الحادث الذي وقع داخل هيئة شورى المؤتمر الوطني لولاية غرب كردفان خلال الأيام الماضية من مناوشات وملاسنات بين الوالي أحمد خميس بوصفه رئيس المؤتمر وبعض قيادات الحزب بالولاية لهو أمر مؤسف يكشف بوضوح أن الأوضاع داخل الحكومة الولائية والمؤتمر الوطني والمكونات الاجتماعية تذهب في اتجاه انحدار خطير، حيث تم خلال مؤتمر الشورى تجاوز من الوالي للنظام الأساسي واللوائح المنظمة لأعمال الشورى. حيث قرر الوالي فرض بعض العناصر الموالية له على أعضاء الشورى وإبعاد آخرين وحينما تدخل بعض أعضاء الشورى لتصحيحه انفجر الوالي وساد القاعة هرج ومرج. هذه الصورة لا تعبر بأي حال من الأحوال عن نهج سياسي بل هي بعيدة كل البعد عن المقاصد التي من أجلها تحملت قيادات الولاية مسؤوليتها في تقديم أحمد خميس وترشيحه ومن بينهم هؤلاء من يوجه اليوم أحمد خميس كل إمكانياته في خصومة وهمية معهم افتعلتها وصورتها له بطانته الجديدة، بل ذاك المنهج غير المسؤول الذي كان مسرحه شورى الحزب ليس هو بأي حال ممارسة حزبية نظيفة لحزب يعتبر نفسه رائداً في الممارسة السياسية والانفتاح ويتجه بكلياته لخوض انتخابات عامة وترشيح رئيسه لمرة أخرى. إن تفاصيل المشهد في غرب كردفان تؤكد أن الوالي يعاني من مشكلات سياسية، وأنه لم يعد قادراً على استجماع كل الملفات في يده وتوظيفها التوظيف الأمثل لخدمة أجندة الاستقرار والنهوض بالولاية والمحافظة على نسيجها الاجتماعي في هذه الفترة بالذات، فهو يخترق النظام الأساسي للمؤتمر الوطني لتصفية خصومه ويريد أن يعيد بناء الحزب بأسلوبه الخاص. الآن في غرب كردفان مشكلات أمنية في الجزء الجنوبي الأوضاع متوترة، ويمكن أن تتجدد المعارك في أية لحظة بين القبائل، هذا الجو ما كان يستدعي بأي حال انعقاد الشورى في هذا الوقت بلا إجماع داخلي في الحزب لتعيين شخصيات في الأصل هم غير مصعدين من القواعد على مستوى المؤتمرات القاعدية ولا المحلية ولا حتى مؤتمر الولاية، والمكتب القيادي والمؤتمر العام للحزب بالولاية على الأبواب وكان بإمكان الوالي أن يأتي بالشورى متسقة مع المؤتمر العام إن كانت النوايا سليمة والطموحات لا تتعارض مع الشرعية غير أن الوالي يريد أن يبلغ هدفه بأية وسيلة وهذا في السياسة أمر مستحيل لأن هناك من هم أدهى منه ولهم خبرات طويلة وعميقة ويعرفون من أين تؤكل الكتف، والآن الولاية تستضيف مؤتمر الرزيقات والمعاليا وحمر والمعاليا ومؤتمر الرزيقات، كان بإمكان الوالي أن يحصد ثمار المؤتمر كلها لمصلحته، لكن الطموح السياسي غير المشروع جعل مؤتمر الرزيقات والمعاليا يراوح مكانه والجلسة الافتتاحية لم تنعقد بعد رغم أن المؤتمرين موجودون بالفولة منذ أكثر من أسبوع والسبب الأساس أن الذين تبنوا الفكرة أصحاب الصلح الحقيقيين والجودية تم إبعادهم وتغييبهم عمداً. غرب كردفان ولاية فيها جملة من التحديات لا تتحمل بأي حال المزيد من التعقيدات في المشهد على الأرض، والأوضاع التي تسير حالياً ستقود حتماً إلى كارثة ما لم تتدخل السلطات الاتحادية لإعادة الأمور لمجراها الطبيعي، فاليوم هناك محليات باتت تتململ علانية من سياسات الوالي كمحليات بابنوسة والمجلد والدبب والميرم وأبيي. الحقيقة التي يجب أن تكون معلومة للجميع أن اللواء أحمد خميس جاء للولاية في إطار موازنات اقتضتها المرحلة على اعتبار أنه من الممكن أن يكون حلاً وسطاً لوجود توترات ما بين حمر والمسيرية وخلافات أيضاً بين بطون حمر وبطون المسيرية تقدمت قيادات المسيرية وحمر ورشحته على اعتبار أنه يمثل منطقة لقاوة ويمكن أن يلتف حوله الجميع بكل تناقضاتهم لتجاوز المرحلة والعبور بولاية وليدة هشة في كل مكوناتها. غير أن الوالي سرعان ما حاد عن الدرب وأدار ظهره للذين حملوه على أكتفاهم لحكم الولاية وارتمى في أحضان مراكز قوى بالولاية بدأت تشكك وتزرع الفتن بينه وبين المجموعة التي رشحته للولاية حتى تحتويه وتجد لنفسها موطئ قدم في الولاية، وهذا ما تؤكده مسرحية الشورى الأخيرة. السؤال: أين المؤتمر والأمانة الاتحادية مما يجري في غرب كردفان من تجاوز صريح ومكشوف للوائح والنظام الأساسي؟ أين دائرة غرب كردفان؟ من يقف وراء الوالي في سياساته في غرب كردفان، الوالي الآن يحتمي بفئة قليلة من مجتمع الفولة ويدير ظهره لكل مكونات الولاية الأخرى، ادركوا هذا الواقع بروف غندور وأنتم الأعرف بحجم التعقيدات في الجنوب وفي دارفور وعلاقة غرب كردفان بها أنتم المسؤولون عن أية تطورات ربما ستؤدي لمزيد من الانشطارات السياسية والعسكرية هناك. أهل الولاية والمشهد السياسي كان يترقب إبعاد بعض العناصر الضعيفة من حكومة الولاية لكن كانت المفاجأة مغادرة أقوى العناصر مثل معتمد غبيش النور كبير ووزير التخطيط العمراني نصر الدين حميدتي. الآن غبيش محتقنة ليس داخل أروقة الحزب لكن حتى في القوى السياسية الأخرى التي رافقت المعتمد في آخر زياراته إلى الخرطوم ومقابلته النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ووزير الداخلية وقيادات مركزية أخرى.