قد يكون المواطن انتابه شعور حقيقى بأن المجلس الوطني مؤسسة حقيقية تدافع عنه وتبعد بالظلم عنه وترد له حقوقه، بعد الوقفة الصلبة التى وقفها أعضاؤه نهاية الاسبوع المنصرم، برفضهم القاطع فى مداولاتهم عبر لجان مشروع الموازنة، زيادة البنزين التي وردت فى الموازنة العامة للدولة لعام 2012م. إن زيادة البنزين المتوقعة جنيه ونصف الجنيه للتر ستترتب عليها زيادات أخرى فى كثير من السلع الاساسية، لجهة زيادة كلفة الترحيل رغم الإعلان الرسمي من الحكومة بعدم فرض أية زيادات على أسعار الجازولين، وتبريرها بأن زيادة البنزين لن تمس أصحاب الدخل المحدود الذين لا يملكون وسائل نقل خاصة، وهى رؤية يصعب الاقتناع بها، وربما غير قابلة للتصديق، خاصة إذا ما نظرنا لسيارات النقل الصغيرة التى تعمل بالبنزين بجانب سيارات الاجرة، مما يعني زيادة في كثير من متطلبات المواطن اليومية والمعيشية التى ستكون لها تأثيراتها المباشرة على الحياة العامة. ويكفى أن المواطن تحامل على نفسه وأكمل عام 2011م عام الانفصال بالضغط على نفسه لايمانه بتأثر الموازنة العامة تأثيراً مباشراً بخروج البترول منها الذى ذهب بذهاب جنوب السودان، مما أفقد الخزينة ما قيمته 16%. وتفاءل خيراً بأن تتوصل الحكومة لخريطة طريق تمكنها من وضع معالجات جذرية للضغوط المعيشية التي أثقلت كاهله، وبالتالى لم يكن مبرراً مفاجأته بعام جديد يبدأ بزيادة في سعر البنزين، ومهما قللت الحكومة من دائرة تأثيراتها على المواطن محدود الدخل، إلا أن السائد الآن أن كلمة «زيادة» تعني بالمقابل زيادة في كل شيء حتى ولو كانت فى سلعة أو خدمة ليست عرضة للزيادة أو لم تتأثر بها، ولا ينبغي أصلاً أن تصاب بداء الزيادة. ومن الجيد للحكومة وحتى تحافظ على ماء وجهها وتحفظ المسافة الفاصلة بينها وبين المواطن، البحث عن بدائل أخرى أكثر فعاليةً لتغطية فاقد الإيرادات، على الأقل التي كان يحققها البترول قبل انفصال الجنوب، خاصة أن هناك موارد ستظهر في الموازنة الجديدة مثل الذهب الذي حقق أكثر من مليار دولار عبر بنك السودان، بجانب التوسع في صناعة الاسمنت وارتفاع إنتاجية المصانع العاملة في هذا المجال من «400» ألف طن إلى خمسة ملايين طن، وهي طفرة كبيرة ستزيد من إيرادات الخزينة العامة. كما أن هناك نحو 20% من الوقود يتم تهريبه إلى دول الجوار بحسب ما ورد فى صحف أمس الجمعة على لسان القيادي بالمؤتمر الوطني عضو البرلمان الزبير أحمد الحسن الذي أقرَّ بأن زيادة سعر البنزين ستكون لها آثار سياسية سالبة، باعتبارها ستقود لزيادة في الأسعار رغم تأكيداته بأن عدم رفع الدعم قد يسبب إشكالات للحكومة.. وطالما الحكومة بين نارين فمن الأفضل في الوقت الراهن الحد من عمليات التهريب التي تتم للوقود المدعوم إلى دول الجوار، وعلى الأقل سيكون هذا مدخلاً لمعالجات.