شهدت البلاد خلال الفترة الماضية ولم تزل ، تطورات سياسية مهمة ، بنيت عليها مرحلة جديدة ذات ابعاد مختلفة علي المستويات السياسية والإقتصادية ، وتلاحقت هذه التطورات بمواقف حادة إتخذتها المعارضة والقوي المسلحة من الحركات والمجموعات المتمردة ، وتثار عديد الاسئلة في خضم هذه التطورات ، ويبدو المشهد السياسي ملتبساً نوعا ما لغياب كثير من الإجابات الشافي ة ، وقليل من الفاعلين السياسيين يملكون الإجابات في بلد تتناوشه رياح الأعداء لإجباره عل تنميط واقعه من جديد ...يكون فيها هو منخفض القامة مهيض الجناح .. خلال زيارتنا لمدينة زالنجي بولاية وسط دارفور الاسبوع الماضي لتقديم واجب العزاء في فقيد البلاد الديمنقاوي فضل سيسي زعيم الفور ، وكنا في معية السيد نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن ووفد إتحادي كبير ، طرحنا عليه الأخ يوسف عبد المنان وانا ، عدة تساؤلات في الشأن السياسي ، ومنعنا أزيز الطائرة من إستكمالها ، وأكملنا الحوار في منزله العامر بعد عودتنا إلي الخرطوم ،وأجاب علي كل اسئلتنا بادراك عميق لمجريات الامور والتوقعات حولها ، وهي اجابات سياسي في كابيبة القيادة وممسك بدفة ملفات شديدة الاهمية ولهذا تكتسب قيمتها ويمكن قراءة ما تحت سطورها ونقاطها .. وتستحق مثل هذه المحاورات التي تلامس هموم وقضايا البلاد السياسية والاقتصادية والامنية والعلاقات الخارجية التوقف عندها وتقييم الاوضاع في البلاد بشكل موضوعي لما تنطوي عليه من مؤشرات واشارات ... بقدر ما سعينا أن تكون مناقشة قضايا السودان داخل البيت السوداني فأيهما أفضل جماعة الصادق المهدي أم فاروق أبوعيسى يمشوا الخارج ويقوموا بمناقشة نشاطهم في الخارج مع القوى الأخرى، وتتلقفهم القوى الأجنبية أم أفضل أنهم يكونوا بالداخل مهما فعلوا، افتكر أن الرؤية السياسية لهذه القضايا مهمة، فماذا نريد من المعارضة السياسية، هل نتركها هنا بكل سواءتها تقول، أم نضيق عليها حتى تخرج وتصير الخسارة أكبر؟ فهل هذه القضايا تشغل مساحة لديكم أم أن الأحداث تحاصركم؟ نحن مع كل القوى السياسية كنا نتحاور بشفافية وحياد، وما كنا نميز أحداً وحتى اليسار كنا نتحاور معه في سبيل أننا نرسي ثوابت وطنية للبلد نتفق عليها، وتكون هناك معارضة راشدة تبني عليها، والصادق كان على رأس الحوار ومن أكبر المبادرين له، ولكن واحدة من عيوبه كثرة التردد، ويبدو أنه كان يخيل إليه أن النظام سينتهي بعد كم شهر وأنه سيفقد قواعده وسيتلوث، ولكن نحن نقدروا كقائد ورئيس وزراء سابق وزعيم لطائفة كبيرة هي الأنصار وهي إسلامية، ولكنه مشوش وما بيقرأ الساحة قراءة جيدة، وهناك أشواق وأشواق أخرى لكن طرحت له أطروحات كبيرة. الرئيس قابله أكثر من مرة، وأنا قابلته أكثر من مرة وطرحنا كل هذه التخوفات وأن نعمل مع بعض حتى إذا في النهاية صنعت دولة إسلامية ومعارضة إسلامية ما عندنا مانع. هل طرح لكم الصادق المهدي شراكة في السلطة حقيقية وهل عرضتم عليه منصباً؟ لا، لم نعرض عليه منصباً لكن عرضنا عليه أن نطور الحوار ونوصله لثوابت وطنية نتراضى عليها كلنا. لكن كان الناس يتحدثون عن أنصبة سوف تمنح له في السلطة؟ لا لم يطرح شكل كهذا. موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي أيضاً فيه شيء من الضبابية. فالسيد محمد عثمان الميرغني خرج من السودان مع أحداث سبتمبر ولم يعد حتى الآن، وجعفر مساعد الرئيس، الشعب السوداني لا يعلم هل هو موجود أم غير موجود، فأين تقف علاقتكم مع الاتحادي الديمقراطي؟ الحزب الاتحادي مواقفه التاريخية والوطنية قوية جداً معنا، فهو مؤيد للحوار، ونحن في تواصل مستمر مع السيد الميرغني، وآخر زيارة قمنا بها له كانت قبل سنة أنا والسيد الرئيس، ولكننا الآن على اتصال معه، وآخر مرة وصلتني رسالة منه عن طريق ابنه محمد الحسن، هم مؤيدون للحوار واستمرار الشراكة وما نسمعه من بعض الأصوات لا تمثلهم، فالصوت الحقيقي له، وهذه طريقة طائفية ومعروف القرار فيها لمن؟ فهم الآن مؤيدون ولدينا لجنة شراكة سياسية متصلة. هل سيدخلون الانتخابات كحزب؟ نعم إلى الآن معلنين أنهم سيدخلون الانتخابات، وفي المرة الماضية كانوا مشاركين فما المانع الآن؟ إلى أي مدى سيتنازل المؤتمر الوطني عن بعض الدوائر الجغرافية والتمثيل النسبي لحلفائه في الحكومة؟ كعمل سياسي هذا ليس جديداً، ففي المرة الماضية كانت هناك «43» دائرة للأحزاب الأخرى، ويمكن تزيد هذه المرة لأن تعديل قانون الانتخابات جعل النسبة المؤهلة صفراً، فأي حزب يمكن أن يكون له تمثيل نسبي. ما دمتم سهلتم هذه الأمور بهذه الطريقة، لماذا يضطر المؤتمر الوطني على حمل حلفائه من الأحزاب كل مرة على ظهره؟ هم سيدخلون الانتخابات. يدخلون الانتخابات لكن يجب ألا يتنازل لهم، فيجب أن يعرفوا حجمهم ووزنهم من خلال صناديق الاقتراع؟ هذا كعمل سياسي ممكن، لأن هناك أساليب كثيرة للعمل السياسي كالاتفاق على دوائر معهم وتكون هناك مواقف مشتركة. هل ستجعلون الانتخابات القادمة معياراً لشراكتكم؟ إذا كان هناك حزب يريد الشراكة معكم ولكنه لا يريد أن يدخل الانتخابات؟ المشاركة في الانتخابات من أهم المعايير لدينا لأنها تحدد وزن الحزب. أنتم غير قادرين على استيعاب مطالب الأحزاب الأخرى، حتى شركاؤكم من الأحزاب الأخرى يطالبون بتأجيل الانتخابات لماذا؟ أولاً، المؤتمر الوطني ليست لديه سلطة لتأجيل الانتخابات فهي استحقاق دستوري وقانوني حدد مداه قبل عشر سنين، والوطني حزب مثله مثل الأحزاب الأخرى، الانتخابات وتأجيلها يفقد شرعية الحكومة القائمة الآن. إذا الحوار الوطني أفضى إلى توافق بهذا الشكل، فهل ستكون هناك ترتيبات أخرى؟ إلى الآن الانتخابات قائمة في موعدها وفقاً لقرار المؤتمر العام، وبوضوح المعارضة والأحزاب «جرجروا» الزمن لتوصيل الوطني لهذه الفترة الضيقة حتى لا تسمح له بإقامة الانتخابات، ولكننا مستعدون للانتخابات من سنة، وعملنا مؤتمراتنا وجهزنا عضويتنا وشاركنا في السجل، ولعلمك الآن هناك «39» حزباً سيشاركون في هذه الانتخابات، بغض النظر عن أوزان هذه الأحزاب. سؤال يتعلق بمراجعة الحكم الفيدرالي، هل هي مسألة تتعلق بتعيين الرئيس للولاة ومؤقتة، أم أنها أصبحت جزءاً من الحكم، وكيف يستقيم نظام حكم لا مركزي في ظل تعيين مركزي؟ الأنماط الفيدرالية كثيرة، وواحدة من الأشكال التي ارتضيناها أن تكون فيدرالية بحكم لا مركزي بهذا النمط، لكن من خلال الممارسة وجدنا الكثير من السلبيات غير تعيين الولاة، فوجدنا أن الممارسة جعلت أن تكون هناك انكفائية ويكون الناس محليين جداً وخلقت جهوية وقبليات، ونحن إذا أردنا أن نحيي ممسكات الوحدة الوطنية فلا بد من إعادة الخدمة المدنية، وهناك الآن لجنة عليا برئاستي أنا لتقييم الحكم الفيدرالي كله، وسوف نعمل مؤتمراً قومياً وشغالين فيه الآن بمحاور شبيه بمؤتمر الإعلام. فمؤتمر الحكم المحلي مثلاً نقيمه لوحده الذي نراه ضعيفاً، وكذلك الحكم الإداري ونقيم الخدمة المدنية والتشريع في الولايات لخلق إصلاح شامل في الحكم الفيدرالي لمعالجة نقاط الضعف، ولكنه كنظرية سيكون موجوداً، والآن قرار تعيين الولاة وجد رضاءً كبيراً وعلى الأقل ستة آلاف من حزبنا كانوا مؤيدين الفكرة، وكانت كل المؤتمرات بالولايات لهذا الغرض، وقد قمت بجولة لخمس عشرة ولاية غير وسط وغرب دارفور والبحر الأحمر، وكلها كانت راغبة في التعديل لتجاوز المشكلة. هناك مشكلات مزمنة في الحكم الاتحادي خاصة الشكاوى المتعلقة بقسمة الإيرادات من الولايات في أنها مظلومة وأن الأسس والمعايير التي تتم بها هذه العملية غير سليمة هل هذه موضوعة في الاعتبار؟ نعم. فأنا لدي صفتان: الأولى كنت وزيراً للحكم اللامركزي ومطلع على كل هذه التفاصيل.. التقارير الخاصة والسرية، والآن مسؤول عن اللجنة الخاصة الاقتصادي العليا للإصلاح في الدولة ومتابع لما يظهر في الموازنة العامة لقسمة الموارد بين المركز والولايات رأسياً فإن النسبة تتراوح ما بين «27-30%» في كل الأوقات للولايات و«70%» للمركز، لكن هناك مناشط تمول من المركز ولكنها شغالة في الولاية فإن نسبة الولاية تصير أكثر من «40%»، لكن الحقائق المفروض على الناس يعرفوها أن المركز دستورياً غير مسؤول عن المرتبات، فهو مسؤول من قسمة الموارد وحسن إدارة الدولة وبناء قدرات الولايات، وواحدة من مشكلات الولايات قضية الفصل الأول، ففي الوقت الراهن الكثير من الولايات مواقفها مختلفة ونسعى لمعالجة الخلل الذي يحدث هناك. وفي طوافي على الولايات أجد هناك مجهوداً شعبياً كبيراً وضخماً، وللأسف غير معكوس في الموازنة العامة، ونسعى لمعالجة هذا في الموازنة القادمة. في المحور الاقتصادي، نلاحظ أنه لا توجد إدارة راشدة للسياسات الاقتصادية نفسها، كما أن هناك حديثاً عن هيكلة الاقتصاد السوداني، بمعنى أنه لا توجد ثورة لتحسين أداء الاقتصاد رغم وجود الموجهات لزيادة الإنتاج، لكن هناك مشكلة أساسية عن هيكلة الاقتصاد الكلي في البلد، وكيفية إدارته، فأين تكمن المشكلة إذاً، هذه القضايا حقيقية عن بلد بمثل هذه الإمكانيات والموارد؟ صحيح البلد بها موارد ومحتاجين لحسن إدارة هذه الموارد، لكن الاقتصاد ليس اقتصاداً طبيعياً، فنحن مضغوطين وأول شيء خرجنا من مشكلة الجنوب بصدمة عن موارد ضخمة في الميزان التجاري الخارجي، أيضاً علينا حصار وحروب استنزافية في مواردنا، وكلها هذه عوامل لا تجعل اقتصادنا ينمو بالشكل الطبيعي للبلد المستقرة، ففي أحيان كثيرة جداً تكون هناك إدارة طوارئ وإدارة أزمة يقدم فيه بند على بند، لكن الآن اقتصادنا معافى، ورغم الظروف تجاوزنا الصدمة بمستوى نمو «3.6%»، والآن مخططين لتصل ل«4.6» بنهاية هذا العام. ومخططين عام 2015 تصل نسبة النمو «6.5» وهذا بشهادة البنك الدولي الذي يرى بأنه اقتصاد فريد في العالم بالظروف المحيطة به فمعدلات النمو إيجابية، ولذلك ليس من العدل