٭ لقد اطلعت على وثيقة الإصلاح إلتى أصدرها المؤتمر الوطنى، وحينها استبشرنا بها من أجل أن توضع الأمور فى نصابها وتوزع المهام بكفاءة على عضوية المؤتمر الوطنى، لرفع هذا الحمل الثقيل الذى تنوء به الدولة، ويعانى منه الحزب. ٭ وكنا نأمل أن تحذو جميع مؤسسات الحزب ذلك الحذو عندما تم ترشيح بعض القيادات بمجلس الشورى لتولى رئاسة الحزب عن طريق الانتخاب الحر المباشر، وبعدها ما حدث من صيغة أنموذجية للتصويت من قبل كافة عضوية المؤتمر الوطني المصعدة على توصية مجلس الشورى برفض الترشيح أو قبوله الأمر الذى أسفر عن شفافية منقطعة النظير، ومن ثم حدث الرضاء الكامل بالنتيجة إلتى ظهرت بفوز السيد الرئيس كمرشح لرئاسة الجمهورية والحزب. ٭ والملفت الذى يرفض تماماً، بأن الكليات الشورية لاختيار عضوية مجلس الشورى القومى، لم تلتزم بمبادئ الشورى واحترام رؤية العضوية لطرح المرشحين بذات الصيغة إلتى اتبعت لرئاسة الحزب، وفوجئنا بأشخاص يأتون لنا بقوائم أطلقوا عليها اسم توافقية، وخطط لها بليل، بحيث يثبّتون أسماءً بعينها لعضوية مجلس الشورى، صيغتها كالتالى: ٭ رئيس القطاع لا بد أن يكون فى المجلس ونوابه وكذلك أمناء الأمانات. وهذا الشكل يستهدف تكريس التنفيذ والمحاسبة عليه فى يد أشخاص، ليصبحوا حكماً وخصماً، يصيغون السياسات وينفذونها ويحاسبون أنفسهم عليها. ٭ وإن هذا الذى مورس يقتضى أن يكون الشخص الواحد أميناً لأمانة، وعضواً بمجلس الشورى، ومتطلعاً ليصبح عضواً بالمكتب القيادى، ووزيراً، وهى صورة تنطبق على كثيرين ليس من المستحب ذكر أسمائهم. ٭ ونحن إزاء هذا الشكل الشائه الذى يتنافى مع نصوص وثيقة الإصلاح، لا نتردد لتذكير السيد رئيس الجمهورية، بنسف مراكز القوى، والعمل على إسناد المهمة الواحدة للرجل الواحد، لضمان حسن الأداء، واستغلال إمكانية المؤتمر الوطنى المليء بالكوادر والغنى بالتخصصات، ولا ينبغى إطلاقاً أن نعتبر هذا الذى حدث الإ بمثابة ضربة قاضية لحركة الإصلاح، وللأسف أن مثل تلك الممارسات قد أتت من قبل من كانوا ليوم قريب يدعون للإصلاح وإسناد المسؤوليات للمقتدرين، وعدم تكرار الوجوه، وإزدواجية المهام، فإذا بهم يقعون فى ذات الذى كانوا ينادون بالقضاء عليه. ٭ ومراكز القوى إلتى وعد السيد الرئيس فى ختام جلسات المؤتمر العام بمحاربتها، قد شكلت نفسها بالنظر نظرة واحدة إلى ما شكل من هياكل. ٭ فكم من وزير قد أصبح عضواً بالمكتب القيادى وعضواً بالشورى، وأميناً لأمانة من الأمانات. ٭ إنها عملية إن ّتم تمريرها، والقبول بنتائجها، فهى تعني أولاً أننا نخادع أنفسنا، ونكتب كلمات على الأوراق دون أن نفعل بموجبها. وكبر مقتاً عند الله بأن نكتب وثائق، ونقول أقوالاً ونحن لا نفعل بعشر معشارها، أو قدراً يسيراً منها، وبالتالى نضرب مصداقيتنا بعرض الحائط، وأسوأ من الذي يكذب من يكذب على نفسه. ٭ والإصلاح الذى يقف عنصراً مهماً ويمثل تحدياً عظيماً للفترة الرئاسية القادمة، هو أن يكون الحزب متوازناً ومتسقاً مع ما يصدره من نظمٍ ولوائح وقواعد للمحاسبات، ولا سبيل ليصبح الحزب منصة لقيادة المجتمع وتوجيه الدولة، الإ بعدم ازدواجية المناصب، وردع الذى يريد أن يركب على سرجين، ذلك لأن أهلنا قد قالوا قولاً حكيماً ليس فيه بطلان، «راكب سرجين وقاع، وصاحب بالين كذاب». ٭ ومراكز القوى، بالولايات، قد ظهرت سوءاتها، وبانت ضلالاتها، واتضح للكافة من ينادون إليها، ويحشدون الهتيفة لتكريس وجودها. ولا أرى من حل لضرب هذه المراكز إلتى عشعشت، وفاح ريحها الخبيث إلا بإعادة النظر جملةً وتفصيلاً فى كيفية الحكم الولائي، بحيث تعتبر الولايات جميعاً قومية فى سياساتها ومحلية فى خدماتها، بحيث تنال قسمتها، من الثروة والسلطة التشريعية لمن يسكنون فى مناحيها، ولا يصدرون إليها من جهات أخرى على قاعدة أن هؤلاء من أبنائها. ٭ أما حكم الولاية فينبغى أن يسند للشخصيات القومية دون اشتراط ضرورة أن يكون والي الولاية من جهة أو قبيلة فى الولاية، وبذلك نضمن قومية الولايات، بحكم أنها جزء من كل وليست جزراً معزولة تتحكم فيها عنصريات وقبليات أدت بنا إلى مهالك، وفتنة بين السكان جراء عصبيات حذرنا منها ديننا الحنيف. ٭ فعمرو بن العاص قد حكم مصر، ولم يكن من أبنائها، وعبد الله بن أبي السرح قد حكم أرض النوبة ولم يكن نوبياً بلسانه أو سحناته. ويا ليتنا نضرب مراكز القوى بالمركز والولايات ليستقيم أمرنا إن كنا بالفعل قد أصدرنا وثيقة نريد بها الإصلاح.