نهتم جداً بما يكتبه الإخوة القراء الكرام ويرفدون به «الوهج».. ليزداد اندفاعاً نحو غاية الإصلاح والصلاح، ولكنا رغم كل ذلك لم نفلح.. لكنا نعمل ما في وسعنا حتى نبرئ أنفسنا لحظة السؤال ويا له من سؤال. ومن الذين دائماً يواصلون معنا الكتابة في هذا العمود ونثق في ما يبعثون به من رسائل تطابق فهم واستراتيجيات الكتابة في عمود «الوهج»، الآخ البروفيسور أمير عبد الله النعمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض، ومن مقالاته الشهيرة نتناول هذه المقتطفات التي نحسب أنها تواكب الذي يجري الآن في الساحة السياسية السودانية. الناظر لواقع بلادنا السياسي يجده لا يسر صديقاً ناهيك عن عدو، وهو واقع ليس بدعاً عما يحيط بنا في إقليمنا القريب والعالم بأسره.. حيث اختلط الحابل بالنابل بسبب كسب أيدي الناس وبعدهم عن أبسط قواعد وأخلاقيات العمل السياسي بأبعاده «الإصلاحية» لا «الكسبية الرخيصة»، أما قواعد الدين ومناهج الرسل الاصلاحية وفق الهدى الرباني فبعد المشرقين وبئس المنقلب. بلادنا تموج في بحار متلاطمة تحيط بنا، وتنتظر استحقاقاً انتخابياً في عام «2015» أي بعد أشهر قلائل، وتجرجر «حواراً» جامداً بطيء الخطى، ثقيل الحركة، تتجاذبه أطراف كل يُريد أن يخرج بأكبر «عظم» ويصبح الكل في ذات الوقت منادياً «بالديمقراطية» حسب مفهومه وتفصيله أو قياسه هو. والحال كذلك.. ولا أنكر صدق دعوات ورجاء كثيرين ممن لا ينقطع أملهم في أهل الخير السياسيين «وما أندرهم»، إذا بالمتابعين تصدهم المواقف والتصريحات من أعلى «مؤسسة ديمقراطية» وهي البرلمان أو المجلس الوطني الجهاز التشريعي الأعظم الذي يعبر عن كل آمال الشعب وطموحاته ذلكم الشعب الذي أوكله وانتخبه لأجل الإصلاح والتقويم، ولكن الواقع، جدال بغير الحسنى، بل همز وغمز وتحريض، طرد بواسطة الحاجب، انتقام للذات بواسطة تصريحات هنا وهناك.. حوالى «165» حزباً وجهة سياسية سلمت دعوات للمشاركة، بهكذا سلوك.. ديمقراطية «عدم» في البناء القاعدي الحزبي لأحزابنا، إلغاء لنتائج إجراءات «ديمقراطية» في بلدان حولنا، وإقامة اجراءات «ديمقراطية» بدلاً عنها، انقلاب ربيع كثير من البلدان لصيف لاهب من القتل والدمار والفوضى والخراب، جوع عالمي وأزمات مالية متوالية وارتفاع جنوني في أسعار ضرورات حياة الإنسان، وعندنا خصوصاً «باعتراف كبار المسؤولين في الشأن فحدث ولا حرج». إذن فبعد كل هذا وذاك وزيادة وزيادة، فأية «ديمقراطية» تلك التي ننتظرها وينتظرها شعبنا لتطعمه من «جوع» وتأمنه من «خوف» واسع النطاق. أية وعود «كاذبة» تلك التي يريد أن يتدثر بها حزب ما، كوعد «عرقوب» أخاه بيثرب؟ إن شعبنا «سادتي» أكثر حاجة إلى رجال أمثال سعد بن أبي وقاص، أبي عبيدة بن الجراح، عمر بن عبد العزيز، ليستعين بهم في عودة «روح الدين» و«معاني الإخلاص» و«منهج الإصلاح» الحقيقي، لا الشعار الزائف، فأية ديمقرطاية ننتظر تلك التي لا نشتم فيها ريح هؤلاء فنستبشر كما سيدنا «يعقوب» يوم وجد ريح يوسف فارتد بصيراً. إذا كان بروف أمير النعمان يرى الحال هكذا يائساً في وجود ديمقراطية تصبح واقعاً لحياة كريمة في السودان، نحن نرى ذلك ممكناً تطابقاً مع وجهة البروف التي يطلقها في أدب جم، ومازالت عروق التفاؤل في أن يصبح ذلك واقعاً.. السودان مازال بخير لكنه يحتاج لهزة قوية تجعل كل الأمور تعود لوضعها الطبيعي، ولا نبشر غير أن نقول إن السودان حاله اليوم لا يسر، والموجع والمؤلم أنه لا يحتاج لكثير عناء غير «شَدة ووزنَة وتر» ليصبح بعدها إيقاعه منسجماً متسقاً جميلاً. وهذا والله وبالله ليس صعباً بل في متناول اليد، ويمكن إدراك ما يمكن إدراكه.. والسودان في شعبه ليسوا هم من تصعب إدارتهم لأنهم أنقياء يريدون فقط «إبلاغهم وإعلامهم» بالذي يحدث والظهور عليهم كثيراً وانصافهم.. ولو جئتهم في جانبهم يعطونك الذي تريده.