قبل عدة سنوات كان التلفزيون السوداني يقدم بعض التمثيليات المصرية الهادفة كسهرة. والتمثيلية عبارة عن عمل درامي يحوي قصة كاملة ولكن زمنها أقل من الفيلم وليست لها حلقات متتابعة، منها تمثيلية بطلها أحمد مرعي رحمه الله تحكي قصة زوجين تربطهما علاقة وطيدة وتبدو حميمية جداً، بيد أن الزوج مات فجأة وحزنت عليه زوجته حزناً شديداً ولم يرزق منها بأولاد، لكن لم تمض أيام حين زارتها امرأة لم تكن تعرفها ثم ما لبثت أن فجرت لها قنبلة بأنها زوجة المرحوم، فألجمتها المفاجأة ولم تصدق إلا عندما اطلعت على قسيمة الزواج فأصيبت بإحباط كبير لما اعتبرته خيانة، فقامت بإنزال صورته المعلقة على الحائط عندما غادرت المرأة المنزل وأخذت تبكي بحرقة، وبعد أيام قررت زيارة المرأة في منزلها فرحبت بها فقد كانت امرأة طيبة ووديعة، فسألتها لماذا تزوجك فقالت لها بهدوء وصدق «كنت بسيبو على راحتو يخت الكتب بتاعتو في مكان عايزو»، أي أنه كان يهرب من تسلط زوجته رغم حبها له والاحترام المتبادل بينهما، حيث كانت تريد أن تدير منزلها بفقه النظام الأحادي الصارم، فمثلاً ربما تريد أن يضع حذاءه في مكان معين وكتبه أو الصحيفة التي يحملها وأن يحرص على نظافة الغرفة وأن يجلس على السفرة بطريقة الأوتيكيت وهو يتناول طعامه، والقصة ذكرتني بقصة حقيقية رواها لي أحد الأصدقاء بأن زوجاً رغم الود الذي يجمعه بزوجته لكنه قرر أن يكسر حاجز القيد ويتزوج سراً، فتزوج وحملت زوجته الجديدة وذات يوم جاءها المخاض فسارع بنقلها إلى المستشفى ولسوء حظه أنه في ذات اليوم نفسه وربما الساعة ذاتها نقلت زوجته الأولى إلى المستشفى وأدخلت في نفس العنبر، فتم كشف اللغز الذي ظل يحرص على أخفائه. ولم تجد الزوجتان بداً من الرضا بالأمر الواقع ولسان حالهما يقول«بالله شوفو الراجل ده غشاش كيف»؟ أما «س» فارتبط بزوجته عن قناعة وإحساس عاطفي لكنه كان كثير السهر خارج المنزل مع أصدقائه حيث يتعاطى الخمر معهم، وهناك تعرف على امرأة لعوب وفي غمرة السكر أعلن عن زواجه بها، وفي اليوم التالي دفعت أصدقاءها بنشر تهنئة في إحدى الصحف تحمل صورتها وصورة زوجها الجديد، الأمر الذي سبب له مشكلة كبيرة مع زوجته، بل حتى مع عائلته التي تقدر وتحب زوجته التي تربطها بها صلة الدم، مما دفعه للذهاب للصحيفة ونفيه خبر التهنئة ، لكنه نجح في إقناع زوجة اليوم الواحد بعدم تصعيد المشكلة حفاظاً على علاقته بها ولم يلبث أن طلقها بعد ذلك بقليل بعد أن دفع لها مبلغاً كبيراً لزوم التهدئة. لكن لعل الموقف الذي وقع فيه المسؤول الأول في أحد المرافق الخاصة يعتبر من أحرج المواقف وأكثرها قبحاً، فقد كانت للرجل مغامرات نسائية، ولم تكن تعرف الزوجة بها نسبة لبراعة زوجها في توصيل مشاعره تجاهها ولبراعته في تمثيل شخصية الرجل المحترم الجاد، وذات يوم استشاط غضباً من مدير مكتبه فقام بتعنيفه بصوت عال أمام بعض الضيوف والموظفين، فأضمر مدير المكتب في نفسه الانتقام منه لكن خلف الستار، فعزم أن يفضحه أمام زوجته فاتصل بها ذات يوم وحكى لها خيانة زوجها وطلب منها ألا تفوح باسمه حتى لا يغضب ويفصله من العمل وقال لها الآن توجد عشيقته معه في المكتب وعليك الحضور سريعاً فحضرت سريعاً وأنفاسها تعلو وتهبط وقال لها مدير المكتب الباب مغلق من الداخل لكن سأعطيك مفتاح الباب الآخر وسأقول إنك من طالبت به بإلحاح، فأمسكت المفتاح بيد مرتجفة ودقات قلبها تدق بشدة وفتحته بهدوء وسرعة فضبطت زوجها في وضع مخل، فأخذت تشتمه بصوت عال وتطالبه بالطلاق الفوري وهو يحاول إسكاتها وخرجت تبكي وتنتحب، في حين كان مدير المكتب سعيداً وترتسم على فمه إبتسامة خبيثة .