إن كانت مسألة دخول القوات الأمريكية إلى السودان المعروفة ب«الأفريكوم» مسألة بعيدة المدى على الاقل فى الوق الحالى، الا ان هناك آراء ذهبت الى ان امكانية حدوث هذا ليس ببعيد، خاصة الموقف الواضح من واشنطن تجاه ما يحدث فى السودان ولا يزال السودان ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب، رغم الوعود المتكررة لرفع اسم السودان من قائمة هذه الدول. وفى عدد من هذه الدول دخلت قوات الافريكوم من اجل محاربة ما يسمى الارهاب وتوسعت بوجودها عسكرياً في أفريقيا بذريعة مكافحة ما يسمى ب«القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، والطوارق في مالي، والشباب في الصومال، وجيش الرب في أوغندا والكنغو الديمقراطية. فى هذا الملف نستعرض اسباب تكوين هذه القوات واهدفاها والتى تمددت فى الوصول لعدد من الدول الافريقية وامكانية دخول هذه القوات الى السودان. مدخل عرَّفت الأفريكوم مسؤولياتها على أنها شراكة «عسكرية-عسكرية» تحت غطاء لتطوير القدرة والقابلية العسكرية للجيوش الأفريقية ومساعدة الهيئات الأمريكية الأخرى في القيام بمهامها في إفريقيا، لكن عند الحاجة يمكنها القيام بنشاطات عسكرية لحماية المصالح الأمريكية في إفريقيا، ويقع مقر مركز قيادة الأفريكوم في شتوتغارت بألمانيا نتيجة لرفض الدول الإفريقية أن يكون مقرها في القارة الإفريقية. يعمل في هذه القيادة ألفا عنصر «في 2010» بمن فيهم ثلاثمائة عنصر من القوات الخاصة، ومائتان وخمسون عنصر استخبارات بميزانية إجمالية تقدر بثلاثمائة وخمسين مليون دولار. تشكل قوة المهام المشتركة الأمريكية في القرن الأفريقي والبالغ عددها ألفا عنصر، والتي يوجد مقرها في معسكر لمونييه في جيبوتي مجالاً آخر لنشاط القيادة المشتركة للأفريكوم من خلال قوات تدخل بحري، قوات دروع أساسية وقوات جوية متخصصة موجودة أساساً في إيطاليا وألمانيا وقد تم إلحاقها بقيادة الأفريكوم. الأهداف الاستراتيجية للأفريكوم وبحسب تقارير نشرت فان قوات الافريكوم عبارة عن استراتيجية جديدة أمريكية فى أفريقيا، لمواجهة المد الصينى فى القارة والمنافس القوي للولايات المتحدة، وقد استطاعت ان تكسب ود الافارقة بتأسيس المؤتمر الافريقي الصيني ب«45» دولة، وأن توظف المليارات للاستثمار وان تدعم القضايا الافريقية العادلة مثل قضية دارفور كما وقعت اتفاقية شنغهاي لمساعدة القارة. رغم الأهداف المعلنة من طرف الحكومة الأمريكية لإنشاء قيادة الأفريكوم، يعتقد الكثير من المحللين وخصوصاً في إفريقيا أن دوافع أكثر خبثاً تقف وراء إنشاء الأفريكوم. من أهم هذه الدوافع صعود الصين التي ينمو اقتصادها بمعدل «9» في المائة سنوياً طوال الثلاثين سنة الماضية، إضافة لنمو ناتجها القومي لقرابة «16%» من الناتج القومي الإجمالي للعالم مقابل أقل من «5%» في 1980، وتشكل القارة الآسيوية أفضل مثال على هذه الحال، فبالرغم من وجود القوات الأمريكية في كل من اليابان وكوريا، وعلى الرغم من الدعم الذي حظيت به الدولتان من طرف الولاياتالمتحدة الأمريكية خلال الحرب الباردة، إلا أن حجم التبادل التجاري بينهما وبين الصين تجاوز التبادل بينهما وبين الولاياتالمتحدة الأمريكية في 2007، وينطبق هذا الأمر على علاقة الصين مع القارة الإفريقية حيث شهد مستوى نمو التبادل التجاري بين الصين والقارة الإفريقية من «3» مليارات دولار في 1995 إلى نحو 100 مليار دولار 2008، بالإضافة لذلك قدمت الصين قروضاً كبيرة للتنمية في القارة الإفريقية حيث قدمت مثلاً «22» مليار دولار لأنغولا، و«13» مليار دولار لجمهورية الكنغو الديمقراطية، كما استثمرت «13» مليار دولار أخرى في بقية دول القارة طوال السنوات الخمس الماضية. من المهم التذكير أن التبادل التجاري الصيني الإفريقي يميل أكثر لصالح الجانب الإفريقي، فمنذ أن شهدت الصين عجزاً تجارياً يقدر بمليارات الدولارات في تبادلها التجاري مع إفريقيا، ما يدل على أن هذا التبادل التجاري ليس انتهازياً كما