تجاوز كل العالم مرحلة عزل طلاب الحالات الخاصة من ذوي الاعاقة في مؤسسات حصرية عليهم، بل تم دمج هؤلاء بمدارس التعليم العام التي تم تهيئتها مسبقاً لتستوعب كل الطلاب بغض النظر عن ظروفهم، فكل مدارس التعليم العام مهيأة حسب حاجتهم، ولكن السودان الدولة الوحيدة التي تفصل هذه الشريحة في مؤسسات خاصة تجعل هؤلاء الطلاب يحسوا بعجزهم، العديد من الشكاوى تلقتها الصحيفة من أولياء أمور طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة مستنكرين الطريقة التي تتعامل بها إدارات التعليم العام مع هذه الشريحة الحساسة. «الإنتباهة» نقلت آراءهم وتوجهت لجهة الاختصاص لمعرفة ردهم على هذه الاتهامات. أحمد الطيب قال: الحمد لله رب العالمين لدي ثلاثة أبناء من ذوي الاعاقة في عمر التعليم وكلما اقترب عمر أحدهم من سن الالتحاق بالمدرسة أحمل هماً كبيراً لأن إدارات المدارس يرفضون استيعابه بحجة أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة لأن هنالك مؤسسات مخصصة لمثل هذه الحالات، فكيف لي أن ألحقهم بهذه المؤسسات الخاصة وأنا مواطن بسيط ودخلي محدود وليست لدي أية امكانيات لسداد رسوم هذه المؤسسات التي غالباً ما تكون بعيدة عن سكننا، فنحن نسكن شرق النيل وهذه المؤسسات موجودة بالخرطوم ورسوم الترحيل لوحدها شيء مرهق ناهيك عن رسوم الدراسة، لذلك نطالب القائمين على أمر التعليم بالبلاد بضرورة وضع حل لمثل هذه المهازل، فالتعليم من أبسط حقوق أبنائنا. أما محمد نصر الدين ولي أمر لاثنين من الطلاب المكفوفين قال: إن إشكاليتنا في تعليمهم تكمن في ترجمة مناهج التعليم بطريقة برايل إذ نعاني في ان نجد كل المناهج مترجمة خاصة منهج المرحلة الثانوية. وتقول عائشة صالح: لدي طفلة معاقة سمعياً ألحقتها بمدرسة عامة ولكن الإشكال أن البيئة التعليمية في مؤسسات التعليم العام لا تتناسب مع هذه الشرائح، فمثلاً طفلتي الصماء لا تستطيع ان تسمع قرع الجرس أو حديث المعلم فلا بد من ان تكون المدارس مزودة ومهيأة لاستقبال مثل هؤلاء الطلاب لأن إلحاقهم بمدارس خاصة يعني عزلهم عن بقية أقرانهم وحصرهم وسط شريحة معينة، ونحن نريد أن ندمجهم في المجتمع ليصبحوا فاعلين وحتى لا تترسب لديهم سلبيات الإعاقة وتجعلهم حاقدين على المجتمع. حملنا هموم وتساؤلات أولياء الأمور وتوجهنا بها لإدارة التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، حيث جلسنا إلى مدير الإدارة عبد الخالق محجوب الذي قال: إن أمر رفض مديري مدارس التعليم العام لقبول الطلاب ذوي الإعاقة أمر مرفوض جملة وتفصيلاً بحكم اللوائح والقوانين التي تؤكد حق كل الطلاب ذوي الإعاقة في التعليم أسوة ببقية الطلاب، الأمر الذي أكدته وثيقة التعليم للجميع التي وقع عليها السودان، وكذلك ميثاق الأممالمتحدة لرعاية الأطفال ذوي الإعاقة، وداخلياً أكدته توصيات المؤتمر القومي للتعليم والإستراتيجية القومية لتعليم ذوي الإعاقة وأيضا ما صدر من توجيهات إدارية لكل الولايات تمنع منعاً باتاً حرمان أي طالب من الالتحاق بالتعليم بسبب إعاقته ماعدا الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية الذين يتم إلحاقهم بمؤسسات خاصة لتعديل السلوك، وإذا تطور الطفل أكاديمياً يتم إلحاقه بمرحلة الأساس بمدارس التعليم العام وهذه الضوابط تعتبر سارية المفعول ولا يحق لي مدير مدرسة حرمان طالب بسبب إعاقته، ونحن في الوزارة بصدد إخضاع كل معلمي التعليم العام لجرعات تدريبية في مجال الاكتشاف المبكر للإعاقة وأيضاً كيفية التعامل مع الطالب المعاق. أما بالنسبة للطلاب المكفوفين ومعالجة مناهجهم فاتهام أولياء الأمور غير صحيح، حيث قامت الوزارة في العام 2013م ولأول مرة بترجمة كل مناهج تعليم الأساس بطريقة برايل للطلاب المكفوفين على المستوى القومي والآن يتم الإعداد لإدخال مناهج المرحلة الثانوية بالحاسوب الناطق تمهيداً لتصميمها ليتم ترجمتها أيضاً على المستوى القومي، وقد وجدنا منظمة وطنية تكفلت بطباعة كل منهج الثانوي، وهذه الترجمة تتم بمعهد النور لتعليم المكفوفين التابع للوزارة الاتحادية، وأيضاً وفرنا ضمن ميزانية إدارة التربية الخاصة للعام 2014م ويتم إدخال المناهج بها وتوزع قومياً حتى للطلاب المكفوفين المدمجين في مدارس التعليم العام. وقال عبد الخالق وفيما يخص البيئة التعليمية وعدم ملاءمتها لشرائح الطلاب المعاقين، فهذه تعتبر واحدة من التوصيات المهمة للمؤتمر القومي للتعليم والإستراتيجية القومية لتعليم المعاقين حيث لا بد من إعادة تأهيل كل مدارس التعليم العام لتناسب الأطفال ذوي الإعاقة من حيث توفير المدرجات وتهيئة الحمامات بما يتناسب وظروفهم، وايضاً الجرس المضيء للطلاب الصم وأهم من ذلك إعداد وتجهيز غرفة مصادر بكل مدرسة، وللمستقبل صدرت توجيهات وزارية من د. سعاد عبد الرازق وزيرة التربية بأن تراعى ظروف ذوي الإعاقة في كل الأبنية المدرسية حديثة الإنشاء بما يتناسب وظروف كل شرائح المعاقين، أما فيما يختص بتطويع المناهج للطلاب الصم، فالصم هم الشريحة الوحيدة التي لديها مشكلة حقيقية بخصوص المنهج بالذات في مواد الحفظ وكذلك طريقة القياس والتقويم لهم عند امتحانات الأساس فقد كانوا في السابق يجلسون لامتحانات اللغة العربية والتربية الإسلامية الخاصة ولكن صدر قرار هذا العام من مجلس امتحانات السودان يحتم على الطلاب دون استثناء بتدريس كتاب اللغة العربية المحدد للصف الثامن، ولكن حتى يتم استثناء الطلاب الصم من هذا القرار حددنا أن نقيم سمناراً عاجلاً ندعو فيه كل الأطراف حتى يتم استثناء هؤلاء الطلاب ويصدر بهذا الخصوص ما يعمم قومياً حتى لا يضار هؤلاء الطلاب بسبب إعاقتهم.