في أول حديث جماهيري أدلى به بعد أن تخلى عن موقعه السابق في منصبى النائب الأول لرئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم للشأن التنفيذي، اعرب الاستاذ علي عثمان محمد طه في المؤتمر القاعدي للحزب الحاكم بمنطقة شرق الخرطوم بدار اتحاد المصارف خلال الأيام القليلة المنصرمة، عن اعتقاده بأن ما حدث بين زعيم حزب الأمة وكيان الأنصار رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي وقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن والمخابرات والخاضعة في قيادتها للقوات المسلحة في التصدي للقوى المتمردة في مناطق المواجهة المناهضة للسلطة الحاكمة بمعارضة مسلحة، وذلك على النحو الذي إدى الى احتجاز قانوني للمهدي بعد الاتهامات التي وجهها لهذه القوات الداعمة للقوات المسلحة، يمكن أن يكون حافزاً لمعالجة ناجعة وناجحة في الخروج من هذا المأزق والأزمة التي نتجت عنه وترتبت عليه على مدى الشهر الماضي في ما يتعلق بالتأثير السلبي على الحوار الوطني المفتوح والمطروح من جانب الحكومة والحزب الحاكم والسيد رئيس الجمهورية. وأوضح الاستاذ على عثمان ان الرؤية التي عبر عنها في حديث المشار إليه يمكن أن يتم تحقيقها وتجسيدها وتنزيلها والالتزام بها على الصعيد العملي والفعلي والواقعي. وذلك بالاتفاق على ثوابت وطنية ينطلق منها مثل هذا الحوار المطروح والمفتوح، ويستند ويرتكز عليها في المضي إلى ما يفضي للاقدام على الوثبة الموضوعية المزمعة والهادفة للوصول الى الآمال المرغوبة والمرجوة في إرساء الأسس اللازمة والقواعد الراسخة والعوامل والآليات الدافعة للممارسة السياسية الراشدة والناضجة والفاعلة والمتفاعلة لتحقيق النهضة والعدالة الناجزة والحريات العامة والتداول السلمي للسيطرة على سدة مقاليد الحكم بمنافسة انتخابية حرة بين القوى الساعية والرامية لذلك. وبناءً على هذا، وبالإشارة الى ما جرى على النحو الذي أسفر عن التسوية المفضية للافراج عن المهدي، وخروجه من الاحتجاز القانوني الذي تعرض له وحفظ البلاغ المفتوح ضده، ووضع نهاية للأزمة التي كانت متفاقمة ومتصاعدة وللمأزق الذي نجم عنها نتيجة لما حدث بينه وبين قوات الدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات والقوات المسلحة أو الأجهزة المختصة بسلطات وصلاحيات أمنية وسياسية ودستورية عليا بصفة عامة.. فربما قد يمكن ويجوز القول ان ما دعا له الاستاذ على عثمان، أو قد يكون سعى له وتكهن به، قد تحقق بالفعل، وذلك في ما يتعلق بالحاجة للاتفاق على ثوابت وطنية بشأن الدور السياسي والامني والدستوري للوضع الخاص بالأجهزة ذات الحساسية والأهمية البالغة والفاعلة في الدولة، وهي أجهزة لا غنى عنها لأية دولة ذات سيادة وسلطة حاكمة، ولا سبيل للقفز عليها أو تجاوزها وتجاهلها او الاستهانة بها والاساءة لها دون اكتراث، بما يترتب على ذلك من إلحاق أضرار جسيمة بالمصلحة العامة ودعائمها القائمة على توفير الضمان للأمان والاستقرار وامتلاك المقدرة على توفير الحماية لذلك والمحافظة عليها والدفاع عنها والتصدى لاية محاولة داخلية او اجنبية للنيل منها، وكما ورد في البيان الذي أصدره نيابةً عن المهدي المحامي على قليوب رئيس الهيئة المركزية لحزب الأمة، فقد جدد الحزب دعمه للقوات المسلحة والقوات النظامية الاخري ووصف دورها الوطني بالمقدر، ونوَّه بأن ما ذكره المهدي عن قوات الدعم السريع مستمد من شكاوى وإدعاءات ليست بالضرورة صحيحة كلها، وانه من المعلوم ان القتال قد ترد فيه تجاوزات يجب ان تحصر في مرتكبيها.. واكد البيان ان الحوار للاتفاق الوطني خط استراتيجي لا خلاف حوله، داعيا لبحث احيائه وتجاوز كل البيانات وردود الأفعال التي تمت في هذه المرحلة، وذلك انطلاقاً من التزام الحزب ورئيسه بالنهج السلمي والوفاق. ومن جانبها فقد أكدت لجنة الشخصيات الوطنية التي شاركت في مبادرة أفضت للخروج من أزمة المهدي والمأزق الذي نتج عنها، على الدورالإيجابي للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، وذكرت اللجنة في بيانها حول التسوية التي تمت وأسفرت عن معالجة ناجحة وناجعة للأزمة، أن ما ذكره المهدي عن قوات الدعم السريع كان محصلة لما ورد إلى علمه، وكله قابل للتحقيق والتثبت والتفرقة بين السلوك الممنهج والتجاوزات الفردية.