ظلت الأمطار في كل عام تفضح مسؤولي العاصمة والجهات المعنية بالتجهيزات والاستعداد للخريف ودائماً ما توصف بالضعيفة فالمصارف مثلاً لا تعد مسبقاً وإنما تفتح وتنظف أثناء فصل الخريف وكذلك الإغاثة لاتوزع إلا بعد فوات الأوان هذا إن وجدت طريقها للتوزيع ولعل ما يؤكد ذلك أحداث سبتمبر التي كانت فضيحة لبعض المحليات حينما تفاجأ مواطنوها بوجود مواد الإغاثة التي كان يفترض أن توزع للمتضررين بمخازنها فما كان إلا ان استولوا عليها وأفرغوها ومن ثم أحرقوها. وزالت نفس المحليات تعيد فعلتها وترفض توزيع الإغاثة بعد الأمطار التي ضربت الولاية مؤخراً وخلفت أضراراً وخسائر في الأرواح والأموال، وخريف هذا العام مثله كبقية الأعوام السابقة ولكن عدم الاستعداد المبكر حوَّل الخريف إلى كارثة على حسب حديث رئيس قسم التوقعات الجوية بالهيئة العامة للإرصاد محمد شريف. في وقت نفى فيه الأمين العام لمجلس شؤون البيئة بولاية الخرطوم د. عمر مصطفى تسرب الإغاثة والخيام إلى الأسواق، وقال (التوزيع من المطار وإلى الميدان مباشرة) ودعا إلى عدم انتظار الدور الحكومي فقط وأن السودانيين معروفون بأنهم أصحاب نجدة وفزع ونفير، وأعلن عن إجراءات صارمة تجاه الذين يقيمون على مجاري السيل وعليهم بلوم أنفسهم فقط وشن ممثلو المنظمات غضبهم على حكومة ولاية الخرطوم ووصفوا تحضيرات الولاية لخريف هذا العام لم تكن في المستوى المطلوب. وصبوا جام غضبهم على إهمال مسؤولي الولاية وأكدوا أن مواطني فشودة والقيعة والودي ولأكثر من يومين لم يجدوا مياهاً للشرب وأنهم اشتروها من الحكومة نفسها وأكدوا انها أهملت المتضررين واهتمت بالكاميرات والتصوير أثناء توزيع الإغاثات وليس للمتضررين الحقيقيين، واستنكر خبراء سياسة الدولة بشأن بداية العام الدراسي في فصل الخريف على خلفية تأجيل استئناف الدراسة للمرة الثانية بسبب الأمطار، وأقروا بفشل الحكومة في درء كوارث السيول والأمطار أنها لم تحسن حصاد المياه الذي يعمل على الزراعة مرتين شتوية وصيفية ويوفر الري التكميلي ويمنع الحرب والهجرة لكن المزارع بات يزرع ولا يحصد لذلك طالبوا بتوزيع المساعدات للمتضررين وعدم ذهابها للمخازن وافشاء العدل في توزيع الثروة في السودان، في وقت استنكر فيه رفع الأيدي بالدعاء طلباً لإيقاف الأمطار وبرروا انها كوارث ظهور الفساد نتيجة ما كسبت أيديهم وعدم تجهيز المصارف وفشل الدولة في التخطيط الإستراتيجي وطالبوا بحفر مراحيض مؤقتة لعدم التبرز في العراء ما يؤشر بكارثة بيئية خطيرة. في وقت نفى فيه الخبير الوطني بوزارة الري والموارد المائية والسدود حيدر يوسف تشبيه فيضان هذا العام بسيول 1988م وقال إن فيضان هذا العام منخفض وضعيف جداً مقارنة بتلك السيول، وأكد أن تغيير المناخ أثّر في اتجاهات الأمطار، وداعياً إلى إعادة النظر في المقاولين المنفذين للأعمال وخطط الإصحاح البيئي درء الكوارث مؤكدين أن اللجان ما هي إلا تبرير لفشل. في ذات السياق أكد مدير الأكاديمية العليا للتخطيط الإستراتيجي بروف محمد حسن أبو صالح خلال مخاطبته ملتقى المستهلك الدوري حول كوارث الفيضانات والسيول الأسباب والحلول بعدم وجود تخطيط في السودان وإن وجد فهو على الورق لا ينفذ، داعياً إلى توازن بين السلطة المهنية والسلطة السياسية، وزاد أبو صالح أن تخطيط المدن يتم وفقاً لدراسة الخيران والزلازل وأوضاع الجيولوجيا بوجود معادن، وأقّر بوجود ذهب بالخرطوم، وفي وقت دعا إلى وقف التمدد لأن الخدمات غير كافية وإيقاف تخطيط الميادين قطع سكنية يزيد من انتشار المخدرات ما يشير إلى غياب الرؤية والعقل الإستراتيجي للسودان، والجدير بالذكر أن المواد الاستهلاكية قد ارتفعت أسعارها ارتفاعاً جنونياً بعد الأمطار التي ضربت الولاية مؤخراً وخلفت آثار دمار، وطالبت الجمعية السودانية لحماية المستهلك على لسان الأمين العام للجمعية د. ياسر ميرغني المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بالاعتذار للشعب السوداني والغاء قانون «2012م» لولاية الخرطوم لتنظيم السلع وحماية المستهلك وخاصة المادة التي تتعلق بوضع ديباجة الأسعار لفشل الولاية في تطبيقه وصرح ياسر أن ولاية الخرطوم تتحمّل كل ما يحدث من انفلات الأسعار في الأسواق واستغلال المستهلك لأنها اصدرت قراراً ملزماً بتحديد ديباجة الأسعار، وذلك لأن معظم التجار والجشعين يعلمون جيداً أن ولاية الخرطوم ليس لديها آليات مايمكنها من ممارسة هذا الدور وهي ضعيفة جداً في الرقابة على القانون وفرض هيبة الدولة على الأسواق وذلك على خلفية ارتفاع أسعار الزيوت والسلع الاستهلاكية لأسعار مبالغ فيها والتي طالت حتى مراكز البيع المخفض. في ذات السياق أكد تقرير للجمعية عن منطقتي الصالحة والقيعة عن عدم زيارة أي من المسؤولين لهم غير الشيخ زايد من السعودية وجماعة أنصار السنة المحمدية وجمعية الهلال الأحمر وأفادت بظهور حالات إسهالات وإغلاق المركز الصحي بالمنطقة وانهيار تام للمنازل والمراحيض وانتشار الذباب والباعوض، وشكا مواطنون من ضياع أوراقهم الثبوتية وأكد مهندس أن خور بالمنطقة سبَّب المشكلة في وقت نفى فيه أحد أعضاء اللجنة الشعبية ذلك، وأضاف أن منازل منطقة شجر الليمون بمحلية أمبدة انهارت كلها ولايوجد فيها غير منزلين. وشن د. ياسر هجوماً على معتمد محلية الخرطوم اللواء عمر نمر قائلاً: إنه ينظف ويشفط الشوارع الرئيسة التي يمر بها الرئيس والوزير والمسؤولون فقط، وأضاف أننا لانحب ولا نريد المسؤولين الذين تسبقهم الكاميرات وإنما الذي يقدر أهله والمهموم بهم وليس الذي يعمل لصالح مرؤسيه.