الأجهزة الطبية المستعملة اختلفوا في صلاحيتها.. لعنة الله على المعرفة، هكذا قال فؤادي عندما اطلعت على حقائق تجارة البشر في العالم تلك التجارة التي اعتقدنا أننا ودّعناها دون رجعة ولكنها أصبحت في يومنا هذا مثل الشبح الذي يطاردنا حتى في منامنا كيف لا والمضابط الدولية تقول إن تجارة البشر أصبحت مربحة وتدر ثالث قدر الأرباح في العالم بعد تجارة المخدرات والأسلحة، والاتجار بالبشر بالتأكيد يكون لأغراض كثيرة منها للتجنيد ونقل وإيواء واستقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد واستخدام القوة وغيرها من أساليب الإكراه والقوة واختطاف وتزوير وخداع الشخص وإجباره ليوافق على سيطرة شخص آخر عليه لاستغلاله بمختلف أشكال الاستغلال»، والسودان ليس بعيدًا عن هذه التجارة وإليكم هاتين القصتين. إعداد: إنتصار السماني بالرغم من الجهود الطبية المبذولة لتوطين العلاج بالداخل إلا أن ما يحدث في سوق الأدوية والأجهزة يخلق عدة تساؤلات منها: هل يمكن أن تُحتكر أجهزة طبية لصالح جهة معينة؟ المتضرر الأول والأخير منها هو المريض؟.. فقبل فترة تفاجأت ثلاثة مراكز طبية شهيرة بقرار صادر عن المجلس القومي للصيدلة والسموم قضى بمنع استخدام أجهزة رنين مغنطيسي كانت قد استوردتها من الخارج تبرعت بها مستشفيات من دول أوربية وسمحت السلطات بدخولها بالرغم من أن هناك قراراً آخر من ذات المجلس مُنع بموجبه استيراد جميع الأجهزة الطبية المستعملة لتفاجأ تلك المراكز بوقف تركيب هذه الأجهزة وتوجيه خطابات لها بذلك، وهي مراكز «فضيل الطبي، النيلين، المركز التركي الطبي» وبالرغم من قرار وزارة الصحة الذي يقضي بمنع وعدم استيراد أجهزة طبية مستعملة فقد تم استيراد ثلاثة أجهزة لهذه المراكز بعلم وتحت إشراف نفس المجلس، مع العلم أن مركز النيلين قد استورد الجهاز منذ أكثر من عام، وتم العمل به طوال هذا العام إلى أن صدر هذا القرار.. فكيف تم استيراد هذه الأجهزة حتى وصلت إلى البلاد وبعلم من السلطات بالرغم من قرار منع استيرادها؟ وما هي حقيقة قرار وزارة الصحة باستثناء جهاز الرنين المغنطيسي من الحظر؟ وما هي أضرار الأجهزة الطبية المستعملة التي تستورد إلى السودان بكميات كبيرة؟ وما هو عدد الأجهزة الموجودة في السودان؟ وهل صحيح أن هناك جهة كبرى تقف وراء هذا القرار حتى تحتكر هذه الأجهزة لحسابها؟ علمًا أن تكلفة الجهاز الواحد المستعمل تصل إلى «600» ألف يورو في حين أن تكلفة الجهاز الجديد تصل إلى «مليوني يورو» لذلك يصعب شراؤها لأية جهة.. بالرغم من الجهود المبذولة لتوطين العلاج بالداخل إلا أن ما يحدث في سوق الأدوية والأجهزة الطبية يخلق عدة تساؤلات.. هل يمكن أن تُحتكر أجهزة طبية لصالح جهة معينة المتضرر الأول والأخير منها هو المريض؟.. مصدر خطورة تباينت الآراء حول القرار فوزارة الصحة والمجلس القومي للأدوية والسموم أكدا خطورة الأجهزة المستعملة، وذوو الاختصاص قالوا إن القرار مبني على الاستعمال فقط ولا توجد دولة في العالم غير السودان تمنع استيراد المعدات الطبية المستعملة، وحتى الدول المتقدمة مثل أمريكا والدول الأوربية تقوم باستيراد الأجهزة المجددة. أجهزة متجددة قال المهندس جمال إبراهيم مدني «متخصص في المعدات والأجهزة الطبية» في ظل التطورات