بلّت نجوى الآبري والبلح واطمانت إلى غليان البليلة فوق نار هادئة.. جرّت عنقريبها المضفور بالعصب وأسندت رأسها إلى المخدة.. وسرحت مع «غنم إبليس».. عندما وصلتها أصوات الموسيقا المرتفعة من غرفة البنات.. تجاهلتها في البداية وقرّرت أن تنام ولكن الأمر وصل إلى أقصى حد عندما وصلها صوت أغنية «ورا ورا» نهضت في هجمة شرسة مرتدة داهمت بها غرفة البنات.. أشعلت الضوء في الغرفة وزأرت فيهن.. والله عال بعد ما نايمين النهار كلو زي الصبيان مشغلين لينا حفلة نص نهار رمضان؟ قاعدين براكم في خلاء ما عندكم جيران.. خلو أبوكم يجيء من السفر عشان يضع حد للبحصل دا.. بنات نجوى على دراية بطباع أمهم لذا التزمن الصمت إلى أن هدأت العاصفة حتى لا يصل الأمر لحرمانهم من تقليب الفضائيات كما حصل رمضان الماضي عندما صادرت نجوى جهاز الديجتال في دولابها إلى أن شفع لهم الزين.. كانت نجوى قد أغلقت المسجل عندما دخلت لكنها أصرت على أن تأخذه معها للراكوبة ونكاية في البنات وضعته بجانبه وظلت تستمع إلى برامج الإذاعة.. وداخل غرفة البنات بدأت النقاشات.. رؤى ابنة نجوى الكبرى بادرت عندها حق أمي في داعي للغناء نص النهار.. احتجّت سلوى أختها.. يعني ما الليل كلو نحنا في المطبخ وبنغسل العدة حيذلونا بخدمة النهار.. فزعت نهى ابنة خالهم جعفر وهي تقول: إلا شغل النهار دا يودي الآخرة.. نجوى التي استسلمت للنوم هبت فزعة من رائحة البليلة المحترقة.. تحسرت على غفوتها القصيرة التي وصمتها بالخراقة.. وصلت ضحكات البنات من الغرفة فاندفعت إلى غرفتهم لتطفىء غيظها فيهم: عرفنا كلو شم ما بتشموا.. يعني الواحد ما يتكل عليكم في حاجة أصلاً؟ من بكرة خدمة النهار عليكم والليل علي أنا وأمي.. ما إن خرجت غاضبة حتى صرخت نهى سجمنا.. أخرجت سلوى لسانها قبل أن تقول.. صدقتي.. بكرة تغلبا القعدة وترجعنا وردية ليل تاني!..