وجه النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول بكري حسن صالح بنك السودان المركزي بتسليم المغتربين تحويلاتهم بالنقد الأجنبي وتفعيل البنك والإسراع في إنشاء بنك خاص بالمغتربين لتعزيز دور المغتربين في دفع الاقتصاد الوطني!! في تقديري هذا أهم مكسب خرج به المغتربون من مؤتمرهم السادس الذي انعقد بالخرطوم مؤخراً، باعتبار أن المغتربين مصدر مهم في تدفقات النقد الأجنبي ومعلوم عالمياً أهمية المهاجرين في نهضة بلدانهم، ولكن هذا التوجيه ربما يصطدم بعقبة الإجراءات التعسفية لموظفين الدولة والتي بسببها فقد الكثير من المغتربين الثقة في بنك السودان والبنوك الأخرى، لأن توجيهاً رئاسياً بهذا الخصوص قد صدر في سنوات ماضية لكنه لم ينفذ حيث رفضت البنوك تسليم المغتربين تحويلاتهم بالنقد الأجنبي بحجة عدم وجود النقد وكانت بمثابة عقوبة بالغة القسوة عليهم وترتبت عليها تجاوزات وخطوات اتخذها المغتربون وهي ابتداع مسار موازي للتحويل دون الاعتماد على قنوات التحويل الرسمية وهو نظام تحويل مرتبط بالأفراد الجائلين الذين يقومون بإجراء تحويلات نقدية مباشرة بمجرد ما استلم المال في الدولة التي يقيم فيها المغترب يقوم بتسليم المبلغ للشخص المعني في أي مدينة من مدن السودان وهذا النظام فيه مخالفة لكل القوانين المالية والأنظمة المعمول بها دولياً، فهؤلاء الوسطاء يعتبرون مصارف وبنوك متحركة تبحث عن العملاء في أماكن وجودهم وهذا النظام بدوره يشوه بيانات التحويلات النقدية الرسمية ويقلل من نفع ومساهمة التحويلات في تنمية وتطوير المجتمعات لأن كثيراً من الأُسر السودانية في ظل الظروف التي تعانيها البلاد أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بابنها المغترب في عملية توفير احتياجاتها وخلق بيئة معيشية كريمة لها!!. إن التوجيه الرئاسي الصادر من النائب الأول أهم من مطالبة جهاز المغتربين بإنشاء وزارة مختصة بالمغتربين ومنحهم مقاعد بالبرلمان على أهمية المطالبة إلاَّ أنها ربما جاءت بسبب الممارسات الضاغطة على المغتربين من مؤسسات الدولة والتي بدورها شوهت بيانات تحويلاتهم ولم تظهرها في ميزان الدولة الاقتصادي، ولكن في تقديري أن الطريق الوحيد للتخلص من هذه الظاهرة هي أن تكون للمغترب السوداني خصوصية وميزات تفضيلية واستثناءات عند عودته وفتح فرص أمامه كي يستثمر علاقاته في جذب استثمارات تسهم في كافة المشروعات ولا بد من أن يعي الموظفون بأهمية دور المغترب في دورة الاقتصاد الوطني وتحسين كافة الظروف المحيطة به لزيادة الوعي الوطني، سيما أن السودان به تكدس كبير من العمالة الباحثة عن فرص للعمل بالخارج وهي بحاجة إلى تسهيلات أمامها، كما أن الحكومة معنية بخطوات جادة في اتجاه تصدير عمالة ذات كفاءة مهنية من خلال جودة التعليم ومناهجه وتدريب الكوادر المهاجرة وذلك لتأمين متطلبات الوظيفة بالخارج، والكل يأمل أن يجد المغترب معاملة كريمة واحترام يليق بالظروف المحيطة به في الهجرة، وتسهم أيضاً في دعم العلاقات وتطويرها بين السودان كدولة مصدرة للعمالة وبقية الدول التي تستقبل في الخليج وأوربا وبعض الدول الآسيوية، وذلك لتقليل الأضرار الناجمة عن ممارسات بعض الموظفين العاملين في نوافذ المؤسسات المعنية بإجراءات المغتربين. نختم بالجزئية المهمة من حديث النائب الأول لرئيس الجمهورية وهي المتعلقة بتشكيل آليات من الجهات المعنية لتعزيز دور المغتربين في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وإنشاء صندوق تكافلي لدعم المغتربين عند العودة النهائية فضلاً عن آلية أخرى لوضع سياسات وطنية للهجرة وإلغاء المساهمة الوطنية المفروضة على القطاعات غير المهنية، وتأتي أهمية هذا الحديث في أن بعض المغتربين يعودون تحت ضغوط بسبب ظروف حرب وتوترات مثل الذي يجري في ليبيا وسوريا ومصر وهؤلاء يتركون كل شيء خلفهم ولم يكونوا على استعداد للعودة فالصندوق يخفف عليهم المصاب بينما السياسات الوطنية تربطهم بالوطن وقضاياه الحية خاصة بعد إلغاء الضريبة على القطاعات غير المهنية، فالمهم من هذا كله أن تنشأ آلية تكون من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والخارجية والداخلية وجهاز المغتربين مهمتها مراقبة ومتابعة ما صدر عن مؤتمر المغتربين وتوجيهات رئاسة الجمهورية حتى ترى النور.