الاقتصادية نجد كثيرًا من الدول اضطرت إلى شراء الأجهزه الطبية المجددة وقد تكون على حالتها الأصلية، حيث يتم استبدال محتوياتها وقطعها ويتم بيعها عادة بأسعار أرخص بكثير من أسعار الأجهزة الجديدة، وإن شراء الأجهزة الطبية المجددة لا يعني بالضرورة التضحية بالجودة على حساب المريض والثمن.. فغالباً ما يتلخص الفرق بين الجهاز الطبي الجديد والمُجدد في السعر فقط وإن شراء جهاز طبي مُجدد من شأنه أحياناً أن يوفر عليك نصف الثمن الذي كنت ستدفعه مقابل جهاز طبي جديد.. وإن ظاهرة شراء الأجهزة الطبية المُستعملة شائعة. مؤكدًا في حالة تجديد الجهاز الطبي بالكامل، فهذا يعني أن فريقاً مدرباً من خبراء الأجهزة المحترفين قد عالجوه وأعادوه إلى أفضل حالة ممكنة قبل طرحه للبيع في السوق، فبالنسبة لأجهزة الرنين التي تم استيرادها من إحدى الشركات الألمانية المعترف بها فجودتها والدليل أن مركز النيلين وهو أحد المراكز التي استوردت جهاز الرنين المغنطيسي، ومنذ أكثر من عام ونصف العام الجهاز يعمل بصورة جيدة، وتم استيراده بصورة رسمية وبأوراق صادرة عن المجلس القومي للصيدلة والسموم وشهادة من المواصفات والمقاييس وصولاً إلى مرحلة الجمارك، فإذا كان هناك إشكال فكيف يسمح لهم بالعمل به طوال أكثر من عام؟ فهناك تضارب في قرارات الوزارة كيف استوردتم أجهزة طبية مستعملة بالرغم من القرار الصادر عن وزارة الصحة بمنع استيراد أجهزة مستعملة؟ فهناك أجهزة دخلت السودان ولم تعمل، مثال لذلك جهاز الرنين المغنطيسي الكوري الذي استوردته وزارة الصحة الولائية بالخرطوم قبل سنوات، ولم يعمل إلا قليلاً.. وأيضاً جهاز العلاج بالذرة الصيني الذي استورد قبل سنوات ولم يعمل وتم تفكيكه؛ لأن الأجهزة الجديدة تحتاج لكوادر طبية فنية متدربة تدريباً عالياً، وهذه غير متوفرة بأعداد كبيرة في السودان. وأيضاً تحتاج لاختصاصيي أشعة متدربين تدريباً عالياً للاستفادة من إمكانات هذه الأجهزة.. الأجهزة المستعملة يتم تسويقها بواسطة الشركات المصنعة نفسها أو شركات موازية لها، حيث يتم إدخالها المصنع لمراجعتها تصنيعياً واستبدال الأجزاء التالفة منها واختبارها ومعايرتها وتسويقها بضمان باعتبارها وحدةً مستعملةً معتمدة من قبل الشركة المصنعة. إهدار للمال رفضت هيئة المواصفات والمقاييس وجمعية حماية المستهلك دخولها للبلاد فيما انقسم أعضاء المجلس القومي للسموم حيال دخولها بين مؤيدٍ ومعارض؛ لأنه لا يعرف مدى صلاحيتها، «حامليتها» لأي نوع من الأمراض فهناك من يرى أن الأجهزة المجددة تحتاج لصيانات وإسبيرات فهناك أجهزة دخلت بصورة رديئة تظهر عليها آثار التلوث بالدماء والبعض تفتقد الملحقات الرئيسية، بل ربما تكون شركاتها المنتجة قد أوقفت إنتاجها أصلاً ولا يوجد لها إسبير مستقبلاً وهذا يقود إلى أن تكلفة صيانتها ستكون فاتورتها عالية جدًا بالمقارنة مع الجديدة وبعض الأجهزة تتكون من مكونات بالغة الخطورة يصعب التخلص منها حيث تحتاج إلى معالجات خاصة فهذا يدخل في دائرة إهدار المال العام فهل صار السودان مكباً لها للتخلص منها عبر مستورد، فردًا كان أو شركة كما أنه عند تشغيل الأجهزة تتأثر بعض منها بساعات التشغيل خاصة الأجهزة التي لها ساعات تشغيل محددة وبحسب تصنيف الهيئة السودانية للمواصفات هناك