لم اكن اتخيل ان يكون الجمال فى بلادى مهضوماً ومظلوماً ولم اكن متفائلاً بابراز النواحى الجمالية والابداع على ضفاف النيل الخالد عبر ذلك المهرجان السياحى، ولكن «ابن الخواض» بنجاحه افسد على كل توقعاتى، فرغم اننى كنت مهتماً بفاليات ذلك اليوم وشاركت فى تجهيز واعداد بعض الحشود التى كانت مكملة للنجاح الا اننى لم اتحمس الحضور للمشاركة فى الافتتاح الكبير، وما ان لحقت بركب المسيرة حتى وجدت نفسى مجبراً بحماس منقطع النظير فى ان اترجل عن سيارتى واسير راجلاً كما سار «ابن الخواض» تلك المسافات الطويلة من امام الهيلتون وحتى برج الاتصالات متقدماً تلك الحشود والتجمعات الفنية والشعبية والرسمية، ولمن لا يعرف هذا الفتى فبعيداً عن التلميع فهو رجل مجتهد مثابر، «جادى»، متحمس، نشط ظل يتولى مدير الادارة العامة للسياحة بولاية الخرطوم لفترة طويلة تجده فى كل المحافل حضوراً انيقاً ومتحدثاً لبقاً وواجهة مقبولة فى هندامه ومظهره العام يتناسب مع السياحة !! لذلك احسب انه من الذين اصابت الانقاذ فى اختيارهم لتلك المواقع الرسمية وعلاء الدين الخواض هو من بدأ فكرة ذلك المهرجان الذى انطلقت فعالياته امس الأول الجمعة والذى تنظمه وزارة الثقافة والاعلام بالولاية ويعتبر هذا المهرجان ترسيخاً للمعانى والمضامين ودعم عملية الحوار المجتمعى حيث إن الخرطوم ثمثل ملتقى لعديد من الثقافات وتمثل مجتمعاً متمازجاً ومتصاهراً ومتنوع العادات والتقاليد والثقافة وقد ابان المهرجان كثير من المعلومات التى تذهل من كان حاضراً فالخرطوم بها اكثر من «32» موقعاً سياحياً يمتد حول نهر النيل وللخرطوم مزايا ومقومات جغرافية وتاريخية وطبيعية تجعل منها اكبر ولاية سياحية اذا ما استغلت هذه المقومات واتيحت الفرصة لابن الخواض وامثاله فى تطوير ومتابعة ذلك العمل، وقد كان اهتمام الدولة بانشاء المجلس الاعلى للثقافة والاعلام والسياحة ومنها انشئت الادارة العامة للسياحة بالولاية حتى تتركز مهامها فى تنسيق كافة الجهود للقطاع العام والخاص لتطوير تلك الصناعة وكذلك للترويج الاستثمارى والتثقيف السياحى وفى اعتقادى ان الادارة نجحت فى جذب مزيد من رؤوس الاموال والرأسمالية الاجنبية والوطنية ويلاحظ ذلك فى ازدياد عدد المطاعم حيث وصلت لاكثر من «50» مطعم درجة ثانية اضافة لازدياد صالات الافراح والتى فاق عددها ال«20» صالة «10» متنزهات وشركات الليموزين كل هذه المناشط تطور العمل فيها وازدادت بفضل تنشيط المستثمرين للولوج فى تلك المجالات، وقد كنت احس بحجم الفخر والاعزاز والحماس الذى كان يسير به الاخ مدير الادارة العامة للسياحة متقدماً كل تلك النماذج فى طابور سير وكرنفال يدهش الجميع واكثر ما اعجبنى تمثيل راق ومميز من اصحاب وكالات السفر والسياحة فقد شاركت اكثر من «65» وكالة سفر وشركة سياحة بعربات زينت بلوحات جمالية تحمل اسم الوكالة وما تقدمه للسياحة وفى اعتقادى