طالما كذب باراك أوباما كثيراً، وكذب معه الاتحاد الأوروبي، والعربان، والسلطان العثماني الجديد، ونفوا أن تكون لهم يد في تدمير سورية والعراق ولبنان. ولقد استخدموا رزنامة من الأكاذيب الناعمة بأسلوب المعايير المزدوجة، مثل دعم المعارضة المعتدلة والسلاح «غير الفتاك» وبشار يذبح شعبه.. ألخ. اليوم تتهم بريطانيا، اللاعب الرئيس في حلف الناتو، روسيا الاتحادية على أنها تشن «حرباً غامضة» في أوكرانيا. حرباً غامضة!! ويخلص البرلمان البريطاني، المعبر الحقيقي عن الحلف الأطلسي، إلى نتائج غريبة، بل شاذة إطلاق الحرب الباردة من عقالها. وكذلك يغسل الحلف يده الملوثة بالدماء الأوكرانية، ويتباكى على أوكرانيا، بينما هو الذي أشعل الحريق في هذا البلد المجاور لروسيا. ولا تعجب، يعتبر البريطانيون عباقرة في كيفية صياغة التصريحات الدولية، ويحتاج المحلل السياسي أن يمتلك عقلية «ثنك تانج» كي يفهم ماذا يقصد البريطانيون!! يعترف البريطانيون في لحظة نادرة أنهم، أي الحلف الأطلسي ليس على قدر روسيا الاتحادية لمواجهتها في حالة هجوم روسي على أحد أعضاء الحلف، وتخلص بريطانيا إلى أنّ هناك خطراً حقيقياً محتملاً بحصول هجوم روسي على أحد أعضاء الناتو، مؤكدة أنه سيكون من الصعب مواجهة هجوم روسي غير تقليدي، يستخدم تكتيكات غير متجانسة، واصفة هذا الهجوم المحتمل ب «الحرب الغامضة»، وأوصى التقرير البريطاني الحلف الذي يضمّ «28» بلدا، بنشر قوات وعتاد بشكل دائم في أستونيا ولاتفيا وليتوانيا لحماية دول البلطيق. قبل أن نشرع في فك هذه الطلاسم البريطانية، نؤكد أن روسيا لم تغز أوكرنيا، رغم الطبل الإعلامي الغربي العنيف أنها غزت. بل حلف الناتو يتمنى أن تغزو روسيا الاتحادية أوكرانيا، ليعلن الحرب الباردة على روسيا بشكل صريح. ولم تنجح كل الاستفزازت لجر بوتين كي يعبر الحدود، من ضمنها قذيفة «كييفية» «من كييف» سقطت في الجانب الروسي وقتلت مدنيا روسيا، وهنا حذرت روسيا كييف. «عواقف غير قابلة للإلغاء». نكران كييف إطلاقها القذيفة أشعل في روسيا موجة من الغضب اللفظي البلاغي، والتقطت الصحافة الغربية تصريحا ناريا لأحد المستشارين الروس، قوله: «على روسيا أن تقصف جوا أهدافاً مختارة على غرار ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة» لتضع المواطن الغربي تحت البرمجة: «روسيا ستغزو أوكرانيا!!». هل للمرة الثانية؟ إذا علمنا أن نفس الصحافة الغربية أطلقت العويل ذ منذ ثمانية أشهر أن روسيا قد غزت أوكرانيا. روسيا الاتحادية لا تحتاج إلى غزو أوكرانيا، فسكان الإقليم الشرقي الذي ينطق الروسية، يعتبرون أنفسهم مواطنين روس يقومون بمهمة كسر طابور حلف الأطلسي الخامس في كييف. ورغم شدة قرع طبل الإعلام الغربي ضد بوتين، دعمت روسيا أو لم تدعم الإقليم الشرقي بالسلاح، فالسكان «المتمردون كما تصفهم البي بي سي.» بالقوة والكفاءة الكافية لدحر جيش «كييف» المهلهل، الذي صور حلف الناتو انسحابه المهين من مدينة «دونيتسك» على أنه انسحاب تكتيكي، و«نقطة مفصلية» لصالح المنهزم. بل غطى الإعلام الغربي على هزيمة الجيش الأوكراني بسحق كتيبتين للدبابات يتراوح عددها ما بين أربعين إلى سبعين دبابة، لذا تستخدم «كييف» القصف الجوي على سكان الإقليم الشرقي. روسيا الاتحادية تعول على حركة عقارب الزمن البطيئة، وعلى نقطتين، لهزيمة الحلف الأطلسي في أوكرانيا، فهي أولاً لا تحتاج إلى انتصار حاسم، فيكفي تقوية مليشيات الإقليم الشرقي التي تؤدي إلى إحدى النتائج، إما ثورة شعبية، وإما عامل الضغط الاقتصادي الذي قد يفترس حكومة كييف كي تنهار. لذا يعمد الروس خفية على استحالة تمدد كييف نحو الإقليم الشرقي لنزع سلاحه. الأزمة الأوكرانية صنعها الحلف الأطلسي بقيادة باراك أوباما كي يقرص بوتين في خصره، عقاباً له لوقوفه مع سوريا وتفشيله مخطط الشرق الأوسط الكبير، وربما تخيل بارك أوباما في لحظة ما كأن يلعب لعبة مقايضة «كش ملك» مع فلادمير بوتين. لكن الأخير ابتلع أوباما نفسه وليس فقط «الملك»، وابتلع معه جزيرة القرم. ومع هزيمة عصابات الناتو في سورية، اضطر باراك أوباما أن يخرج كرت «داعش» من قبعته، والصراع مستمر. شوقي إبراهيم عثمان من أصل المسألة: بهذا نكون قد نشرنا المقال الذي أرسله لنا شوقي عثمان إبراهيم كاملاً، وبقي علينا التعليق عليه والتعامل معه بما يستحق، ويكون ذلك إن شاء الله في مقال لاحق.