يجادل البعض. وما يجعل هذا التبادل والمساعدات أكثر جاذبية لدى الدول الإفريقية، هو كونها غير مشروطة إضافة لكونها نتيجة لعلاقات تاريخية نابعة من التضامن «جنوب جنوب». ويكمن الشرط الوحيد الذي تطرحه الصين على شركائها التجاريين هو عدم الاعتراف بتايوان، وهذا ما أغرى الكثير من الدول الإفريقية بالاصطفاف إلى الجانب الصيني، ويدل على ذلك أن أربع دول فقط من القارة الإفريقية ما تزال تعترف بتايوان من بين «20» دولة كانت تعترف بها في التسعينيات. ويسرد الخبير الاستراتيجى اللواء «م» عباس ابراهيم كيفية وصول هذه القوات الى افريقيا وتمركزها فى عدد من الدول فبعد سقوط جدار برلين، والإتحاد السوفياتي، أظهرت أمريكا عدوانية شديدة فاعتدت عسكرياً على الصٌومال العام 1992، ودمرت يوغسلافيا والعراق، وتدخلت في ليبريا وسيراليون، وقصفت العام 1998 مصنع الشفاء للأدوية بالسودان بعد تفجير سفارتيها في دار السلام «تنزانيا» ونيروبي «كينيا»، ودعمت الحروب الأهلية. أما بالنسبة لأفريقيا تحديداً، فبعد «3» أيام من تاريخ 11 سبتمبر، أي في 14 سبتمبر 2001، دعت وزارة الخارجية الأمريكية السفراء الأفارقة، وطلبت من دولهم الدخول في تحالف لمحاربة الإرهاب بالتعاون الكامل مع وكالات الإستخبارات الأمريكية، وفرض مزيد من الرقابة على المواطنين وتحركاتهم داخل بلدانهم وعلى الحدود، وتسليم المشتبه فيهم إلى أمريكا، ومراقبة كل من له نوايا عدوانية ضد أمريكا ومصالحها تلاه اجتماع ثان يوم 18 / 9 / 2014 فتجاوبت الدول الافريقية، بشكل عام، مع هذه المطالب، مع بعض التحفظات «جنوب افريقيا مثلاً»، وضغطت الولاياتالمتحدة على 34 دولة افريقية وكان السودان من اوائل الدول واتهمتها بعدم التعاون الكامل لمحاربة الإرهاب وهذه الدول هي ليبيا والجزائر وكينيا وتنزانيا وليبريا، ويمضى اللواء عباس فى الحديث ان الولاياتالمتحدة كما فعلت فى الخليج لتحكم قبضتها على المنطقة أرادت ان تسيطر على كل قارات العالم وهذا المؤتمر الذى شمل جميع الدول عدا الدول الرافضة، حتى تحكم قبضتها وتقلص نفوذ وقبضة الدوائر الاخرى كبريطانيا وفرنسا وبلجيكا، فارادت ان توقف عمليات التيارات السياسية المعارضة لسياستها، كذلك توقف الدول المتهمة بايوائها ودعمها للقاعدة لتوقف المد الاسلامى، وهذا الاجتماع بمثابة تقديم مساعدات للدول لاثيوبيا واريتريا وكينيا ويوغندا ومصر، الحصار على السودان. كان يلغى اى تعامل ويتعرض الى ضغوط من البنك الدولى. إلا أن اللواء عباس لا يستبعد دخول هذه القوات فى السودان، فى ظل وجود الضغوط السياسية والاقتصادية والتشبث بالاتهامات بحقوق الانسان هذه الانشطة لا تعمل بصورة حيادية. ربما تستخدم كذريعة لطرح فكرة ادخال هذه القوات. فكرة دخول هذه القوات استبعدها مراقبون على الاقل فى الوقت الحالى. الفريق اول محمد بشير سليمان يستبعد دخول هذه القوات الى البلاد لان حكومة السودان لن تقبل تحت اى ظرف دخول هذه القوات. فوجود قوات غير سودانية يعنى انتهاك السيادة الوطنية، ومهدد للامن الوطنى وهى وسيلة لاى عمل عسكرى للمصالح الامريكية فى المنطقة، فحتى الان القضية السودانية. لم تطور وتصل مرحلة ادخال هذه القوات وليست استراتيجية تتبعها واشنطن مع السودان، فمن الواضح ان استراتيجية امريكا فى السودان. أن السودان قابل للتفكيك دون دخول هذه القوات. فالولاياتالمتحدة لها علاقة وطيدة مع الجبهة الثورية وحتى تعثر مسار السلام فى اديس ابابا بسبب امريكا. لذلك فهى مؤثرة على وحدة السودان وليس على أمن الوطن واستقراره فقط. ويمضى الفريق اول محمد بشير فى الحديث ان امريكا اذا ارادت ان تطبق هذا القرار فستطبقه عن طريق العمل الجماعى الدولى او كما يجرى فى محاربة داعش. وتحت غطاء قانونى سواء عبر الاممالمتحدة والمجتع الدولى. الا انها من الناحية القانونية قد تجد صعوبة فى تنفيذ اى قرار بشأن ادخال هذه القوات فى السودان سواء من الاممالمتحدة او الاتحاد الافريقي. لكن البروفسير حسن مكى