ان تمثيل تلك الوكالات يعتبر اكبر دليل على ان الافكار متقاربة والاعمال تسير بنجاح وتنسيق وما ان وصل الموكب الى برج الاتصالات حيث كان الوزير والمعتمدون فى انتظارهم حتى تفاجأ الجميع بمن فيهم الرسميون بان العمل السياحى والاستثمارى بالبلاد يحوى كثيراً من المناشط، فمر أمام الحضور شباب بلبس زاه وانيق يمثلون معاهد فندقة وسياحة وكذلك ممثلون لكبرى الفنادق بالولاية وعديد من الفعاليات التى اضافت على الموكب جمالاً واناقة، وكان ختامه مسك فقد دعانا الى تدشين ما اعده ضمن تلك الفعاليات فصعدنا الى تلك الباخرة الصغيرة الانيقة وقد تم ترتيبها لتناسب الحضور وبدأ المهندس علاء الدين الخبير فى ذلك المجال بشرح واستبيان شاف وضاف مستعرضاً ذلك ببيان عملى قدمه شباب فى عمر الزهور عن فن الغطس والسباق والفنون النيلية وكان بحق اندهاش للجميع بان الناس فى بلدى يصنعون الابداع كهؤلاء، طفنا مع الوفد لمسافات طويلة على طول النيل العظيم رأينا تلك المناظر البديعة والشواطئ غير المستثمرة وكورنيش النيل بطوله دون ان نجد فيه غير ستات الشاى وبائعى الدوم والنبق، فالخرطوم تزخر كما زكرت بمناظر جميلة فقط تحتاج لترويج وتشجيع ووقفة مع هؤلاء الرجال المتجردين، ويجب تفعيل دور بعض الجهات لتدعم هذه المشاريع وتشارك فى تطويرها وانا على قناعة ان مدير السياحة الاتحادية عثمان الامام مهموم بتلك الصناعة أيضاً ويسعى رغم العقبات فى توسيع دائرة المشاركة، وتتناغم عنده كثير من الرؤى والافكار مع ادارة السياحة الولائية وهم شركاء فى بعض البرامج كحملات التفتيش والرقابة على الفنادق بكل درجاتها ومسمياتها، ويحققون خلال ذلك عملاً كبيراً وهاماً لذا لابد من الاستفادة من تلك المعطيات وعمل الورش بالتضامن مع مفوضية تشجيع الاستثمار ومناقشة كل مشاكل قطاع السياحة، حتى يمتد الاحتفال فى قطاع الفنادق والوكالات والاعلان والمعارض. كما ان تلك الادارات قد تنجح فى انشاء وتنفيذ مشاريع ضخمة فيها عائد استثمارى فى منطقة السبلوقة حتى تكون منطقة جذب سياحى رائد، ومن خلال ذلك تقام العديد من المخيمات الطبيعية فى المنطقة الموزاية للمطار الجديد بامدرمان على ضفاف النيل الخالد، ولا ننسى ان الخرطوم تتميز بكونها مدينة تقع على عدت ضفاف نيلية وتعد منطقة المقرن مزاراً سياحياً هاماً لا يوجد مثيل له فى العالم، ويمكن زيادة المراسى فى امدرمان وبحرى وقد اعجبنى تحمس الاخ المجاهد اليسع معتمد امدرمان الذى اعجبته تلك الفعاليات وتحمس معلناً اقامة مهرجان مماثل فى القريب العاجل بامدرمان، كل الجمال وجدناه فى تلك الساعات عبر تلك الفعاليات التى اختير لها «مهرجان النيل سَيرة وسِيرة» فحقاً هى سِيرة تحكى عن عراقة وابداع وهبة من المولى عز وجل لهذا البلد الحبيب، وسَيرة تقدمها فارس من فرسان العمل العام الاخ الخواض بحماس ونشاط وهمة نتمنى ان لا ينقطع وان لا تعرقل حتى تصل لما هو منشود.