلوا إلى مائة نعجة، يمكن أن يكون القياس من عشرة، من مَلك عشرة فقد تأهل للمائة كما قالت «أم شوائل» إن أمها إنما أرادت لها الغنى لما سمتها أم شوائل.
مثال للتمويل الصغير
لدينا نظام التمويل الصغير والأصغر يمكن في الريف أن يكون بتمليك الأناتي، فالنعجة هي الأقل كلفة، يمكن لإنسان بخمسمائة جنيه أن يشتري نعجة وإذا إشترى عشر نعاج بالتمويل الصغير سيصبح له قطيع وإذا ضاعفنا عشرة في عشرة يصبح السقف القرآني مائة نعجة وهذه هي الجدوى التي طلبنا أن تدرس بل وتعتمد.
هل يعارض ما قررناه من جدوى تربية القطيع حديث: (الشاة في البيت بركة والشاتان بركتان والثلاثة غنى)؟. ألم أقل أن الدين جاء ليصلح معاشنا ومعادنا، ما معنى الشاة في البيت بركة؟ لماذا لم يقل صلى اللَّه عليه وسلم فقط الشاة بركة وإنما قال الشاة في البيت بركة؟ لأن من ضمن مصطلحات الاقتصاد ما يسمى التدوير، غالباً في البيت يرمى ببقايا الخضر والطعام لكن عندما تربى الشاة في البيت يستفاد من بقايا تلك الخضر بإطعامها هذه العجماوات التي بدورها تدورها لبناً ولحماً، هذا هو مدلول (الشاة في البيت بركة). يمكن لأهل التمويل أن يجعلوا من الحد النبوي حداً للتمويل الصغير، ثلاث نعجات لا يتجاوز سعرها الألف! ويمكن أن تُمنح للأسرة فتتحول إلى أسرة منتجة بنقلها من الفقر إلى الغنى. ألسنا ندعوا إلى مكافحة الفقر؟ ففي القطيع إذن جدوى التكثير وفي الداجن جدوى التدوير.
قبل الأضحية كان هناك هلع لغلائها، حتى إن جمعيات حماية المستهلك أعلنت مقاطعة اللحوم هذا ليس في القاهرة وإنما في الخرطوم!، والسبب التربية لأن أهل الحيوان هم أحرار لا يبيعونها في الوقت الذي فيه مرعى بل يبيعونها عند وقت المحل والجفاف، الشكوى كانت أثناء الخريف. إذن إذا ربينا بهائم خارج النطاق الرعوي في مجمعات كما تربى الدواجن أو في بيوت في الريف نستطيع أن نوفر للفجوة ما ندخره من حيوان حي دعك من أن نتخذ لحوماً مجمدة كما يتعاطى البعض في العالم اللحوم المجمدة ونحن لا نحب هذا النوع من الغذاء. نريد للقطاع المروي بالتسمين أن يسد ثغرة غلاء اللحوم في موسم الرعي يوليو من كل عام
حدثني مختص بأنهم في الشركة العربية بالدمازين بعد الحصاد حيث يبقى في الحقل «5%» من الحبوب أنهم أدخلوا الضأن في الحقل الذي فيه مخلفات الذرة وبعد ثلاثة أشهر زاد وزن الحيوان «30%». يمكن للدولة أن توجه أهل الصادر بأن لا يأتي ساذجاً من البادية إلى الميناء! وإنما لمحاجر التسمين. في السودان مواد التسمين من مولاص وأمباز يمكن بها أن يركز الغذاء بما يجعل الحيوان يزن في وقت وجيز. الآن أهل الدواجن يذبحون في «45» يوماً! نستطيع أن نزيد وزن الحيوان في ضعفها من الزمن وبالتالي نضاعف هذه الثروة المباركة أصلاً. مشروع سوبا بالخرطوم والسليت ببحري كلاهما كان لتسمين الماشية لكنها تحولت إلى حيازات صغيرة ونُسي الغرض الكبير!.
الخلاصة
إن إصلاحاً لهذا القطاع بالتربية يصلح اقتصاد الأسرة واقتصاد الإقليم والبلد، ويمكن به أن نصدر أكثر إلى جيراننا الذين يأكلون من أوربا اللحوم المجمدة كما في مصر التي تحتاج إلى مليون طن من اللحوم! في الماضي كان القول (أهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم) سورة البقرة الآية «61». واليوم صرنا نحن وإياهم نهبط أمصارا نسأل الهبات، كنا هبة النيل فأصبحنا هبة الهبات.
حدثني الشاطر أن العجول التي هداها الرئيس البشير للثورة المصرية في أول عهدها كانت من إنتاج الخريجين بالجامعة الإسلامية «5000» رأس قد حبسها عن السوق المصرية المستوردون للحوم الأوربية المجمدة بفعل الدولة العميقة. فرحمة اللَّه وفضله ندعوا لهذا الوادي الذي يحتاج إلى تخطيط يوسف حتى يتجاوز أزماته، وإلى حكمة داود حتى يستغفر من الغفلة عن جدوى التربية، حكمة القطيع وبركة الداجن. وإلى فهم سليمان حتى يفك إشتباك المسارات الذي هو أس الحرب المتطاولة.
واللَّه يبارك الزرع والضرع وندعوه (رب أجعل هذا البلد آمناً وأرزق أهله من الثمرات).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.