الفكرة في المؤتمرات التنشيطية للمؤتمر الوطني أن تكون موسماً ونهجاً لتنشيط الفكر والمنهج التنظيمي يكتمل مع التداول حول التقارير المختلفة وذلك لمعرفة حجم التطور الفكري والتنظيمي للحزب، ومع أهمية الموضوعات التي عرضت في المؤتمر العام الثالث في دورة انعقاده الثانية إلاّ أن بعض عضوية المؤتمر خاصة الولايات قد ذهبوا في اتجاهات أخرى ليشهدوا منافع لهم كما جرت العادة في المؤتمرات السابقة فقد أهملوا قضايا المؤتمر التي عكفت اللجان على مناقشتها وتحلقوا حول الشخصيات.. أخذ هواتفهم بجانب ترصد القيادات غير المتاحة في الظرف العادي، على الرغم من أن عددًا من قضايا المؤتمر تهم في المقام الأول هياكل وأجهزة التنظيم في الولايات على رأسها التعديلات التي أدخلت في النظام الأساسي. اللافت في هذا المؤتمر أنه قد فتح الباب واسعاً لحرية الممارسة والحركة للاجهزة متفسحاً في إطار الشورى المعتمد منهجاً لإدارة الدولة والتناصح في صنع القرار والتوافق. قدم المؤتمر درساً في الممارسة وشاهدنا الفاعلية في المداولات والنقاش الحار بين العضوية والمدافعة بالحجة في خطوة مهمة تحسب لصالح بناء التحول الديمقراطي الحقيقي، وهنا لابد من الإشارة للمواجهة العنيفة ما بين الدكتور نافع علي نافع نائب الرئيس لشؤون الحزب والمجاهد حاج ماجد سوار حول عدد من الموضوعات أبرزها الخطاب السياسي وموجهاته وافساح المجال لمشاركة الأحزاب في إطار الشراكة الوطنية، الخطوة جسدت المصداقية في الالتزام بالمنهج والحرية في التعبير وابداء الرأي وهى محاولة صادقة لتمكين روح الحوار وإحياء مقاصده وكفالة الحرية. أثمرت لغة الحوار والمشاركة في إحداث ايجابيات كبيرة أهمها التعديلات على النظام الأساسي في إطار بناء المؤسسية والمنهجية وترسيخها في أجهزة التنظيم.. التعديلات عالجت أهم الملاحظات في النظام صورته السابقة ومن أهم التعديلات إقرار مبدأ المحاسبة واعطاء مرجعيته للمكتب القيادي سواء كان على المستوى الاتحادي أو الولائي أو المحلي بعد تعديل المكتب التنفيذي في المحلية لتصبح مكتباً قيادياً في هيكل الحزب التنظيمي، في السابق قبل هذا التعديل كان الناس إذا حدثت مسألة تعمل لها لجنة طارئة للمراجعة والتحقيق ثم المحاسبة.. مسألة أخرى غاية في الأهمية حسمت بالتعديلات التي جرت على النظام الأساسي وهى أن يتم اختيار نائب رئيس المؤتمر الوطني وكذلك المكتب التنفيذي في المحليات يتم عبر الشورى وليس كما كان في السابق أن يقوم المعتمد بترشيح نائبه ومكتبه التنفيذي وعرضهم على الشورى للاعتماد فقط، في أنه معين وليست له شرعية مثل الوالي، فعملياً المعتمد الآن أصبح سوف يحاسب حساباً عسيراً لأنه ليس له يد في اختيار من يراجعون تقاريره وأدائه ويقيمون، هذا التعديل سوف ينهي جدلاً ظل حاضراً ولسنوات ويمثل خطوة مهمة في الاصلاح المؤسسي والمراجعة وسيقضي على بؤر التوتر والتكتل والمجموعات. تعديل آخر مهم جداً يتعلق بشاغلي المهام التنفيذية نص التعديل جرى كالآتي: لا يجوز اعادة تنصيب شاغلي المهام التنفيذية على المستويات الاتحادية والولائية والمحلية لاكثر من دورتين، وبهذا النص تكون مجموعة كبيرة غير مؤهلة للموقع لاكثر من دورتين وعملياً يتم الفصل ما بين السلطات السياسية والتنفيذية لأن الوالي بالقانون وآليات تنصيبه يمكن أن يأتي للموقع أكثر من مرة لكنه لا يجوز أن يرأس الحزب اكثر من دورتين وهكذا الحال في المعتمد. من الملاحظات المهمة على النظام الاساسي ولم تبرز موضوع مبدأ فقدان العضوية وفي النظام السابق كنا قد رأينا قيادات من الحزب قد تفلتت خاصة في الانتخابات الأخيرة اتفلتوا وترشحوا مستقلين ثم عادوا للحزب وآلياته بعد الانتخابات ولم يخضعوا للمحاسبة لانه ليس هناك نص دستوري في الموضوع لكن الآن وبنص التعديل يعتبر أي عضو ساند شخصًا آخر ضد مبادئ ومرشح المؤتمر الوطني أو ترشح هو بدون موافقة آليات الحزب يعتبر فاقدًا العضوية تلقائياً بدون الرجوع لأي آلية أو مرحلة من مراحل المحاسبة. وأحسب أن هذه وجملة ما طرأ على النظام الاساسي يعتبر تفكيكًا للقبضة على المؤسسات وتحريك الهياكل لانك بمجرد أن تمنع شغل المهام التنظيمية في المستويين الاتحادي والولائي لاكثر من دورتين فهذا رد لعدة تساؤلات حول الكنكشة وغيرها. هذا المؤتمر برزت فيه بوضوح الدقة المتناهية في التنظيم الفني (الإعلام، المراسم، السكرتارية) وواضح بذل في الأمر مجهود يحسب في صالح اللجنة الفنية وملحقاتها، كما أن خطاب السيد الرئيس في فاتحة أعمال المؤتمر كان قوياً ورصيناً ونوعياً واستخدت فيه لغة ومفردات رفيعة جداً تليق وجلال المناسبة كما أنه أخذ بمبدأ الترتيب والتبويب في تسلسل الموضوعات والتعليق.