لا يستبعد دخول هذه القوات الى السودان، فالافريكوم لها قاعدة فى الكاميرون ولها وجود فى نيجيريا، فامريكا مهتمة ان يمر البترول الافريقي عبر المحيط الاطلسى وهذا يجعل الافريكوم ناشطة فى هذه المنطقة، فالسودان بالنسبة لهم منطقة هامة وحاسمة كمنطقة دارفور، فالتدخل الدولى لا يستأذن للدخول الى اى بلد كما حدث فى سوريا ودون الرجوع الى مجلس الامن. مهام الأفريكوم وإن كانت هذه القوات دخلت قارة افريقيا تحت غطاء حماية امن وسلامة القارة، الا ان مهاماً اخرى تحملها هذه القوات على عاتقها وتشمل مهام أفريكوم جميع دول الافريقية، باستثناء مصر، التي بقيت ضمن اختصاصات القيادة الأمريكية الوسطى، التي تتخذ من الخليج مقراً لها ، كانت المسؤولية عن مشاركة القوات الأمريكية في مهام داخل إفريقيا موزعة على ثلاث قيادات عسكرية، هي: القيادة الأوروبية، والقيادة الوسطى، وقيادة المحيط الهادي. وقد سبق لوزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، أن وصف توزيع المسؤولية على النحو الذي كان قائماً بأنه ترتيب عفا عليه الزمن من مخلفات حقبة الحرب الباردة، وكان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن قد أعلن عن خطط تشكيل أفريكوم في فبراير 2008 ، موضحاً أنها تتضمن إنشاء قاعدة عسكرية في إفريقيا. والقاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة في القارة الافريقية، التي توصف بأنها قاعدة كبيرة، هي تلك الموجودة في جيبوتي، التي يقيم فيها نحو «1900» فرد. ولأمريكا قواعد عسكرية أقل حجماً في أوغندا والسنغال وجمهورية ساوتومي وبرنسيب. ورشة استراتيجية أمريكية ووجد الأمريكيون في تزايد نشاط تنظيم القاعدة في منطقة شرق إفريقيا منذ عهد الرئيس كلينتون، مُبرراً لتكثيف الاهتمام العسكري بالقارة وخاصة بعد الضربتين المُوجهتين لسفارتيهم في كينيا وتنزانيا، ويعتقد الاستراتيجيون الأمريكيون أن هذا الخطر لم يزل اليوم بل تفاقم مع انتشار النزاعات في الصومال والسودان، بالإضافة إلى انتشار القاعدة في المغرب العربي، إضافة إلى باقي النزاعات في القارة الإفريقية. وبالتالي تشكيل الولاياتالمتحدة الأمريكية لأفريكوم الذي هو ورشة من الورشات الإستراتيجية التي تضعها الولاياتالمتحدة الأمريكية في العالم على غرار القواعد العسكرية في الخليج واليابان وآسيا وأوروبا وبالتالي فإن أفريكوم هو في إطار فرض الهيمنة الأمريكية على القارة الإفريقية وتحضيرها لمشروع جيوبوليتيكي أوسع، وهو مشروع الشرق الأوسط الكبير. إن أفريكوم هي الذراع العسكرية للسياسة الخارجية ولمصالح الإحتكارات الأمريكية. أفريكوم في جنوب السودان امكانية دخول قوات الافريكوم فى جنوب السودان ليست ببعيدة، فبحسب صحيفة فورن بوليسي الأمريكية، فان إدارة اوباما تدرس طلب دولة جنوب السودان لاستضافة رئاسة «قيادة افريقيا» الأمريكية الموجودة حالياً في شتوتغارت «المانيا»، وما ذهب اليه الفريق اول محمد بشير سليمان حول وجود هذه القوات فى جنوب السودان فى شكل مستشارين فى التدريب وتخطيط العمليات، لكن امريكا تتفادى دخول هذه القوات حتى لا تدخل فى اى عمليات برية، وذلك لرفض الشعب الامريكى. وهذا يفسر ما حدث فى 2009 حيث بعثت الادارة العسكرية الافريقية الافريكوم الضابط و ليم بيرتلسون الى جنوب السودان و كان فى ضيافة حكومة الجنوب، حيث كانت مهمته مساعدة الجيش الشعبى لتأسيس اكاديمية عسكرية تعنى بتدريب قوات الجيش الشعبى، وتدريس الاعمال اللوجستية، و الخطط العسكرية، والتطبيب العسكرى، و فن محاربة الارهاب، وحفظ الامن والتصدى لحرب العصابات، وبموجب ذلك سوف ترسل الولاياتالمتحدة عدداً من ضباط الجيش الشعبى بهدف تدريبهم وتأهيلهم حتى يصبحوا عصب تلك الاكاديمية العسكرية، وفى ذات الوقت اختارت ادارة الافريكوم عدداً من ضباط قوات الجيش الشعبى لتدريبهم كقوات خاصة، تختار منهم الافريكوم من يستطيع العمل معها تحت شعار التنسيق بين القوات وأوكلت تلك المهام للسيد نيال دينق.