تبدو الخرطوم جميلة جداً هذه الأيام.. لكن اوساخها تقف عائقاً حتى لا تكتمل صورة جمالها هذه... هذه الاوساخ التي امتلأت بها جنبات طرقها الداخلية والخارجية وازقتها في احيائها كلها.. ومرافقها العامة.. مما يعكس صورة غير طيبة عن شركات النظافة التي تتولى أمر النظافة بالعاصمة تحديداً. لا شك ان الخرطوم تحسنت جداً في مبانيها وعمارتها وطرقها الداخلية.. الا انها ازدادت اتساخاً في كثير منها، وهذا بالطبع الذي أدى الى ارتفاع اعداد المرضى بمستشفياتها ومراكزها الصحية، وهذا الذي كثيراً كنا نخشاه ان يحدث.. نتيجة تراكم هذه الأوساخ والقاذورات التي تعتبر مرتعاً مستطاباً لأرتال من الذباب والحشرات بأنواعها وأشكالها المختلفة التي تتسبب في نقل الأمراض، مما جعل غرف المستشفيات تمتلئ بالمرضى. وكثيراً كتبنا في «الوهج» هنا تحديداً حول هذا الأمر، وعكسنا وجهة نظرنا للسيد الوالي حول حل هذه المشكلة، عندما قلنا ان نداءً واحداً لشركات النظافة الخاصة بعده تكون المشكلة محلولة تماماً.. وقد جلست لأحد مالكي واحدة منها وله شركة كبيرة تعمل متعاقدة مع سفارات دول كبيرة بالخرطوم.. وذكر لي انه اطلع على «الوهج» يومها وما كتب فيه بهذا الشأن.. وأنهم كشركات وطنية خاصة لا مانع لهم من المشاركة، ويمكن ان يفعلوا الكثير في عملية اصحاح البيئة بحكم خبراتهم الكبيرة في هذا المجال.. ولن تكون المادة هدفهم الأول في خدمة بلادهم فقط يحتاجون لتوفير المواد المعينة للعمل بحكم اتساع الولاية.. ويمكن أن يديروا عمالتها بصورة جيدة. وسبق أن قلت للأخ الدكتور الخضر وعبر العمود هذا، إنه يمكن الاتفاق مع هذه الشركات بمساعدتها في تسهيل استجلاب معينات عملها من الخارج، ليس بشرائها لهم، بل بمساعدتهم في إجراءاتها الجمركية.. لتعود فائدتها لهم مقابل ما سيقدمون من خدمات وطنية في نظافة الخرطوم. لا أعتقد أنه من المصلحة أن تنتظر الولاية طويلاً في امر النظافة هذا، فتراكمها يجعل الحل صعباً حينها.. إن لم تكن هناك خطوة سريعة اليوم قبل الغد في ايجاد الحل الجذري لهذه المشكلة. ايضاً هناك دور مهم جداً للمواطن يجب ان يلعبه.. وهو أن يساعد في الاهتمام برمي الاوساخ في مواقعها المحددة.. وان يحسن وضعها بصورة تجعلها سهلة الحمل لعمال النظافة، ويجب وضعها في مواقع بعيدة عن عيون المارة من الشماسة والحيوانات الضالة كالكلاب والقطط التي تبعثرها بعثرة تجعل أمرها عجباً. وعلى المواطن أن يخرجها قبل وقت مناسب من زمن حضور عربات النفايات حتى لا يصبح منظرها قبيحاً في الطريق العام فتكون عرضة «للبعزقة» والتشتت.. وهو المنظر السائد هذه الأيام في كل طرقات العاصمة. إذا كانت ولاية الخرطوم للحقيقة بذلت جهداً كبيراً في كثير من المشروعات الجمالية للخرطوم.. فليس صعباً عليها امر حل مشكلة نظافتها. بالمناسبة الصحافة واحدة من الوسائل التي يمكن أن تسهم كثيراً في عملية اصحاح البيئة عبر ما تنشره من ارشادات تصب في حل المشكلة.. لذا يتوجب على اعلام الولاية متابعة كل ما يكتب عبر الصحف اولاً بأول ورفعه لجهات الاختصاص لاتخاذ المناسب من القرارات بشأنها لتسهم في الحل. وعلى جهات الاختصاص ألا تأخذ ما يكتب في الصحف بأنه لأغراض شخصية.. فالصحافة حبلى بالأقلام الوطنية وصاحبة الوجعة والهم المشترك في القضية. إن إهداء العيوب وعكس وجه القصور ليس عداءً للمسؤول، بقدر ما هو نابع من فهم بارك الله في امرئٍ أهدى إليَّ عيوبي.