نوعان من الأجهزة الطبية المستعملة.. النوع الأول هو الأجهزة المستعملة التي يتم تسويقها بواسطة الشركات المصنعة نفسها حيث يتم إدخالها المصنع لمراجعتها تصنيعياً واستبدال الأجزاء التالفة منها واختبارها ومعايرتها وتسويقها بضمان كوحدة مستعملة معتمدة من قبل الشركة المصنعة... وهذه لا غبار عليها إن استوردت بشرط أن يتم الإعلان بصراحة من قبل المستورد أنها وحدة مستعملة معتمدة من الشركة المصنعة ويثبت ذلك بالمستندات لأن القيمة الشرائية تقل كثيراً عن قيمة الوحدة الجديدة.. علماً أن الشركات المصنعة نفسها تشترط الإفصاح عن أنها وحدة مستعملة معتمدة. النوع الثاني هو الأجهزة المستعملة التي يتم شراؤها من تجار الأجهزة المستعملة في دول العالم المختلفة وخاصة من دول الخليج فهذه عبارة عن «خردة» المستشفيات في دول العالم المختلفة التي يتم في بعض الأحيان شراؤها فقط بتكلفة ترحيلها خارج البلاد للتخلص من الخردة... وهذا النوع يمثل للأسف أغلبية الأجهزة المستعملة المستوردة في السودان.. وهذه هي التي يجب أن تمنع منعاً قوياً وجاداً؛ لأنها خرجت من الخدمة في مرفق طبي ما في العالم دون أن يختبر أحد كفاءتها بالإضافة إلى عدم وجود ضمان تشغيل لها وفي معظم الأحيان قد لا تكون لها قطع غيار؛ لأن المصانع قد تكون أوقفت إنتاجها حيث إن التكنولوجيا الطبية تخطو خطوات سريعة. أشار المجلس القومي للأدوية والسموم في بيان تسلمت (الإنتباهة) نسخة منه، إلى محاولة بعض الأشخاص استصدار استثناءات لقرار المجلس (بادعاء توجيهات من جهات سيادية عليا)، وأفاد أنه تم التوصل إلى هؤلاء الأشخاص، ويجري التحقيق معهم حاليًا بواسطة السلطات المختصة. وقال المجلس إنه نفذ حملات تفتيشية اتضح خلالها التزام الكثير من المؤسسات العلاجية الخاصة بقرار المجلس باستثناء جهات قامت بإكمال تركيب الجهاز المستعمل واستقبال المرضى لإجراء الفحوصات، وباشر المجلس إجراءات ضد تلك الجهات وفق قانون المجلس، وكشف المجلس أن قرار الحظر جاء نتيجة إلى ملاحظة أثناء إجراءات تخليص بعض حاويات الأجهزة المستعملة وقد أوضح المستوى المتردي لبعض هذه الأجهزة والاحتياجات الطبية وأن بعض حاويات الاحتياجات الطبية المستعملة تنبعث منها روائح كريهة وبعض المراتب الطبية المستعملة الواردة إلى البلد مثلاً تصل إلى البلاد بدون أن تتم نظافتها من بقع الدماء كما أنه لا يمكن الجزم بسلامة ماكينة غسيل كلى مستعملة من التلوث، وأن قرار منع دخول الأجهزة والمستلزمات الطبية المستعملة للبلاد القصد الأساسي منه توفير خدمات طبية جيدة ومواكبة تضمن سلامة المريض السوداني ولا تعرضه لأي خطر والمستفيد الأول منه هو المريض السوداني، أما الأجهزة الطبية المستعملة التي تقدم كهبة من بعض الجهات خارج السودان ففي معظم الأحيان يكون عمرها الافتراضي قد انتهى وغالبًا تمنح بغرض التخلص منها واستبدالها، وهذا المنح يوفر للجهات المانحة في بعض الأحيان تكلفة التخلص من الأجهزة الطبية القديمة، واعترف المجلس بقيام بعض المؤسسات العلاجية الخاصة بإدخال ثلاثة أجهزة مستعملة للرنين المغنطيسي في مخالفة القرار وتم إخطارها بعدم استخدامها وبعد زيارة تفتيشية قام بها المجلس اتضح التزام هذه المؤسسات العلاجية الخاصة بقرار المجلس باستثناء جهة واحدة.