أن نقيس الاقتصاد السوداني دون الظروف التي أحاطت به، ورغم هذا تجاوزناها وماضين في التحسن، والآن هناك اتفاق جديد مع الصينيين لتطوير معدلات البترول وزيادة نسبة استخلاص البترول ليكون أكثر من «15%» يتم تسديد الديون والباقي يذهب لصالح السودان وتوسيع الحقول. أما في مجال الزراعة فتوجهنا الآن صار جديداً ولا بد من زراعة المحصولات التحويلية وهذا ممكن بالتحويل المبكر وبالتنسيق والسياسة الواضحة وألا يكون هناك إعسار في أي تمويل ذاهب للمزارعين أو تقسيط، وإذا ما تم التمويل يجب أن يذهب للزراعة وكان عندنا تمويل يطلع من البنك الزراعي ولكنه لا يذهب للزراعة فصرنا نضبط ونوجه هذه الأشياء، وشغالين أيضاً في إعادة هيكلة البنك الزراعي ليصبح البنك الرائد بالتعديل في قانونه ليصبح «بنك التنمية الزراعية» ويبقى البنك الرائد في كل الوسائل وفي زيادة الإنتاج والسنة دي الحمد لله متوقع أن نحصد ما بين 7 ملايين طن من الذرة ومثلها من السمسم والفول، وخطتنا إدخال الصناعة التحويلية مثل السمسم وهناك تجارب ناجحة من سودانيين، وأنا متفائل أن الاقتصاد السوداني سيتعافى، فمشكلات مشروع الجزيرة مثلاً ماضية للتحسن لتقوية مصلحة الاقتصاد الزراعي. رؤيتكم الجديدة لمشروع الجزيرة؟ المشروع كبير وبه مليونان ومائتي ألف فدان، وبه ري إنسيابي، ولا أعتقد أن يكون هناك مشروع بهذا الحجم في العالم ورغم ذلك متدهور ونحن سنعمل على تغييره بإعادة هيكلته وسندخل تعديلات فيه بتقوية مصلحة المزارع فيه ونؤمن له حقه وحتكون هناك تعديلات في القانون فقط بالنسبة للمشروع وهذا في مصلحة المزارع حتى لا يصير عرضة للمضاربات من قبل التجار الكبار فنحن نريد الإنتاج للمزارع. هل البنى التحتية لمشروع الجزيرة ستعود كما كانت؟ ستتعالج بإذن الله وسيتطور مشروع الجزيرة بإدخال تقانة ورفع الإنتاج والإنتاجية. هل يحتاج لتمويل جديد؟ من المعروف أن أي إصلاح يحتاج لتمويل، لكن لأجل التحسين لا بد من إدخال تقانة وزيادة الإنتاج والإنتاجية ورفع معدلات الإنتاج. إلى ماذا تستند رؤية الدولة؟ كل الخيارات مفتوحة أمامنا، والمهم يكون عندنا تشريع نستند إليه. فالتشريعات كلها أمامنا لكن الهدف الأساس لنا هو ندعم المنتج والمزارع، وهناك قانون ثاني مهم جداً وهو تحويل اتحادات المزارعين لجمعيات الإنتاج الزراعي والحيواني، لأننا كي نزيد الإنتاج الزراعي نريد جمعيات متخصصة، وهذا القانون مبادرة من المزارعين منذ 2011 ولكنه لم ينفذ وسننفذه الآن. إذا كان مشروع الجزيرة يمثل أهمية، فهناك مشروع آخر لا يقل أهمية وهو مشروع الإنقاذ الغربي، فالمشروع العام للطريق اكتمل، ولكن لا يوجد اهتمام حكومي وهناك تجاهل؟ المركز لم يتجاهله ومهتم به وهو من أهم الإنجازات بالنسبة لنا، وبه أربعة قطاعات النهود أم كدادة الفاشروزالنجيالجنينة أدري وهذان اكتملا ولكن تبقى فيه قطاعان يحتاجان لتأهيل وهما نيالا كاس زالنجيونيالاالفاشر، وقد حصلت فيهما أخطاء فنية سابقة تأثر مع الأمطار، والخطة الآن بدأنا به، والآن المواطنون صاروا يصلون الفاشر بعربات صغيرة، وقادمين للاحتفال به رسمياً، وهذه واحدة من عيوب إعلامنا أنه لا يركز على القضايا الأساسية. وهناك طرق أخرى أيضاً ماضين في اكتمالها والرئاسة مهتمة بهذا الأمر.