نحو الانقلاب * لهفي على القلب حين يكتب بمداد الكلمات نقشاً على صفحات الزمن ويروي الحوادث من منظور شخصي تتجاذبه دوافع شتى، فتلوِّن الأشياء ولا تفرِّق فيها بين الجمود والصمود برغم وقع الزلازل والأرض التي ترحل منه تحته لا يصيبها التحريف وأقبلها بكل مفرداتها ومعانيها والعامة من الناس معي قال الكاتب «نحن الحكومة والنظام ونحن سنده العقائدي والفكري» هذا بالماضي وهو يعي مايقول ثم قال « لكننا في نفس اللحظة أعدى أعدائه وكبار المتآمرين ومكمن الخطر» قال هذه الشهادة وهويسمع أزيز الطائرة في مدرج المطار مغادرًا ولا أدري إلى أي فئة يتحيز بهذه الرحلة إلى السند العقائدي والفكري أم الكبار المتآمرين ونحن لسنا أول حزب عقائدي ينشق شطره، وهذه تؤكدها مجريات الأحداث وشقها الثاني «كنا نظن أن عساكرنا خير من أولئك ولهم براءة في الزبر» وكلمة عساكرنا توحي باختزال التكليف التنظيمي وضياع سنوات العمر الممتدة عبر زمان البناء الذي ينتظر هذا اليوم ويحمل في طياته ما ظل قادة الشعبي يناورون به وعلى رأسهم الأمين العام، إن هؤلاء لا أعرفهم ولم ألقهم قط وإن وإن وإنهم ليس إلا معبر يصلون به إلى أهدافهم ثم يتركوه وهم بالطبع ليسوا فيه شركاء ولكن هذا الأمر لايستقيم حتى مع أطروحاتك مع وفد العلماء الذي جاء من خارج السودان لمعالجة الأمر في بداية الأزمة وأيام التشكي، وطلبوا منكم أن لا تشقوا الصف حيث وصلوا معكم إلى طلب المعايشة على الحد الأدنى من الحفاظ على ما أنجز من مبادئ الإسلام ومظاهر الشريعة وذكروكم بما فعلتم مع النميري فقلتم إن هؤلاء ليسوا كالنميري وعساكره لأن هؤلاء إخواننا وهم أصلاً في هذا المشروع وليسوا أجراء فهم يا سيد محبوب ليسوا عساكركم حتى تنتقي العبارات وأن مجريات الأحداث من بعد المفاصلة والتي قاد فيها الشعبي معارضة عمياء لأسقاط النظام وتنفيذ أكبر برامج الاغتيال المعنوي وسحب الغطاء الديني وزعزعة الأمن وما قابله به قادة الأمر من حكمة بالغة وإدارة قوية في ضبط النفس مع احتمال وصبر أثبتت أنهم أفضل من أولئك وأنت نفسك الذي تقول إن نظام نميري قام بتصفية قادته السياسيين وعلقوا في المشانق. أولاً يؤكد ذلك لإخواننا في المؤسسة العسكرية وقادة الأمر براءة في الزبر وكل الخطط التي صيغت منذ السبعينيات لجعل من الانقلاب أحد خيارات الحركة في التغيير وما لازم كل الفترة من أحداث جعلت من الانقلاب ضرورة حتمية لا يمكن الفرار منها واقرأ عبارة الكاتب وهويقول «ويبين جدل النظر الذي يحول في الأفكار وجدل الواقع بفرض نفسه» ولو تساءلنا ما هو الواقع الذي يفرض نفسه حينها يعني الكاتب «حكم الأحزاب أثبت عبر ثلاث دورات أنه الأفشل والأدعى للفجوة والفراغ بما تحمل الأحزاب في جسمها من جراثيم النزاع والاختلاف، ثم يواصل ويقول «ولكن امتدت العلة لتصيب المؤسسة الأقوى ذاتها فالقوات المسلحة السودانية دائماً تطالب بالسلام فما عليها أن تقاتل وجنودها في أدنى درك من هبوط الروح وتدهور المعنويات يبين تتالي الهزائم وتوالي الخذلان» كل ذلك كان في نظر الكاتب والحركة حينها سبباً كافياً في تغيير النظام فلماذا يا سيد محبوب بعد هذه المبررات يقوم من قادة الشعبي من يقول إن الانقلاب لم يكن ضرورة وإنه لو استقبل من أمره ما استدبر لك يفعله ولماذا كثرت «لو» التي فتحت على هذا الحزب باباً أوسع من عمل الشيطان ولماذا هذا النكران الذي تستخدمه قيادتكم برغم ما قلت في كتابك حدوث توافق على الانقلاب بين الجبهة الإسلامية والحركة الإسلامية التنظيم السري وأن الأمين العام نفسه سعى لهذا الأمر مشاورًا حتى بلغ إخوة لم يكونوا في الأجهزة التنظيمية أو ليس أنتم الذين كشفتم أن الأمانة العامة طلبت تفويضاً من هيئة الشورى بالتعامل مع الأحداث السياسية وإنما ما فعلته الأمانة وفق الصلاحيات فلماذا تبرأت من هذا الانقلاب ولماذا الخجل الكاذب داخلياً وخارجياً ولماذا بعد هذه المبررات التي سقتها وهذه الحواجز التي مررت عبرها تأتي وتقول على شاكلة الانسحاب التكتيكي «وفيما ظهر انقلابيون برغماتيون يؤمنون بالقوة الحاسمة دون الفكر أو الأصول أو الفلسفة وآخرون يرون الأوفق للحركة الإسلامية أصولها الفكرية وسيرتها إلى اليوم تواصل عملها الدؤوب حتى يقدِّر الله لها نضوجاً وعطاء أوفر في نار ديمقراطية هادية بدلاً عن حرق الداخل بالانقلاب» في إشارة إلى الذين هم في السلطة حركيون وعسكريون كانوا هم البرغماتيون وهم فقط من يؤمن بالحكم العسكري إذًا فلماذا سعى الأمين العام إلى المشاورة وطلب التفويض بالتعامل مع المؤسسة العسكرية ولماذا إذًا يكون للإخوان وجود فيها بل وأكد أن مجريات الأحداث منذ المفاصلة والتي حاول فيها الشعبي السطو على النظام أكثر من ثلاث مرات لا تؤكد أنكم مبدئيون في قضايا الحرية أو الديمقراطية والتي لم تطبق على أحد. إن كل الأحداث التي سقتها في هذا الكتاب لا يعلمها أقرب قادة الحركة من هذه الأحداث حتى ولو كانت صادقة تذكر أنها كانت ترصد في رأس أفراد وأن الحزب عنها براء وأنكم سقتم مبررات للعامة لم تكن حقيقية وهذا ما سأتعرض له في المقالات القادمة ولكن كما تقول أنت لو كانت الرؤية ضبابية من جراء السرية القاتلة كما تقول لكن خضراء أو من ما راءه الشعب وجني ثماره.