لم تعد الصورة النمطية للتاجر المقتدر في مكانها فقد أصبح التاجر شأنه شأن السواد الأعظم من المواطنين يجأر بالشكوى ويعاني ضائقة الرزق وضنك الحياة حتى أصبح السوق ومهنة التجارة غير جاذب للكثيرين بل إن هناك تجاراً هجروا التجارة وامتهنوا مهناً أخرى كمصدر للرزق وعلى الرغم من أننا ظللنا نتابع صورة مستمرة ومن حين إلى آخر تأكيدات مسؤولين على مستويات مختلفة تؤكد سعي الدولة في المرحلة المقبلة للعمل بقدر الإمكان على خفض وتيرة تصاعد الأسعار في الأسواق التي أصبحت فوق طاقة الجميع في مختلف ولايات السودان وليست ولاية كسلا وحدها تعاني من الأمر إلا أن محلية كسلا والمجلس التشريعي بالولاية ووزارة المالية الولائية قرروا فرض ثلاثة رسوم على السلع في إزدواجية لم تسبقها عليها أية جهة حكومية في أرجاء السودان، وذكر أحد التجار بسوق كسلا الكبير رفض ذكر اسمه أن سلطات الولاية والمحلية تتحصل ثلاثة رسوم على كافة السلع الواردة للولاية عند كبري القاش وفصّل هذه الرسوم في رسوم الخدمات المفروضة من قبل سلطات محلية كسلا وهي رسوم تعسفية لا تمت بصلة للاسم الذي اُختير لها حيث لا خدمات تقدم من قبل المحلية مقابل هذه الرسوم فهي في جوهرها رسوم والسلام، وأما الثانية فهي رسوم الدمغة الولائية المفروضة من المجلس التشريعي للولاية وهذا المجلس أمره محير حقاً فنواب الشعب بدلاً من أن يقفوا بصلابة مع قضايا المواطنين ويمثلوا خط الدفاع الأول عنه نراهم يبادرون بفرض الرسوم أو يمررونها بسلاسة يحسدهم عليها أمهر لاعبي كرة القدم ويثقلون بها كاهل المواطن البسيط وثالثة الأثافي هي رسوم أسواق المحاصيل ويضيف تاجر آخر أن هذه الرسوم جميعها ينتابك إحساس وكأنها فرضت على عجل ومن غير إخضاعها لدراسة وفية حيث إنها تساوي بين السلع الاستهلاكية والسلع الكمالية ولا تفرق بين المنتجات الوطنية والأخرى المستوردة وللمفارقة الكبرى فإنها توضع على السلعة وليس على قيمة السلعة أي على الكرتونة أو على الجوال بغض النظر عن قيمته المادية وعلى سبيل المثال عليك أن تدفع مبلغ 12 جنيهاً مثلاً على كرتونة صابون الغسيل التي لا يتجاوز سعرها ستة وثلاثين جنيهاً «حوالى 30 % من قيمتها» وعليك تسديد ذات المبلغ على كرتونة أخرى يفوق سعرها المائتين من الجنيهات أي ما يعادل فقط خمسة في المائة من قيمتها وهذا لا يعني شيئاً سوى أن هذه الرسوم عند فرضها لم تخضع من سلطات المحلية أو الولاية إلى أية دراسة متأنية فضلاً عن عدم مراعاتها للظروف الاقتصادية التي تعيشها الأسر ويضيف أنه من المعروف أن الرسوم تفرض على قيم السلع وليس على العبوات، وقال بعض المراقبين إن الولاية تعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة مما يتطلب خلق مواعين إيرادية متنوعة لتسيير دولاب عملها، وأضافوا نرجوا أن لا تجعل السلطات المواطن البسيط هو كبش الفداء الوحيد والأوحد والأشياء المتعلقة بشؤون حياته من غذاء ودواء ومواد طاقة هي الحيطة القصيرة التي يتم تحميل كل شيء عليها فهنالك الكثير جداً من المواعين الإيرادية التي يمكن للسطات الولائية بكسلا توظيفها وقبل ذلك باستطاعة سلطات ولاية كسلا ومحلياتها أن تسلك نهج التقشف الحكومي وتقليل الإنقاق أفقياً بتخفيض جهاز الدولة المترهل وتكوين حكومة رشيقة ورأسياً بتخفيض مستحقات الدستوريين التي لا تتناسب طردياً مع أجور الموظفين في الأرض.