أصبحت الزيارات العائلية فى حالة من الفتور بعد أن كانت في الزمان الماضي من أهم العادات التي تمارسها الأسر والعائلات والتي كانت تمثل وسيلة التواصل الوحيدة آنذاك. ولكن هنالك الكثير من المفارقات والاختلافات التي بدلها الزمن وتعاقب الأجيال فى عصر أصبحت فيه التكنولوجيا تتحكم في كل شيء بما فيها التواصل الذى أصبح عبر الأجهزة والمواقع بدءاً من التلفون إضافة الى الانشغال الذي لازم الأفراد بسبب ظروف الحياة، فقد كان للزيارات مذاق خاص أساسه الترابط الاجتماعى والتوادد والتراحم لا سيما وأن ديننا الحنيف أوصانا بصلة الرحم، «الإنتباهة» وقفت على ذلك الجانب واستطلعت البعض، فكانت الحصيلة التالية: زيارة بيت الجدة «سلمى عبد الفضيل» معلمة تقول عن الزيارات العائلية: أصبحت الزيارات العائلية عادات يحكي عنها الماضي ومجرد ذكرى، وهذا بسبب ضغوطات الحياة، فأذكر عندما كنا اطفالاً تأخذنا والدتي أنا وأخواتى كل أسبوع لزيارة منزل جدتي لوالدي ونقضي هناك يوماً كاملاً بالقرب منها، ونجد هناك كل الأسرة مجتمعة من ابناء اعمامي وعماتي ونلهوا ونلعب مع بعضنا البعض وتفرح الجدة كثيرا بتلك اللمة الأسرية الجميلة، ولكن بمرور الزمن وبعد أن كبرنا أصبحت الزيارات لتلك الدار التي كانت عامرة في يوم ما، قليلة بل نادرة بسبب ظروف الحياة وأصبح التواصل بين الكل عبر الهاتف. يا حليل الزمن الجميل «يا حليل الزمن الجميل» بهذه الكلمات بدأ حديثه محمد الشيخ «سائق مركبة»، وبدت ملامحه وكأنه يتأسف لضياع ذلك الزمان من الماضي، ثم واصل حديثه: كنت قديماً أنا وأقراني من ابناء العائلة وكنا قرابة العشرة أصحاب قمنا بعمل برنامج ثابت أيام العطلات، وكنا نذهب في كل مرة لزيارة منزل أحد كبار العائلة لقضاء ذلك اليوم، فكرت بعدها الأسر من العائلة في تطوير فكرتنا وكونت ما يعرف بالجمعية الأسرية وفرحنا كثيرا بان كان لنا الفضل فى تكوينها وطالما قضينا فيها أسعد الأوقات بصحبة الأهل، ولكن سرعان ما مرت السنوات وانصرف كل إلى مشاغله، فمنهم من هاجر ومنهم من تزوج وأصبح منشغلا بأسرته، ومنهم من توفي إلى رحمة مولاه، وهذا هو حال الدنيا بس نعمل شنو، الظروف حكمت علينا. مشاغل الدنيا قالت «فايزة عوض» ربة منزل: فرق شاسع بين برنامج الزيارات العائلية قديماً وحالياً، ففي السابق كان الناس تتفقد بعضها البعض وتآنس بعض، ولكن بعد ظهور التلفونات وانتشارها الناس قللت الزيارات وأصبح التواصل وتفقد الأحوال بالتلفونات، والناس بقت ما فاضية بتفتش لمعايشها وتشوف محل أرزاقها، البعض منهم يقول الناس بقت جافية لكن انا بقول دي مشاغل الدنيا والزول لو لقى زمن ما بقصر. وواصلت حديثها: حتى المناسبات وبالذات الأفراح فى بعض من الناس بقت ما بتشارك بنفسها وبتكتفى بالاتصال. تواصل عبر الواتساب أما الطالب علي عبد القادر فابتدر حديثه بأنه لا يقوم بزيارات عائلية إلا في الضروريات، وقال نحن ك «شباب» نحب قضاء كل الأوقات مع بعضنا البعض فنذهب إلى الرحلات والحدائق والمتنزهات والنوادي ونحب ممارسة الرياضة ولعب كرة القدم، ويكون ذلك فى فترة الإجازة، أما خلال فترة الدراسة فيكون الانشغال بالدراسة هو كل همنا حتى أننا لا نملك الوقت لممارسة هواياتنا، أما بخصوص العائلة فيكون التواصل عبر الواتساب لنتفقد بعضنا البعض. زيارات خفيفة الزيارات العائلية موجودة نوعاً ما، ولكن هناك بعض الاختلاف والتغييرالذي طرأ عليها،، هذا حديث أميرة أحمد طالبة: قالت أصبحت تلك الزيارات ليست كما كانت فى السابق وتحولت الى «زيارات خفيفة» ودائماً تكون فى الفترة المسائية وهو الوقت الذي يوجد فيه كل أفراد الأسرة وتكون مدتها ما بين الساعة إلى الساعتين فانشغال الناس يحتم ذلك، وحتى الزيارة للجيران أصبحت زيارة خفيفة عدا في حالة المناسبات. الوقت لا يكفي قالت منال الأمين: بهذا الخصوص أنا «موظفة» ليس لدي وقت للزيارات خاصة وأن لدي أطفال فأكرس كل جهودي في وقت العطلة للبقاء بجانبهم والوقوف على متطلباتهم ومتطلبات المنزل من ترتيبات وغيرها، ومع ذلك أشعر بأن يومي العطلة لا يكفيان لقضاء تلك المتطلبات، أما عن تواصلي مع الأهل والأقارب فهو عن طريق مواقع التواصل المختلفة، وإن كانت هناك زيارات فتكون فى فترات متباعدة وعند الضروريات التي تقتضي ذلك، أما في الواجبات الضرورية مثل العزاء تجدني حاضرة، فالأحزان ليست كالأفراح، ولا بد من تقديم ذلك الواجب في وقته. وجاء رأي علم الاجتماع في تلك الناحية، فقد فقالت أ. هنادي الأمين: سيطرت العولمة على الأجواء العائلية بالكامل، فنجد وحتى في الزيارات العائلية كل فرد مشغولاً في جهازه مع اصدقائه الافتراضيين غير آبه بمن حوله، فالابتعاد عن الجلسات العائلية التي تقرب الأفراد من بعضهم البعض، يضعف الروابط الأسرية ويفككها، فلا بد من استعادة العلاقات العائلية إلى ما كانت عليه في السابق لإظهار المحبة والإلفة بين الأفراد.