شد انتباهي خبر قرأته في «الإنتباهة» صباح السبت تحت عنوان «اكتمال المشاورات حول الحكومة الجديدة» وسمّاها الخبر المشاورات النهائية وزعم أنها اكتملت بين عدد «محدود» من قيادات المؤتمر الوطني، وأكد الخبر مشاركة الاتحادي الديمقراطي الأصل.. وأكد الخبر الاتفاق حتى على الأسماء وبقيت مرحلة الإعلان وأن الإعلان سيتم عقب المؤتمر التنشيطي العام للمؤتمر الوطني والذي سيبدأ أعماله يوم الأربعاء المقبل «بعد خمسة أيام» ولا أحد يدري متى ينتهي المؤتمر بعد يوم أو يومين أو ثلاثة من انعقاده، و لم ينسَ الخبر أن يؤكد أن حركة التحرير والعدالة رفعت أسماء مرشحيها لتولي المقاعد التنفيذية. إن أسماء الأحزاب القديمة أصبحت تأخذ أشكالاً وأنماطاً جديدة مثل الفرع والأصل والأم والقومي، وأعتقد أنه في خلال نصف عقد من الزمان سنضطر إلى الأسلوب الرقمي أو الهجائي في التسمية «1» و«2» و«3» أو «أ»، «ب»، «ج». أما الأحزاب الأخرى العائدة منه مشوار التمرد فكلها تدور حول مفردات التحرير، والعدالة، والمساواة مع إضافة السودان في بعض الأحيان.. ولكنها في نهاية الأمر «حركات». وأظنّ والله أعلم أن مجموع الأحزاب والحركات يفوق الحروف الهجائية وذلك قبل حدوث أية انشقاقات.. أما بعد الانشقاقات والانشطارات «النووية» فحدِّث ولا حرج. وسنضطر اضطراراً إلى استخدام الأرقام من 1 إلى 99 وربما سوف نضطر في مدة ليست بالطويلة إلى إعداد جداول مثل جداول اللوغريثمات لمعرفة انتماء هذا الزعيم أو ذاك الوزير. وأنا أنصح الصحفيين والسياسيين بإعداد كشوفات بالأحزاب والحركات وقياداتها وزعاماتها وتوجهاتها ومطالبها طبعاً غير الاستيزار ووضعها تحت المخدة أو إذا أمكن تسجيلها في ذاكرة الهاتف النقال.. فالساحة السياسية أصبحت أقرب شبهًا لدكان البقال أو دكان الخردوات.. مليون صنف. وألف نوع.. وأشكال وألوان.. «ومن كل بلد غنا» ومن كل نبع قطرة.. ولا أحد يجزم حقيقة متى تنتهي دائرة الاستيزار المفرغة أو الشيطانية.. ورغم ذلك نؤكد ونجزم بأن برنامجها هو الشريعة صرفاً وصفواً بلا كدر ولا منّ ولا دغمسة. هذه الحكومة «الهبطرش» أو حكومة الوزراء الهبطرش كيف يتسنى لها تحقيق وإنزال برنامج الشريعة؟! إذا أردت أن ترجع مفردة هبطرش إلى معناها الحقيقي أو أصلها اللغوي فاعلم أن هبطرش تعني الوفرة.. والتنوع.. أي أنك عندما تقول إن الطماطم في السوق هبطرش فمعناها أنها كثيرة جداً جداً وربما متنوعة جداً جداً.. وهو استعمال دارج على الألسن يستخدمه أهلنا منذ أزمان. أما أصلها فمرده والعهدة على الأخ الحبيب إلى نفسي جداً محمود صالح إلى المفردة الإنجليزية Hoberdashery ومعناها دكان الخردوات والفكرة معقولة وممكنة.. فهبطرش محرفة أو معربة من المفردة الإنجليزية والتي إن لم يكن معناها كثرة السلعة فمعناها الآخر القريب كثرة وتنوع السلع ولا أدري كيف تستطيع الإنقاذ أن تحقق برنامجها الذي انتدبت له نفسها منذ أكثر من عشرين عاماً بهؤلاء الوزراء المنحدرين من كل حدب وصوب لا يجمعهم فكر.. ولا جغرافيا .. ولا تاريخ.. ولا آمال.. ولا تطلعات.. أرجو ألا يغضب مني هؤلاء الإخوة ولهم أن يعلموا أن هذا الشتات الوجودي يعاني منه الحزب الأكبر الحزب الواحد المتماسك الذي بنى أسواره وخاط أستاره بمواد أساسية كلها من صنع الحركة الإسلامية ومع ذلك فإن المؤتمر الوطني وحتى كتابة هذه السطور لا يتكلم بلسان واحد.. ولا يصدر عن وجدان واحد.. بل إن التباعد والتنافر يكاد يبدو مخيفاً ومرعباً لولا تطمينات الأخ الرئيس وبعض القيادات التي تداعب أشواق الإسلاميين.. وتستدر عواطف القيادات التاريخية.. التي تسمي نفسها مهمّشة أو أغلبية صامتة. إن هذه الحكومة القادمة إذا جاءت بهذه الكيفية فهي قطعاً ليست حكومة البرنامج الواحد.. إنها حكومة التضحية بالبرنامج الواحد.. إن الإنقاذ تضحي ببرنامجها الأصلي من أجل درء خطر متوهّم.. وجلبة وضوضاء صادرة عن فراغ وغائبة في فراغ.. ولا تترك وراءها إلا الفراغ. والنصر صبر ساعة.. فكم أضاعت الإنقاذ من الساعات حتى يومنا هذا.