فيما بدا إجراءً شكليًّا وعملاً روتينيًا من أعمال بلدية الاحتلال في القدس، أعلن المهندس التابع للبلديّة في 25 تشرين الأوّل/أكتوبر 2011، أن جسر «باب المغاربة» المؤدي إلى المسجد الأقصى هو «مبنى آيل للسقوط أو الاحتراق في أي لحظة، وعليه يجب هدم هذا الجسر خلال مدّة أقصاها ثلاثين يوماً»، وذلك خلال رسالة وجهها لجمعيّة الحفاظ على «تراث الحائط الغربيّ» شبه الحكوميّة والتي تُعدّ مسؤولة رسميّاً عن مشروع هدم الجسر وإعادة بنائه، وقد أكّدت البلدية أنها ستقوم باتخاذ الإجراءات القضائية كافّة التي تضمن هدم الجسر، إذا لم تلتزم الجمعيّة بهدمه. إنّ هذا الإعلان يعني أنّ مشروع هدم طريق المغاربة وإقامة جسر دائمٍ مكانه قد حصل على الضوء الأخضر من المستوى السياسيّ في دولة الاحتلال، إذ أنّ المشروع كان قد حصل على كلّ المصادقات اللازمة وكان بانتظار التنفيذ منذ ما يزيد على خمسة أشهرٍ قبل الإعلان، لكنّه أوقف لاعتباراتٍ سياسيّة وأمنيّة لدى دولة الاحتلال التي تخشى أن يؤدي هذا الأمر إلى اندلاع هبّةٍ جديدةٍ في القدس لا تُعرف أبعادها، خاصّةً وأنّ هدم جزءٍ من الطريق لإقامة الجسر الخشبيّ الحاليّ كان قد أثار ردّة فعلٍ ومظاهراتٍ شعبيّة حاشدة في الداخل الفلسطينيّ وعموم الدول العربيّة والإسلاميّة في شهر شباط/فبراير 2007 ما دفع الاحتلال حينذاك لوقف مشروعه وإن مؤقتاَ خوفاً من أن تتطوّر التحركات الشعبيّة إلى انتفاضةٍ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. الجهات والشخصيّات المقدسيّة المعنيّة والمتابعة لتطوّر الأوضاع في باب المغاربة كانت قد حذّرت من جديّة الاحتلال هذه المرّة في توجّهاته، وعن عزمه على تنفيذ تهديده وذلك بناءً على رسائل ووثائق حصلت عليها من داخل بلديّة الاحتلال. ونحن في مؤسّسة القدس الدوليّة يهمّنا في هذا الإطار أن نؤكّد على ما يلي: إنّ هدم طريق باب المغاربة، هو كهدم جزءٍ من الأقصى وهو سيؤدي لتدمير آثارٍ عربيّة وإسلاميّة في المكان. إنّ بناء جسر دائمٍ في باب المغاربة يعني فعليّاً أن الاحتلال قد أصبح شريكاً للمسلمين في المسجد الأقصى وأصبحت لأجهزته الأمنيّة ومستوطنيه حريّة الدخول إلى المسجد بأعدادٍ أكبر وتجهيزاتٍ أمنيّة أفضل. إنّ تدخّل الاحتلال منذ عام 2004 في أوضاع طريق باب المغاربة يُعدّ تعديّاً على صلاحيّات دائرة الأوقاف الإسلاميّة المعنيّ الوحيد بشؤون المسجد الأقصى. وهو يُخالف القرارات الدوليّة التي لا تعترف بشرعيّة وجود الاحتلال أو سيادته على أيّ جزءٍ من شرقي القدس. بناءً على ما تقدّم وبعد النظر إلى مجمل مسار هذه القضيّة وتطوّراتها منذ سبعة أعوام فإنّنا في مؤسّسة القدس الدوليّة نتوجه بنداءٍ إلى الجهات التالية: الحكومة الأردنيّة والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة: إنّ الأردن كونه الوصيّ الرسميّ على المسجد الأقصى والسلطة الوطنيّة بوصفها تُمثّل المرجعيّة الرسميّة للمقدسيّين، مدعوتان للتوجه بشكوى إلى مجلس الأمن عبر المجموعة العربيّة تطلب من المجلس اتخاذ قرارٍ بالوقف الفوري لأعمال الاحتلال في باب المغاربة. الفصائل الفلسطينيّة وأهلنا في الأرض المحتلّة عام 1948: إن التحرّك الشعبيّ الفاعل أثبت عبر تاريخ الاحتلال أنّه الرادع الوحيد الذي يملكه الفلسطينيّون في وجه آلته العسكريّة والاستيطانيّة لذا فإنّ أهلنا في الداخل الفلسطينيّ مدعوّون للتحرّك على الأرض للاحتجاج على إجراءات الاحتلال وبكلّ السبل الممكنة. الشعوب العربيّة والإسلاميّة: على الرغم مما فرضته الثورات العربيّة من انشغالاتٍ داخليّة وهمومٍ وواجبات، إلاّ أنّها فتحت الباب واسعًا أمام الشعوب للتحرّك والتعبير عن رأيها، واليوم لم يعُد هناك حائلٌ بين الشعوب في دول الربيع العربي وبين المظاهرات والتحركات الشعبيّة لنصرة المسجد الأقصى وإيصال رسالةٍ للاحتلال أنّ أمر المسجد ما زال في صدارة أولويّات العرب والمسلمين والاعتداء عليه لا يزال يُمثّل خطّاً أحمر لديهم. وسائل الإعلام: إنّ وسائل الإعلام وفي ظلّ انشغالها بتطوّرات الربيع العربيّ مدعوّةٌ للاهتمام بأوضاع المسجد الأقصى عمومًا، وبهذ القضيّة خصوصًا فهي قادرةٌ إن أتاحت لها المساحة الكافية أن تجعل منها قضيّة شعبيّة وسياسيّة قد تؤدي تفاعلاتها لوقف الاحتلال لمشروعه أو على الأقل تأجيله إلى أجلٍ غير مسمّىً كما فعل في السابق.