أم سلمة العشا: رغم الجهود التي تبذل بين الفينة والأخرى لسد الحاجة من الدواء وللحد من الأزمة الطاحنة التي تواجهها البلاد، تظهر على السطح مشكلات كثيرة تقف عائقاً أمام صناعة الدواء. الندرة في كمية الأدوية المنقذة للحياة أصبحت هماً يؤرق الجميع، ومع ذلك هناك لغط كثير أصاب قضية الدواء حتى أصبحت من القضايا الشائكة وكثرت إشكالاته التي تمثلت في دخول بعض الأدوية مهربة وأخرى مغشوشة، بجانب المشكلة ذات الهم الأكبر التي تواجه الرقابة على دخول الأدوية حيث أدت بدورها لفوضى عارمة اجتاحت العديد من الصيدليات. ولتفعيل الدور الرقابي على الدواء كشف المجلس القومي للأدوية والسموم في ورشة التنوير الإعلامي الخاصة بالدواء عن حملات تقودها أتيام لضبط الأدوية المخالفة للمواصفات والمنتهية الصلاحية بولاية الخرطوم، وقال الامين العام للمجلس د. محمد الحسن إمام الحسن إن الهدف من حملات الرقابة والتفتيش تصحيح المسار، وهدد بفتح بلاغات في مواجهة الأجهزة الإعلامية المخالفة لقرار منع الترويج والدعاية للأعشاب الطبية، ولفت إلى أن المجلس بدأ في إنفاذ مشروع التيقظ الدوائي في «50» مستشفى حكومياً ووجه بضرورة إخضاع كل المؤسسات الصحية بالبلاد للتفتيش الفجائي والدوري لجهة الرقابة عليها، وأعلن عن تخصيص استمارات للاختصاصيين بغية كتابة الروشتة الدوائية المخدرة لصرفها عبر الطبيب الاختصاصي، وطالب بإعادة النظر في دخول الأدوية للبلاد عبر التهريب والغش، بجانب تكوين جسم واحد لإحكام الرقابة، وكشف عن تسجيل أكثر من «800» صنف من الأدوية المستوردة وأكثر من «260» صنفاً من الصناعة المحلية. وفقاً لقانون الأدوية والسموم للعام 2009م، كان المجلس القومي للأدوية والسموم هو السلطة القومية المختصة بوضع المواصفات والضوابط والشروط، الخاصة بعمليات الاستيراد والتصنيع، والرقابة والتخزين، والتسعير والترحيل، واستعمال الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية والمستحضرات الصيدلانية. تمثل إدارات الصيدلة والبيطرة الولائية الذراع التنفيذي للمجلس في الولايات، بموجب أمر تفويض السلطات للعام 2008م ويعدّ الدواء من السلع المتميزة، وصناعة الأدوية من الصناعات الاستراتيجية وأكثرها حيوية نظراً لارتباطه بصحة الأفراد ومن ثم الاقتصاد الكلي للدولة، وهي تتطلب تكلفة تكنولوجية عالية وتخضع لعدد من القوانين والأنظمة التي تحكم مراحل صناعتها منذ وضع المخططات وبداية الإنشاء وحتى بعد طرح منتجاتها في الأسواق فهي تظل مسؤولة عن الدواء لحين استعماله بسلام من قبل المرضى. ويسعى المجلس القومي للأدوية والسموم للنهوض بالصناعة الوطنية من خلال تقوية جهازه الرقابي للرقي الى مستوى المعايير الدولية، ما يساعد كثيراً بل يعتبر الأساس الذي يمكِّن الصناعة الوطنية من التحسن والقدرة على المنافسة في تصدير منتجاتها، ومنافستها للواردات من الأدوية التي تدخل البلاد، وفقاً لاهداف معينة. لقد عمل المجلس رقابة فاعلة وقوية بالتعاون مع الجهات المختصة الأخرى «شرطة الجمارك ومكافحة المخدِّرات لسد جميع الثغرات التي تساعد في تسرُّب الأدوية متدنِّية الجودة أو الأدوية المزيَّفة والمغشوشة». فضلاً عن التخطيط والتنفيذ لبرنامج متكامل للتحليل المستمر للأدوية بعد تسويقها للتأكد من مطابقتها المعملية لمواصفات تسجيلها المعتمدة ورصد الآثار السالبة لها. لذلك كان لابد من مرجعيات للعمل الرقابي والتي من بينها القرارات التي تصدر بواسطة اللجان الفنية المكونة بواسطة المجلس، التشريعات والموجهات العالمية في مجال الممارسات التصنيعية الجيدة، موجهات منظمة الصحة العالمية في مجال اليقظة الدوائية والمتابعة بعدالتسويق، بجانب قواعد ونظم التفتيش على المصانع وقنوات التوزيع. وبعد أن تم ضخ أموال شركات كبيرة عربية مستثمرة في مجال التصنيع الدوائي مؤخراً، دخلت عدد من المصانع الجديدة من بينها مصنع تبوك للصناعات الدوائية وهو يعتبر المصنع الثاني في السعودية من حيث الإنتاج وتسوق منتجاته في دول الاتحاد الأوروبي وعدد كبير من الدول العربية والأفريقية، ومصنع الحكمة الأردني«مصنع فارما لاند» يعتبر المصنع الأول في العالم العربي وله عدة فروع في مختلف دول العالم على سبيل المثال: في أوروبا «اسبانيا وايطاليا والبرتغال» والولاياتالمتحدةالامريكية، مصنع آزال هو استثمار يمني- سعودي له عدة فروع في اليمن ودول افريقية اخرى، ويعكف المجلس باحدى اداراته الى مراقبة الاستيراد لدخول الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية، السوق السوداني ويتم ذلك بإصدار توصية لاستيرادالأدوية البشرية والبيطرية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية، مستهلكات معملية- مستهلكات طبية اجهزة طبية، إصدار شهادة تخليص للأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية بناءً على التوصية الصادرة من الإدارة. إن الربط الشبكي بين المجلس والإدارة العامة للجمارك ببرنامج التخليص الالكتروني مع النقاط الجمركية، يعد أهم السبل لمنع تزوير المستندات، وهنالك بعض الصعوبات في بعض الولايات لإصدار قانون للصيدلة يتعارض مع قانون الأدوية والسموم 2009م. من بينها عدم وجود أذرع للمجلس بالولايات و كبر مساحة عدد من الولايات ومعظمها حدودية مع دول لا تتمتع بأجهزة رقابية قوية، فضلاً عن انعدام الأمن في عدد من المناطق في بعض الولايات.