ظللنا نتحدث أكثر من مرة بان الحكومة غير جادة بما فيه الكفاية لمحاربة الفساد، رغم التصريحات المتوالية التي يطلقها المسؤولون وآخرهم الرئيس عمر البشير الاسبوع الماضي عقب اداء مستشاري وزارة العدل القسم، حيث اكد ان الحكومة حريصة على محاربة الفساد. وحينما نتحدث عن قضايا الفساد نتحدث عن اتهامات الفساد المربوطة بمسؤولين في الحكومة، وليس القضايا المتعلقة بصغار الموظفين، فهذه بلا شك تشهد المحاكم يومياً قضاياهم وتفصل فيها. فقضية كقضية فساد موظفي مكتب ولاية الخرطوم بمليارات الجنيهات، يتم السكوت عنها بهذه الطريقة، ومن غير استحياء، ما يتعارض مع القول بان الحكومة جادة في مكافحة الفساد، لان الشارع بدأ يتهكم وينسج القصص والحكاوي حول المتهمين في القضية، فمنهم من يقول ان المتهمين الرئيسيين الان في ماليزيا ومنهم من يقول في دبي ومنهم من شاهدهما في احد مولات الخرطوم يتسوقان. نتساءل هنا عن دور المجلس التشريعي لولاية الخرطوم في مثل هكذا قضية، هل زعله من والي الخرطوم لعدم تنوير المجلس في فاتحة اعماله كاف، ام هناك خطوات اخرى متبعة؟ بل ونسأل رئيس المجلس الذي تكرم بالرد على النواب بان الخضر لم يشر الى القضية في خطابه لانها امام القضاء. نريد من السيد محمد الشيخ مدني ان يوضح لنا اي قضاء الذي ينظر القضية حالياً، واين وصلت مراحل التقاضي، حتى لا يكون الحديث تخديراً للنواب والمواطنين. «2» اجتمع وفد اسرائيلي مع قطاع الشمال وحركات دارفور الاسبوع الماضي باديس، وهو امر غير مستغرب، لان اسرائيل لم تنفك يوماً عن ملفاتنا، سواء مباشرة او بطريقة غير مباشرة. ومعروف الدور الاسرائيلي في حرب الجنوب، حيث كشف احد وزراء الدفاع السابقين ان تل ابيب دعمت ودربت عدداً من قادة وجنود الجيش الشعبي، فضلاً عن علاقتها بالمتمرد عبد الواحد نور الرافض لمبدأ التفاوض مع الخرطوم، وهو بلا شك موقف يتسلم مقابله دولارات مباشرة. لكن المدهش في الامر ان الحكومة ظلت صامتة منذ ذلك الوقت ولا تتحدث عن ذلك التدخل الاسرائيلي في الشأن السوداني، سمعنا منها انها تقدمت بشكاوى وادانت وشجبت الاعتداءت التي تمت في شرق السودان وعلى مصنع اليرموك بالخرطوم. ثم ألم تفكر تلك الحركات التي جلست مع الوفد الاسرائيلي ان قدر لها التوقيع على اتفاق سلام، ان تشارك في الحكم، وباي مرجعية ستشارك، معروف موقف السودان من الكيان الاسرائيلي، واعتباره عدواً مغتصباً لأرض فلسطين، بجانب مواقفه المعادية للسودان، انا اعتقد اذا قدر لاولئك العملاء المشاركة في الحكم فانهم سيصبحون غواصات داخل الحكومة لصالح الكيان الاسرائيلي. «3» تضع الحكومة نفسها في كثير من المطبات التي يصعب الخروج منها، من هذه المطبات مناقشة قضية دارفور في منبر اديس ابابا. الحكومة في كل يوم تتحدث عن ان وثيقة الدوحة هي المرجعية الاساسية للتفاوض. وان منبر الدوحة هو المنبر الوحيد لمناقشة ازمة دارفور. كل ذلك وتأتي الحكومة لتقول ان مفاوضات اديس لبحث قضية وقف اطلاق النار فقط، وليست للحديث حول اية قضية اخرى لكن الحركات المسلحة تسعى بما لديها من عملاء لمناقشة كل البنود