الوحدة، لم الشمل، المشاركة في الحكومة، المؤسسية، الديمقراطية في داخل الحزب، مفردات تتردد هذه الأيام داخل أروقة الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، وتثير نقاشات وخلافات كبيرة تهدد ما بقي من وحدة الحزب الذي أكلته الانشقاقات. ما الذي يجري داخل الحزب الاتحادي (الأصل) في هذه الأيام؟ وما موقف الحزب الحقيقي والنهائي من المشاركة في الحكومة المرتقبة؟ في هذا الحوار الذي أجريناه مع مولانا حسن أبو سبيب، القيادي البارز بالحزب، حاولنا أن نجيب على السؤال، وأن نضع بعض النقاط على بعض الحروف. { ضيق المواعين الديمقراطية داخل الحزب هو السبب الرئيسي للانشقاقات التي تعصف به.. ما رأيك؟! - والله أولاً، الحزب الاتحادي الديمقراطي أنا أعتقد أنه يتميز بأن فيه نوعا من الديمقراطية التي ربما فيها إسراف.. وكل شخص في الحزب الاتحادي الديمقراطي هو حادب تماماً على هذا الحزب، لأنه حزب الحركة الوطنية والانشقاقات ليست وليدة اليوم أو وليدة هذا الزمن فمنذ نشوء الحركة الوطنية كانت هناك 3 أحزاب اتحادية؛ حزب وادي النيل وحزب الاتحاديين الأحرار وحزب الأشقاء، هذه الأحزاب توحدت وكونت حزباً واحداً هو الوطني الاتحادي الذي فاز بعد الاستقلال وشكل حكومة وطنية بمفرده، ثم انشق الحزب وتكون حزب الوطني الاتحادي برئاسة إسماعيل الأزهري وحزب الشعب برئاسة الشيخ علي عبد الرحمن الأمين وهذا الحزب كان يمثل جماهير وقاعدة الطائفة الختمية، وفي 1967م التأم الحزبان مرة أخرى وتكون حزب بمسمى جديد هو الاتحادي الديمقراطي، والسيد الأزهري وقف عند ذلك وقال «الآن قبر حزبا الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي وحل محلهما الاتحادي الديمقراطي».. { مقاطعة: عفواً مولانا.. والآن، الاتحادي الديمقراطي يتكئ على رصيده التاريخي فقط، ولا دور له في الحياة السياسية في السودان. - والله أبداً... { ويفتقر إلى المؤسسية.. - هذا الكلام يطلقه كثير من الناس.. يطلق على عواهنه وهذا كلام غير صحيح على الإطلاق. الحزب الاتحادي الديمقراطي كل المشكلات التي حدثت له حدثت للأحزاب الأخرى. يعني منذ الاستقلال، بعد عام ونصف العام من أول مرة حكومة وطنية بعد الاستقلال وكان يحكم فيها الحزب الاتحادي منفرداً، انقض على الحكم الانقلاب الأول انقلاب عبود واستمر 6 سنوات وصادر الأحزاب وأغلق دورها ومنعها من مزاولة أي عمل سياسي.. ست سنوات ثم جاءت أكتوبر وعادت الأحزاب مرة أخرى و«يادوب» الأحزاب شكلت حكومة ديمقراطية وبعد عامين فقط انقض انقلاب مايو واستمر 16 سنة وجاءت الانتفاضة واستمرت فترة الديمقراطية الثالثة 3 سنوات و6 شهور ثم انقض عليها انقلاب الإنقاذ. ٌإذن، مجموع الديمقراطية في الحياة السياسية منذ الاستقلال لم يتجاوز ال 9 أعوام بينما الانقلابات استمرت 6 أعوام عبود + 16 أعوام النميري+ 22 سنوات الإنقاذ. فمن الذي أضر؟ الأحزاب السياسية كلما أوشكت أن تنفذ برامجها أو تضع برنامجاً انقض عليها انقلاب. ولذلك ليس الذنب ذنب الأحزاب وانما الانقلابات العسكرية الديكتاتورية هي السبب في ما حدث للأحزاب. { الحزب الاتحادي الديمقراطي حزب يفتقر إلى المؤسسية كما أنكم تتحدثون عن وحدة السودان وأنتم عاجزون حتى عن تحقيق الوحدة في داخل حزبكم؟ - شوفي.. هذا الكلام غير صحيح، وأنا أفتكر أن هذا كلام فيه نوع من السطحية لأنه (ما فيه عمق). الحزب الاتحادي الديمقراطي فيه مؤسسية تماماً. { مقاطعة: هل أنت راض عن مستوى المؤسسية والديمقراطية في داخل الحزب؟ -نعم.. نعم.. - لكن الانشقاقات التي حدثت أخيراً، التي يرمى بدائها الحزب الاتحادي الديمقراطي هي انشقاقات حول التنظيم وليست انشقاقات فكرية، فالناس في داخل الحزب متفقون على مبادئ، متفقون على أسس ومتفقون على كل شيء.. هناك خلل تنظيمي.. أنا لا أسميه ضياع مؤسسية ولكنه خلل تنظيمي.. والسبب الأول فيه هو أن الحزب الاتحادي الديمقراطي منذ 1967 لم يعقد مؤتمرا عاما ولذلك كانت تنعقد مؤتمرات استثنائية.. كان كل شيء فيه يمشي بالتراضي. { منذ 67 لم تعقدوا مؤتمرا عاما ومنذ 2005 لم تعقدوا اجتماعا للمكتب السياسي بالحزب.. - والله اجتماع المكتب السياسي انعقد.. لكن في فترات متباعدة وكان هناك سبب هو الحصار الأمني المضروب على الأحزاب، وعدم إقرار الحريات كان يحول بين الناس وكثير من الأعمال.. (الناس لا في لجانهم القاعدية قادرين يتحركوا ولا في قيادتهم السياسية قادرين يتحركوا). { لكن هذا الحصار لماذا لم يعق الأحزاب الأخرى ويؤثر عليها؟ - أثر عليها.. أثر عليها.. لا أستطيع أن أقول لم يؤثر عليها. أثر عليها كثيراً، لكن الحزب الاتحادي الديمقراطي - والحزب ذو قاعدة عريضة - الحزب الاتحادي هو حزب الوسط.. حزب المثقفين والعمال وحزب الصناع وحزب المسلمين وحزب المسيحيين، الحزب الاتحادي الديمقراطي حزب له قاعدة عريضة جداً. { كيف عرفتم أن له قاعدة عريضة وهو لم يعقد مؤتمره العام منذ 1967؟ - لا لا.. القاعدة موجودة نحن نعرف أن القاعدة موجودة ولكن الخلل التنظيمي والخلافات التنظيمية هي التي أخرت عقد المؤتمر. { قاعدة الحزب ربما تكون قد تسربت وغير موجودة حالياً. - لا.. القاعدة موجودة.. القاعدة موجودة. لكن بالنسبة للانشقاقات التي حدثت هذه أنا شخصياً أفتكر أن أي ناس انشقوا فلأنهم يريدون الأفضل وليست هناك أيّ... { أيّ أطماع في سلطة أو...؟ - ليست هناك أطماع أو كذا، بدليل أن الاتحاديين الآن العلاقات الاجتماعية والعلاقات الأخوية بينهم جيدة خالص خالص.. المشكلة مشكلة تنظيم ونحن الآن نسعى إلى شيئين؛ نسعى إلى وحدة الاتحاديين وإلى قيام المؤتمر. إذا حدث هذان الشيئان الحزب سيستعيد مجده وتاريخه وماضيه. { الذين خرجوا من الحزب قالوا إن سبب خروجهم هو رغبتهم في تحقيق وحدة الاتحاديين، قالوا إن الحزب لا يسعى للوحدة وإنكم تتحدثون عن لم الشمل وليس عن الوحدة وتقولون «الداير يجي يجي والما داير ما يجي».. -«لا لا.. ما في كلام زي دا..». أولاً هؤلاء الإخوة الذين خرجوا هم كانوا في قمة القيادة في الحزب سواء أحمد علي أبو بكر أم حسن عبد القادر أم الباقر هؤلاء كانوا أعضاء في هيئة القيادة الموجودة الآن.. ونعم.. هم ينادون بالإصلاح «الإصلاح الواحد بكون قاعد في داخل الحزب ويسعى للإصلاح» لكن هؤلاء ذهبوا وانضموا إلى كيان «عديل كدا».. { أحمد علي أبو بكر يقول إنه يفضل أن يكون «عسكري بشريط واحد» في كيان منتصر على أن يكون قيادياً في كيان منهزم. - لا.. - هو يعلم تماماً قبل كل الآخرين.. - أحمد علي يعلم تماماً أنه كان في هذه القيادة وأنه كان مسؤولاً مسؤولية تامة.. وإذا كان هناك فشل أو كان هناك خير أو شر هو مسؤول منه «وخاشي فيهو». - وهذا الحزب بعد الانتفاضة خرج منه علي محمود حسنين وحاج مضوي وهشام البرير وفتحي شيلا وكونوا «حاجة اسمها» هيئة القيادة وأخيراً جاءوا مرة أخرى ورجعوا إلى هذا الحزب. ومصير أحمد علي ومصير الذين خرجوا أن يعودوا.. أنا يقيني أنهم عائدون - بالرغم من تصريحاتهم هم عائدون.