ضربت أول من أمس الجمعة بميدان الثورة الحارة الرابعة، سرادق إحياء الذكرى الأولى لرحيل الشيخ طيب الذكر ياسين عمر الإمام القيادي الإسلامي المعروف، وكالعادة أم المناسبة جمع غفير من الإسلاميين من مختلف المشارب والأعمار والمدارس الفكرية باعتبار أن ياسين كان أمة يجمع الناس ولا يفرقهم، وكان كبيراً وزاهداً ومتواضعاً ولذلك لم يفوت الكثيرون مناسبة مرور عام على انتقاله وعبوره الى جوار ربه فجاءوا بقلوب مفعمة بالحزن والأسى أنهم فقدوا رجلاً لا يعوض ويرددون إنا لله وإنا إليه راجعون. وتحدث في المناسبة إبراهيم السنوسي مطولاً رغم تزاحم العبرات والغصة تكاد تسد حلقه وعدد مآثر الفقيد ومواقفه المجيدة، وكيف أنه كان ينادي بإرسال ابناء القيادات الى مناطق العمليات بأحراش الجنوب حتى لا يقول الناس ان الإسلاميين يرسلون أبناء الناس الى القتال وأبناؤهم هاهنا قاعدون، لقد أرسل ياسين نجله الى الجنوب حيث استشهد هنالك ولعمري ان هذا لهو البلاء المبين، وذكر السنوسي الحضور وهم يتابعون باشفاق ما يجري في غزة اليوم بأن ياسين كان من أول الإسلاميين قتالاً في فلسطين فقد وطئت أقدامه تلك الأراضي المقدسة ذات يوم فعرفها وعرفته وعرفه أهلها وكثير منهم يفتقدونه اليوم والرزايا تتكاثر على المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، والصهاينة يمطرون غزة بالقنابل ليكسروا شوكة الجهاد ويعاونهم في ذلك اتباع من بني جلدتهم ممن ينتمون الى يعرب يغلقون المعابر حتى يستحكم الحصار يظنون أنهم بذلك يقضون على المقاومة متناسين أن المعركة الفاصلة قد اقتربت وجاءت أشراطها، وان إسرائيل إلى زوال وان ما كتب عليهم سيحيق بهم بنص الكتاب والسنة. لقد مر عام على رحيل ياسين وكان يوم وفاته قد جمع قادة الطرفين من المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي في مقابر البكري في رسالة بليغة تقول «إنك ميت وإنهم ميتون» ثم تفرق الناس بعد «الدافنة» وذهب كل الى حال سبيله، ثم انهم بعد ذلك استكانوا لمخرج سموه الحوار الوطني على أن يجمعهم ويجمع شتات أهل السودان ويرفع عنهم البلاء الماحق الذي تسبب فيه نفر منهم، وها هو السنوسي يعلن للملأ الحاضرين نجاح اللجنة العليا لإحياء ذكرى ياسين يرأسها الشيخ والقيادي الإسلامي المخضرم عبد الوهاب عثمان في تخصيص قطعة أرض لتشييد مجمع إسلامي باسم ياسين مشيراً إلى أن الدعم والاستجابة كانت سريعة من السيد رئيس الجمهورية والنائب الأول لرئيس الجمهورية وأن الترتيبات تجرى على قدم وساق من مدير التخطيط والمساحة بولاية الخرطوم لاستكمال المشروع . إن المناسبات العظيمة تولد أفكاراً عظيمة ولذلك من المهم القول إن أهل القرآن في السودان هم الذين تحملوا عبء توطيد أركان الدين بوسيلة مكارم الأخلاق ومن أولئك النفر جاء ياسين وإخوته ومنهم المقرئ عوض عمر لهم الرحمة جميعاً وجعل البركة في ذرياتهم فقد صدقوا حقاً ما عاهدوا الله عليه وقرائن الأحوال والأفعال تدل على ذلك، وأن تجربة الإسلاميين في الحكم شابتها شوائب الشيطان وتخللها الفساد والإفساد في الأرض والاستغلال السئ لمفهوم التمكين وهو أمر مشاهد ومعاين لا جدال فيه، فهل تعيد ذكرى رحيل الأوفياء إلى نفوس الكثيرين بعضاً من الطمأنينة المفقودة؟