الخطبة هي كلام مسجع مشتمل على تحذير وتبشير. كما أنها درس أسبوعي يستفيد منه المسلم في أمر معاشه ومعاده، وكان صلى الله عليه وسلم إذا خطب علا صوته واحمر وجهه كأنه منذر جيشاً. قال شوقي وإذا خطبت فللمنابر *** هزة وللعيون بكاء ولأهمية الخطبة يحرم الكلام ومس الحصى، واللغو بل حتى النافلة والإمام يخطب عند المالكية. ونلاحظ عزوف المصلين عن الخطب والمواعظ والبعض يأتي عند إقامة الصلاة «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِين». لا أريد الاسترسال في الحديث عن الخطبة وشروطها وسننها وآدابها، كل ذلك نجده في مظانه لمن ألقي السمع وهو شهيد، ولكني أريد توجيه رسالة إلى جهات الاختصاص فيما يتعلق بنقل صلاة الجمعة من مسجد الشهيد عبر تلفزيون السودان، وكذا مجمع النور بضاحية كافوري عبر فضائية النيل الأزرق، والكل يتحدث عن التنوع والتعدد الذي نريده واقعاً ملموساً وليس كلاماً نظرياً إيماناً منا بالرأي والرأي الآخر. ومعلوم أن تلفزيون السودان يعبر عن أشواق الشعب ومكوناته وليس ملكاً لطائفة أو حزب، كما أن فضائية النيل الأزرق تحت إمرة الدولة وإن كانت ذا صبغة تجارية فالذي نصبوا إليه أن تتجول الكاميرا من مكان لآخر لنقل صلاة الجمعة من مساجد ذات مباني ومعاني، فمسجد الشهيد ومجمع النور من المساجد حديثة البناء والتكوين. وفي بلادنا مساجد ذات إرث تاريخي جمعت بين العمارة الظاهرة والباطنة «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ». وإذا كانت المسألة متعلقة بفصاحة اللسان وقوة البيان ومواكبة العصر، فالمنابر فيها من هو أكثر علماً وأفصح لساناً. «وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ»، ولا بد من الوضوح والنقد البناء الهادف وألا تسخّر المنابر لفكر خاص لتغيير مسار الآخرين، فالمسجد عبارة عن سودان مصغر فيه كل ألوان الطيف. ومع احترامي للشيخ الكاروري لا أجد مبرراً ليكون نقل الصلاة حكراً عليه اللهم إلا أن يكون محسوباً على النظام لا غير. وذات مرة كنت أتابع نجله أحمد وهو يعتلي منبر أبيه من خلال تلفزيون السودان وكان وقتها يتحدث عن الإنفاق وثمراته، فقلت في نفسي هذا الشبل خير للمصلين من الأسد. فالخطبة الموجهة إذا لم تستصحب معها مكونات الشعب واحترام الآخرين تكون بلا نتيجة ولا فائدة. وهذه خطة مبدئية لمساجد يمكن أن تنقل منها صلاة الجمعة مع تعليق موجز أو لمحة تاريخية عن دور هذه المساجد في صلاح الفرد والمجتمع. ودعوني أبدأ ببعض مساجد الخرطوم ومنها: 1» مسجد أرباب العقائد أو ما يعرف بفاروق. «2» مسجد الخرطوم الكبير. «3» مسجد جامعة الخرطوم. «4» مسجد القوات المسلحة. «5» مسجد الشريف الهندي ببري 6» مسجد الشيخ محمد توم بالرميلة. مسجد العزمية بالمايقوما 7» مسجد البرهانية بالسوق الشعبي 8» مسجد الشيخ فتاي العلوم بالكلاكلة 9» مسجد الكسباب بطيبة الحسناب 10» مسجد الشيخ الياقوت بجبل أولياء 11» مسجد الشيخ العبيد ود بدر بأم ضواً بان. هذا للمثال لا الحصر فيما يتعلق بمدينة الخرطوم ومنها إلى بحري حيث«1» مسجد السيد علي الجامع. «2» مسجد بحري الكبير «3» مسجد الشيخ خوجلي أبو الجاز «4» ومسجد حسن متولي بحي المظاهر «5» مسجد أبو بكر بالمظلات «6» مسجد الشيخ زين العابدين والشيخ البشير بشمبات «7» وإلى ريف بحري حيث مسجد الشيخ الكباشي. ومن بحري إلى مدينة العلم والمعرفة دعونا نبدأ بمسجدها العتيق أو ما يعرف بالمسجد الكبير، وحيث ذكرى المعهد العلمي رد الله غربته. ومنه إلى مسجد النيلين بجامعة القرآن الكريم ومسجد الأدارسة بحي الموردة ومسجد الشيخ مجذوب مدثر الحجاز بأبي روف ومسجد الشيخ يوسف إبراهيم النور والدندراوية بحي الملازمين ومسجد السيد عبد الرحمن بود نوباوي، ولسنا بعيدين عن مسجد الشيخ قريب الله ونجله الشيخ الفاتح، واسمحوا لنا بالذهاب إلى أم مرحي حيث مسجد الشيخ الطيب ومنه إلى مسجد الجزيرة سلانج العتيق ولا أنسى مسجد الشيخ محمد علي الطريفي بالعرضة، نعم هو حديث البناء ولكن للشيخ أياد بيضاء على كثير من علماء بلادنا في التربية والتعليم والإرشاد، وخاتمة المسك مسجد الشيخ دفع الله الصائم بأمبدة. وإذا كانت الدولة تتخوف من هجوم المنابر عليها فلا مانع أن تكون موجهات وخطوط عريضة يتوافق الناس عليها حتى لا نخرج عن النص، فالمجمع عليه خير من المختلف فيه. رسالتي للأستاذ السموأل خلف الله وأنت واحد من أئمة وخطباء المساجد أن يكون لك وللتيم العامل بتلفزيون السودان دور في تجوال الكاميرا في ربوع البلاد لنقل صلاة الجمعة من مساجد مختلفة الأشكال والألوان ليكون التنوع والتعدد واقعاً ملموساً، وفي ذلك الكثير من الفوائد «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ». وللخطباء أهدي هذين البيتين. لسان فصيح معرب في كلامه ** فيا ليته من وقفة العرض يسلم ولا خير في عبد إذا لم يكن تقي** وما ضر ذا تقوى لسان معجم وصلى اللهم على سيد الأنبياء والخطباء. * نائب الأمين العام لجمعية الأمام الأشعري