التفاؤل ضرورة لاستمرارية الحياة فهو قوة الدفع الكبرى للسعي والتغيير، ودوماً نقول غداً أفضل، وفي آخر النفق يوجد ضوء، وغيرها من العبارات التي تزرع الامل في النفس، إلا أن هذه العبارات بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً وتسرب الاحباط واليأس في نفوس اغلب المواطنين، وذلك من فعل السياسات المفروضة التي انعكست على الجو العام، وليس هذا من فعل الحكومة التي يمثلها المؤتمر الوطني باعتباره الحزب الحاكم وحده، بل تتشارك كل الاحزاب والقوى السياسية والنخب في ذلك. ولعل المتابع للحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد يلمس ذلك بصورة جلية، ومرد ذلك للخور الذي اصاب الاحزاب والقوى السياسية بلا استثناء فضعفت وتشرذمت الاحزاب وتقازمت اهدافها في مواقف لا تخرج عن من يكون رئيساً ومن يكون نائباً وماذا عساه ان يستفيد إن كان هنا او كان هناك، وهذا ما جعل المواطن يائساً من من تلك الاحزاب التي اضحت تتصارع في مناصب تخدم مصالحهم وتعدى الامر ذلك لتتصارع فيما بينها في المواقع فلا تكاد تجد حزباً سياسياً متماسكاً ومترابطاً. فحزب الامة انشطر الى امم والاتحادي يبحث عن من يتحد معه من عضوية. ولعل ما أثار حفيظتنا ودفعنا دفعاً للكتابة عن هذا الامر، ما يحدث بحزب الاتحادي الديمقراطي بولاية كسلا حيث قام منذ فترة بتجميد مشاركة ممثله الاستاذ مجذوب ابوموسى وزير الزراعة ونائب الوالي، واصدار القرار على خلفية ملابسات حدثت بالولاية، واصدر القرار على انه قرار يمثل رأي قواعد الحزب، إلا أنه وقبل ان تمضي ايام قلائل يعود ممثل الحزب ليباشر اعماله دون اي مبررات تذكر، ومضى الامر على ما هو عليه وبعد مضي عشرة أيام بالكمال والتمام تدعو جهات من الحزب الصحفيين والاجهزة الاعلامية، لتصدر قراراً بفصل رئيس الحزب وامينه العام وتصدر بياناً تحمد الله فيه بفصل المذكوريْن، وتؤكد ان هذا الامر جاء برأي الاغلبية واعتراضاً على أدائهما، الامر الذي احدث بلبلة لقواعد الحزب بالولاية، فقد بدا الامر كما لو انه بوادر لانقسام الحزب بالولاية. فهنالك طرفان في الصراع الدائر الاول مجموعة رئيس الحزب وامينه العام، والآخر مجموعة شابة من قيادات الحزب وأقطابه البارزين بالولاية الامر الذي جعل السيد إبراهيم الميرغني الناطق الرسمي للحزب بالمركز، يصدر بياناً يبطل قرار إقالة رئيس الحزب وامينه العام بكسلا ليتجدد الصراع في مدى صحة وسلامة أيهما، قرار الإقالة أم قرار الإبقاء، ولعل جانباً من ما يحدث داخل أروقة الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل والذي يعد من اكبر الاحزاب بالبلاد وله اكبر عضوية بولاية كسلا، الامر الذي يؤكد ضعف الاحزاب وتشرذمها، وغياب المؤسسية في اتخاذ قراراتها مما ينسحب بدوره على مجمل الاوضاع السياسية بالبلاد. كما ان هذا الامر لا يتوقف على حزب بعينه، فيكاد يكون هذا الامر متبع في كل الاحزاب.. على الرغم من ان هناك حراكاً إيجابياً في بعض الاحزاب، حيث نجد ان حزب مؤتمر البجا بدأ ينظم نفسه ويحاول ان يستوعب اكبر عدد ممكن، باعتباره ينتمي ويتحدث باسم اغلب منتسبي سكان الشرق ويتحدث باسمهم ويعبر عن اشواقهم وتطلعاتهم لتحقيق التنمية المنشودة بالشرق، حيث يعقد مؤتمر البجا هذه الايام اجتماعات مشتركة بين قيادات الحزب على المستوى القومي مع قواعده وصيغة أُطروحات تسهم في قضايا ومشكلات البلاد.. كما يواصل حزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم عقد مؤتمراته القاعدية في محليات الولاية. هكذا يبدو المشهد السياسي في ولاية كسلا وفي أحزاب الولاية فهل هذا المشهد سيشفع لنا بالقول بان هنالك ممارسة سياسية راشدة بالبلاد.