في ظل الغلاء الذي استشرى بموازاة ضعف الرواتب والدخل بوجه عام برزت إشكالات الحصول على المأوى الملائم بتكلفة اقتصادية تناسب مقدرات المواطنين المالية، ولعل هذا ما دفع الاتحاد العام للمرأة السودانية بالتعاون مع جمعية المهندسات السودانيات لتنظيم سنمار (المباني قليلة التكلفة)، عبر عدة أوراق هي: (المواد المحلية وتقانات البناء قليل التكلفة)، (دور التمويل الأصغر في المباني قليلة التكلفة)، و(الاحتياجات التدريبية والتروجية للمشروع)، ابتدرت الحديث نجاة عثمان البارودي رئيسة جمعية المهندسات موضحة أن السنمار يناقش كيفية توفير المأوى الاقتصادي لذوي الدخل المحدود والمنخفض، مشيرة لسعي الجمعية لإنجاز مشروعات حقيقية كتمويل المهندسة الخريجة من محفظة الخريج، من جهته ذهب رئيس المجلس الهندسي بروفيسور حسن عمر عبد الرحمن إلى أن تناول قضية السكن ليس قصرًا على كونه اقتصادي ورخيص، فلا بد من تحقق الاستطاعة للفرد لامتلاك السكن، وفي مقارنته لطرق بناء السكن في البلاد مع الدول الأخرى قال: يعتمد بناء السكن في السودان على الإمكانات الذاتية، بينما الدول المنظمة يتم البناء فيها بتمويل ميسر من مؤسسات التمويل المدعومة من الدولة، ويجري السداد باقساط شهريه لا تتجاوز ثلث أو ربع الدخل الشهري للفرد، وذكر بتجربة مماثلة في عهد الفريق إبراهيم عبود في مساكن الشعبية ببحري، بفترة سداد امتدت لثلاثين عامًا غير أنها توقفت، ومن العقبات التي تواجِه السكن في تقديره التمويل، خاصة أن البنك المركزي منع لفترة طويلة تمويل مشروعات السكن، وبالرغم من أنها سمحت بذلك مؤخرًا إلا أن تكلفة التمويل المرتفعة لا تسمح لذوي الدخل المحدود الاستفادة منه، منوِّها لتجربة البنك العقاري في ذلك الصدد في سبعينيات القرن الماضي، وخلص إلى أن البلاد تراجعت كثيرًا للوراء في قضية السكن.. في كلمتها تحدثت أمين عام اتحاد المرأة بالإنابة أ. زينب أحمد الطيب عن السكن الاقتصادي عن أنه يعتبر إحدى القضايا التي تؤرق الاقتصاد الكلي للدولة، موضحة أن السكن ليس بحاجة للدعم المالي فقط، وإنما بحاجة للدعم الهندسي لمواجهة تقلب المناخات المختلفة، وطالبت الجمعية بالتوجه بأنشطتها للأرياف لتخفيف وطأة الفقر ودعمًا للمرأة الريفية، ووعدت زينب برعاية مشروعات السكن الاقتصادي مع الجهات الممولة.. وفي ورقته (تقليل تكلفة البناء) طرح د. عثمان الخير حزمة من الحلول منها التصميم الجماعي للبيوت كما في نظام (إشلاق القوات النظامية)، منوها لضرورة الاهتمام لمسائل قد تتسبب في مشكلات جماعية كالعطب في نظام الصرف الصحي مثلاً، أما د. أحمد النذير القوني الباحث في مجال في تقنيات البناء فحصر جوانب الإسكان في (المباني والخدمات ومسوحات الدخل)، موضحًا أن تقارير الأممالمتحدة الأخيرة رفعت مرتبة السكن للمرتبة الثالثة بعد الأمن والغذاء، وعاب على الحكومات عدم اهتمامها بتمويل الإسكان، باعتباره قطاعًا غير مربح، باعتبار أن الاستثمار في السكن هو استثمار في الإنسان الذي يشكل رأس الرمح في عملية التنمية، وتطرق للتكلفة العالية لمواد البناء المستوردة، وفي المقابل فإن المواد المحلية كالطين لا تقاوم الماء كما أن مباني القش عرضة للحريق، أما الطوب الأحمر فله مشكلاته البيئية المعروفة، وقدم تجربة الطين المضغوط في شكل (بلوكات) كبديل للخيارات السابقة، وقال إن تجربتها كانت في قرية (اللفة) بولاية كسلا، التي افتتحها رئيس الجمهورية مع نظيره القطري مؤخرًا، حظيت الورقة بنقاش مستفيض من المعقبين والمشاركين.