تدخل حكايات وأساطير الحيوانات في السياسة كما ورد في كليلة ودمنة والفيلسوف ايسوب وكثير من الأساطير الهندية والإغريقية وقصص مزرعة الحيوانات animal farm ربما يكون؛ لأن ثمة تشابه يحدث في أبطال الحكايات وبعض الساسة والحكام والكثير من حيوانات الغابة ثم تأتي القصص والأساطير. ولكن أسطورة النسانيس والمسافران للفيلسوف ايسوب لها معانٍ ودلالات تختلف فيأتي التشبيه من البعد الواقعي الذي يمكن أن نعايشه في الحكمة التي تقول: ما كل ما يعرف يقال وهي وإن كان بطل القصة الرجل الصادق قد وجد حتفه نتيجة صدقه إلا أن نجاة الرجل الكذاب ربما تشكل واقعاً ماثلاً ينبغي الحذر منه لأنه ليس في كل الأحوال تكون نهاية البطل سعيدة.. ولكن على الأبطال دائماً أن يحتفظوا بصدقهم ويبحثوا عن الكياسة وهي حسن التصرف أمام من لا يعرفون معناً للصدق والقيم النبيلة. نقر حكاية: { النسانيس والمسافران كان رجلان يسافران معاً، وكان أحدهما لا ينطق إلا الحق، والآخر لا ينطق إلا الكذب، فأوفيا على أرض النسانيس، فأمر ملكهما أن يقبض عليهما، وأن يوتى بهما بين يديه، ليعرف منهما ما يقوله الناس عنهما، وأمر أن يصطف النسانيس جميعاً عن يمينه ويساره، وأن ينصب له عرش كما هي العادة في الناس. وبعد أن تم له ما أراد من ذلك طلب أن يمثل الرجلان بين يديه، فحياهما وقال لهما: كيف تريانني في الملوك أيها الضيفان؟ فأجابه المسافر الكذوب: «إني أراك ملكاً عزيزاً»! قال: وما رأيك في هؤلاء الذين من حولي؟ فأجابه: هم بطانة جديرة بك، حقيقون أن يكونوا سفراء وقادة! فسر النسناس وكل حاشيته من ذلك الكلام المموه وأعطى المتملق فدية ثمينة. عند ذلك فكر المسافر الصدوق في نفسه، قال: إن كانت هذه الجائزة النفيسة تعطى جزاءً على كذب، فأي هبة أنالها إن أنا على عادتي قلت الصدق؟ وحينئذ التفت إليه النسناس وقال: وإنت كيف ترني، وهؤلاء الأصدقاء من حولي؟ قال: إنك نسناس فاضل، وهؤلاء مثلك نسانيس فضلاء فثار ملك النسانيس لسماع هذه الحقائق، واسلمه لأنياب رفقائه ومخالبهم.