انتهى قبل أيام بمدينة الفاشر حاضرة شمال دارفور الاجتماع الثاني للجنتي العدالة والحقيقة والمصالحات التابعتين لمفوضية العدالة والحقيقة والمصالحات بالسلطة الإقليمية لدارفور، بعد تقديم الخطط والمقترحات التي بشأنها يمكن لتلك اللجان الخروج برؤية جادة من أجل ترسيخ القيم الاجتماعية للتصالح والعدالة بين مكونات المجتمع والقبائل الدارفورية. وقد أدى القسم في ذلك الاجتماع أمام الأمين لمفوضية العدالة والحقيقة والمصالحات كل من العضوين عثمان التوم احمد إبراهيم مقرراً للجنة الحقيقة والمصالحات والناظر الصادق عباس ضو البيت عضواً للجنة الحقيقة، واللذان قد تم تعيينهما أخيراً بناءً على قرار رئيس السلطة الإقليمية لدارفور. وأكد الأمين العام للمفوضية إبراهيم آدم إبراهيم خلال حديثه أن لجنتي العدالة والحقيقة والمصالحات تعتبران المكونين الأساسيين للمفوضية والعنصرين المهمين لتحقيق السلام الاجتماعي في دارفور وفقاً للموجهات والمبادئ الواردة في وثيقة الدوحة للسلام. ولفت الأمين العام إلى أن أهميتها تنبع من مبدأ الوسيط المحايد بين الدولة والمجتمع بغية إعادة بناء مجتمع دارفور بعد التغييرات التي حدثت بعد عام 2003م ووفقاً لولاية مفوضية العدالة والحقيقة والمصالحات.. مجدداً في ذات الصدد اهتمام مفوضيته برد الحقوق والمظالم وبسط العدالة بتعويض المتضررين وجبر أضرارهم وتحقيق المصالحة على قاعدة الانصاف والعفو وفقاً للقوانين والأعراف والتقاليد السودانية السمحة، بجانب رد الاعتبار لكرامة الإنسان وترسيخ صفة المواطنة للفرد ليتمتع بكافة حقوقه التي انتهكت، مع ضرورة التحري والكشف عن حقيقة الانتهاكات لحقوق الإنسان وحجم الضرر الذي لحق بالقرى والدمار والخسائر في الممتلكات والأرواح والأذى الجسيم، كما أشار إلى ضرورة تقديم مقترحات الحلول للإصلاح وتطوير مؤسسي وهيكلي لمؤسسات الإدارة الأهلية باعتبارها إحدى الآليات المهمة لتأمين التعايش السلمي بين المجتمعات. وقال إن مرجعية عمل لجنتي العدالة والحقيقة والمصالحات تتمثل في الدستور ووثيقة الدوحة لسلام دارفور، بجانب القوانين السودانية والمعاهدات الدولية في مجال التعريض، والأعراف والتقاليد الدارفورية السمحة التي تحكم وتنظم العلاقات بين أهل دارفور، علاوةً على الاتفاقيات الأهلية التي عقدت بين أطراف متعددة لتطويق النزاعات. وطالب إبراهيم الدولة بضرورة إصدار توجيهات رئاسية لكافة أجهزة ومؤسسات الدولة بالتعاون المطلق مع لجنتي العدالة والحقيقة والمصالحات، وتهيئة الأجواء المناسبة التي تمكنها من أداء مهمتها، بجانب إنشاء آليات تنسيق مشتركة بين المفوضية وكافة الجهات الحكومية ذات الصلة، كما استعرض التحديات التي تواجه عمل اللجنتين وخاصةً في ما يتعلق بفقدان الثقة او ضعفها بين بعض قبائل دارفور فيما بينها وبين القبائل والقيادات المجتمعية المختلفة، بالإضافة إلى عدم عودة الحياة لطبيعتها بكل أرجاء دارفور، فضلاً عن عدم التحاق بعض الحركات المسلحة بوثيقة الدوحة، وعدم توفر المعينات اللازمة لإنفاذ البرامج. وأشار إبراهيم إلى اهتمام مفوضيته بفتح مكاتب بولايات دارفور، بجانب عمل قاعدة بيانات ومعلومات شاملة في إطارها العام وشبه العام، لافتاً إلى أن المفوضية قد قامت بعمل قاعدة بيانات للنزاعات في ولايات دارفور لتعين اللجان في أداء مهامها. الشرتاي إبراهيم عبد الله محمد رئيس لجنة الحقيقة والمصالحات، قال إن المسؤولية الملقاة على عاتق المفوضية كبيرة وعظيمة، والطريق شائك لتحقيق السلام وتضميد الجراح ورفع أوجه الجور والظلم الذي لحق بالمواطنين جراء أزمة دارفور، مضيفاً أن الحرب قد حصدت الأرواح وأضاعت الأموال والثروات وكادت تعصف بالموروثات. ودعا الشرتاي إبراهيم إلى ضرورة جعل الاجتماع الثاني بداية حقيقية لانطلاقة أعمال اللجان لتحقيق العدالة والتصدي لقضايا الإفلات من العقاب، مستلهمين في ذلك مورثات وأعراف أهل دارفور ووثيقة الدوحة للسلام في دارفور، مؤكداً التزام مفوضيته بالعمل على اعتماد مبدأ العدالة والوجدان السليم والمساواة في إعادة بناء العلاقات الاجتماعية وإحياء وتعزيز قيم السلام الاجتماعي والتعايش السلمي، بجانب إجراء المصالحات والمساعدة فيها وتشجيعها في ما بين المتنازعين بكل السبل المتاحة وخاصةً الجوديات باعتبارها نظاماً راسخاً للتصالح في دارفور، بالإضافة إلى حفظ حقوق المتضررين وتقديم مرتكبي الجرائم للعدالة، مؤكداً التزام مفوضيته بالتنسيق مع لجنة العدالة في سبيل دفع مسيرة العمل إلى الأمام. وأدان الشرتاى بشدة حادثة غابة حمادة وكل الأحداث الأخرى التي حدثت بالإقليم في الفترة الماضية، فيما كشف رئيس لجنة العدالة الفريق شرطة الطيب عبد الرحمن مختار أن لجنته قد وضعت أسساً ومنهجاً للعمل، بجانب تشكيل لجان فرعية بولايات دارفور الخمس ورفع تقارير ايجابية. واتهم الفريق مختار جهات لم يسمها بأنها لا تريد أن تحل مشكلة دارفور، كاشفاً أن لجنته ستقوم بإجراء اتصالات مع الحركات المسلحة الرافضة للسلام لإقناعهم بالرجوع إلى حضن الوطن من اجل إنهاء معاناة أهل دارفور، مشدداً على ضرورة التحرك بصورة جادة من أجل إعادة حقوق الناس وجبر الضرر.