يطيبُ مقامكم في هذه الدنيا أم بناياً قش، وقال عنها أهلنا الشكرية وهم يذكروننا ناظر القبيلة وزعيمها الراحل عوض الكريم أبو سن قالوا هذه الدنيا زائلة بي عوض كريمها وهو حضرة ناظر الشكرية ثم إنني توفيت إلى رحمة مولاي هكذا وتباكت الباكيات: يا حليل أبونا العمدة عشا البايتات وصاحب الجولات وكاتب الاستراحات في الصحافات والخبرلات وسالت دموع أبنائي وإخواني قائلين: هلا هلا العمدة كان راجل الله يرحمو أخو إخوان وشيال حمول وكانت وفاتي بالخارج حيث ذهبت طلباً للعلاج ولكن المعدودة تمت وتجمع الناس بالقرية والقرى المجاورة في انتظار وصول الجثمان.. وبعد ما كانوا يقولون عني ذاكرين سيادة العمدة سموني الجنازة والجثمان قائلين يا جماعة الجنازة بتصل متين؟ هلا هلا يا العمدة.. كما قال الشاعر: إتلموا القبايل للمعازة.. بعد ماكْ ود فلان سموك جنازة. ووصل الجثمان لأرض مطار الخرطوم بالطيارة وكنت ميت لا أعرف أنني طائر بالجو، كما كنت أطير في حياتي وكنت داخل الطيارة مع العفش مشحون بالوزن وكان وزني في حياتي هو سبعون كيلو.. وليست أدري هل زاد أم نقص؟ المهم وصلت المطار جنازة جاهزة ونقلوني بالإسعاف إلى قريتي البسلي نهر عطبرة لأتوسد الثرى بأرضها الطيبة.. ووصلت الجنازة الضحى وقابلوها بحزن شديد ووقف الفلاسفة في مثل هذه المناسبة يمنعون الناس «الجعير» قائلين: يا جماعة أدوه الفاتحة أحسن، وادخلوا الجنازة للبرود لتلقي عليها الأسرة النظرة الأخيرة، وحملوني على الأكتاف للمقابر وأنا لا أدري شيئاً، هلا هلا يا عمدة البلد دنيا زايلة أم بناياً قش. ووضعوني وأنا مسجى على العنقريب على الأرض ووقفوا صفاً يتقبلون العزاء ويقول القادمون للعزاء بعد أن يلقوا العصي خلفهم قايلين الفاتحة يا جماعة ويهمسون بقراءة الحمد لله رب العالمين وبعضهم يتمتم ساكت. ويأتي أحد الأفراد صائحاً يا جماعة القبر جاهز عليكم بالصلاة. وقبل ذلك يجلس الناس كيمان متفرقين وهناك خمسة جلسوا وسط المقابر يتكلمون في أنس لطيف وانبرى أحدهم قائلاً: ما شاء الله المرحوم مبسوط ترك تلاث عمارات مؤجرة بالخرطوم وعمارتين بمدينة عطبرة وعربات سياحية، وينبري أحدهم قائلاً طيب المرحوم ده جاب المال من وين عشان يبني عمارات، ويرد عليه المتحدث يا زول ده تمساح كبير ياكل الحكومة كلها وأخيراً انضم للمؤتمر الوطني.. ويواصلون الحديث في شخصي أنا المرحوم هذا قبل دفن الجنازة وقف الناس جميعاً لإنزالي في القبر وإهالة التراب علىَّ هكذا: «منها خلقناكم وفيها نعيدكم تارة أخرى» (صدق الله العظيم) وأولئك الجالسون وقفوا لحظة الدفن يتمتمون بدون قراية قائلين هلا هلا رقد راجل ثم عادوا لمكان الفراش، وانبرى أولئك لتكملة القطيعة فوق المرحوم. وجاءت الوفود للتعزية مناديب السيد رئيس الجمهورية ووفد الختمية نيابة عن ود الميرغني وهم يتلون البراق ثم وفد الشيوعيين وأحزاب الفكة والطرق الصوفية لأن المرحوم كان يتلاعب مع كل هذه الأحزاب سياسياً، ثم جاء وفد جماعة أنصار السنة وهو كان المرحوم ينتمي إليهم وهم من قدامى أنصار السنة.. هكذا سيداتي سادتي رسمت لكم صورة موتي أرجو أن تدعو لي بالجد وليس بالهمهمة. مع قبول تحياتي من تلك الدار واسرعوا ألحقوني وهي ما دامت لي عوض كريمها.. خربانة أم بناياً قش. والسلام.