يبدو أن مافيا الثروة الحيوانية قررت خوض معركة جديدة لنج ضد وزير الثروة الحيوانية د. فيصل إبراهيم لإبعاده من البقرة الحلوب آخر معاقل الاقتصاد السوداني، هذه الجزيرة التي كانت نسياً منسياً لم يكن هناك أحد يتذكر الثروة الحيوانية ويتذكر هذا القطاع واحتياجاته. وما بذلته الحكومة من أموال ضخمة في قطاع إنتاج واستخراج البترول لو وجهته لقطاع الثروة الحيوانية لكفى الاقتصاد السوداني شرور محنته الحالية وانحداره الذي ضرب كل الجيوب، وجعل التضخم والركود الوجه الذي يميز اقتصادنا في عام 2014م على الرغم من أن التضخم والركود لا يجتمعان في المعادلة الاقتصادية وفي حركة الاقتصاد إلا في السودان ويا سبحان الله!! وقلت إن الكرة عادت لوزارة الثروة الحيوانية لكونها الملاذ الآمن الآن للاستثمارات، الكل يريد أن يرمي بكلياته في هذا القطاع لذلك يتباكى الآن بعض الناس على ما يجري في نظام الثروة الحيوانية على الرغم من أنه لو خير قبل اليوم أن يكتب عنه لتعفف وترفع على اعتباره كان ويا ما كان «قطاع رواعية ساكت وأهالي» ولكنها نعم الله على الإنسان. ما يحمد للرئيس البشير أنه أبقى على الدكتور فيصل إبراهيم في هذا القطاع، ومما يميز الوزير أنه من الكفاءات المتخصصة في الثروة الحيوانية والمحبة أيضاً للعمل فيه. عكف الرجل منذ توليه الوزارة على تطوير قطاع الثروة الحيوانية، لم يترك شيئاً إلا وفعله، وضع الخطط وبحث عن التمويل وعن المستثمرين وفتح الأسواق الخارجية حيث كنا في السابق لا نعرف إلا الإبل لجمهورية مصر والهدي للسعودية في موسم الحج، طور السلالات استجلب عينات منتجة من الإناث من دولتي هولنداوالبرازيل، صمم مزرعة تجريبية تنتج من العجول ما يزن في فترة وجيزة ما يزنه العجل في ثلاث سنوات. حاول الرجل واجتهد في أن ينقل هذا القطاع من قطاع تقليدي إلى قطاع إنتاجي حديث يواكب التطور العالمي في مجال إنتاجي تكنولوجي تغذية وصحة الحيوان وتهجين السلالات والمحافظة على السلالات السودانية إلى جانب تسويق منتجات الأنعام وفتح أسواق جديدة والبحث عن رساميل ضخمة للاستثمار في هذا القطاع الذي بات يمثل عماد اقتصاد البلاد، من هنا يأتي تفسير الضجة التي صاحبت قراراً اتخذه الوزير بتصدير خمسمائة من الإناث لأحد المستثمرين السعوديين. فإذا كنا نحن نستورد الإناث من البرازيلوهولندا لتهجين وتحسين سلالاتنا المحلية فما الذي يمنعنا من تصدير سلالاتنا من الإناث لدول أخرى لتهجينها، ومن الذي قال إن تصدير الإناث سيؤثر على حجم الثروة الحيوانية وسيقلص نسبة الصادر منها، هذه مجرد أوهام فكل العوامل الطبيعية التي وهبنا لها الله لتهبنا هذه الثروة الحيوانية الضخمة غير متوافرة في السعودية، ومهما اجتهدت أية دولة لتوطين ثروة لم يكن قد حباها الله بها، لن تستطيع ولو كان ذلك كذلك حتى بالتكنولوجية العصرية لنقلت دول بترول السعودية ومياه الأنهار العذبة، أليست هذه من النعم علينا ألا نتقزم في قضايا لا تخدم تطوير قطاع الثروة الحيوانية في شيء بدلاً من أن نتباكى على تصدير الإناث؟ اعتقد أن القضية الأهم في أن نتكاتف جميعنا ونرفع أصواتنا لإجبار الحكومة على إنشاء مسالخ بمواصفات عالمية، ولو مسلخ واحد مطابق للمواصفات المطلوبة عالمياً ليتم فيه الذبيح وعمليات التوضيب للصادر، ما يؤسف له أن الحكومة لا تملك مسلخاً مؤهلاً ومطابقاً للمواصفات، الآن هناك مسالخ خاصة يتم عبرها التصدير لعدد من البلدان، ما الذي يمنع الحكومة من توفير المال الذي يمكنها من إنشاء المسلخ، هل الحكومة عاجزة، هل الحكومة غير قادرة على توفير المبالغ التي تمكنها من تنفيذ المسلخ، أنا لا أصدق ذلك. فالحكومة تستطيع أن تأتي بالمال ولكن لمشروعات «هايفة» تدمر الاقتصاد وتصيبه بالتثاؤب ولا تنميه. إذا كنا في الحقيقة حادبين على تطوير قطاع الثروة الحيوانية وتوظيفه التوظيف الأمثل الذي يجعله يدر على البلاد عائدات محترمة من العملة النقدية الأجنبية، فعلينا أن نساعد بتوفير المعينات الأساسية التي تؤهل هذا القطاع ليعبر عن حالة الجمود الحالية، وأعتقد أن الإمكانيات متوفرة فقط العزائم غائبة. انظر لما يعود للبلاد من حالة توفر المسالخ من عائدات تستطيع بها تطوير السلالات ومضاعفة الإنتاج وأشياء كثيرة أخرى لا مجال لحصرها، غير أن الحديث حول هذا القطاع يا دابو بدأ يا سعادة الوزير.