التي تم النقاش حولها من قبل في الدوحة، بغرض احراج الحكومة مع الدوحة ومن ثم تحتج حركة التحرير والعدالة الموقعة على اتفاقية الدوحة. وتأتي الحركات التي تجمعت في اديس وترفض الاتفاق مع الحكومة حول اي اجندة تفاوضية بغرض بعثرة اوراق الحكومة، فتفقد اتفاق الدوحة ولا تجد اتفاقاً في أديس. كان على الحكومة عدم الانسياق وراء امبيكي والحديث عن اي قضية لدارفور في اي منبر بخلاف الدوحة، لان احد الاسباب الحقيقية التي ادت لاجهاض اتفاق ابوجا هو انها قالت ان ابوجا هي اخر اتفاق وذلك باعتراف المجتمع الدولي لكنها جاءت وفاوضت الحركات الاخرى في الدوحة، فانهارت ابوجا ولم يتبق منها الا اشخاص تائهون. «4» حادث مؤسف وأليم تعرض له عدد من الائمة وحفظة القرآن بولاية جنوب دارفور الاربعاء القادم حينما اطلق مسلحون مجهولون يمتطون جمالاً النيران على العربة التي كانت تقل اولئك الحفظة قتلت منهم «15» واصابت وجرحت «10» اخرين. لقد شهدت ولاية جنوب دارفور استقراراً امنياً جيداً في الفترة الاخيرة بفضل الجهود الامنية التي اتبعتها الولاية، لكن الحادث الاخير يؤكد ان هناك جيوباً خارج نطاق سيطرة حكومة الولاية ما يعني ضرورة تكاتف الجهود الرسمية والشعبية للقضاء على كل المتفلتين، وليس من الصعب ذلك لان الحكومة تملك طائرات واليات ليس بمقدور المتفلتين الافلات من القبض، كما على الحكومة ضرورة ان يكون لديها عيون في البوادي والفرقان، للابلاغ عن اي اشخاص يحملون سلاح بطريقة غير رسمية، ونتمنى ان يكون ذلك الحادث عرضياً، وليس بداية لتوتر امني جديد في الولاية. «5» لا بد لحزب المؤتمر الوطني ان يقدم تنازلات أكبر ويتجاوز المرارات لكسب ثقة الاحزاب والحركات الرافضة للحوار، فالحديث الذي ادلى به حامد ممتاز الامين السياسي للمؤتمر الوطني ودعوته للصادق المهدي، فكثير من الفرص ضاعت من بين يدي المؤتمر الوطني بسبب قصر النظر السياسي. فمبادرة الحوار الوطني تفاعلت معها معظم القوى السياسية، فضلاً عن المجتمعات بمسمياتها المختلفة من طلاب ومرأة وشباب او ما يسمى بالحوار المجتمعي، فيجب على الوطني ان لا يفوت تلك الفرصة، وعليه ان يدرك انه في سدة الحكم «25» عاماً، الى اليوم لم تتحقق الرفاهية للشعب السوداني والتي ظل ينشدها طوال سنوات الانقاذ والتي وعدته بها، فلا زال هناك من يعاني شظف العيش وهناك الطالب الذي لم يستطع تسديد الرسوم المفروضة عليه، كل تلك المشاهد يجب على الوطني وضعها امامه، وتقديم ما يمكن تقديمه من تنازلات. «6» حديث نواب البرلمان عن وجود لوبي بالمالية يعرقل قانون اجازة التبغ حديث خطير ويجب الوقوف عنده كثيراً، صحيح ان المالية تنظر لسلعة التبغ بانها تدر لها موارد كثيرة من خلال الضرائب والرسوم المفروضة لكن عليها في نفس الوقت، ان تقف عند المخاطر التي يسببها التبغ، وهو ما اكدت الدراسات انه السبب الاول في تفشي السرطانات بالعالم، فيجب ان تكون النظرة نظرة شاملة للاضرار الكبيرة التي تأتي من التبغ وليس المبالغ المالية التي تدخل خزينة الدولة جراء تلك السلعة التي يجب ان تحرم دولياً ويعاقب المتاجرون بها.