لعل من الأخبار المفرحة اختيار الأخ فضل المولى موسى مديرًا عامًا لوزارة الزراعة بالنيل الأبيض، وهذا الاختيار (زول في محله) ولأننا لا نتخيل أن يقدم الوالي مقترحات تفصيلية للمسؤولين فها هو يأتي بأهل الاختصاص والذين نتوقع منهم شيئين أولهما تقديم برامج واضحة وتفصيلية تستوعب مشكلات النيل الأبيض كولاية زراعية وثانيهما دعم مادي ومعنوي من الجهاز التنفيذي لهذه البرامج. وإسهاماً منا في هذا الجانب لا بأس أن نستعرض له بعض المشكلات المزمنة وبعض المقترحات الممكنة، ولعل السائل يقول ماذا لو قلتها له مباشرة فهو ود بلدك وصلاته بك متعددة وأجيب بأني أطرح موضوعًا عامًا لا أريد أن أشخصنه ولنبدأ أولاً بالمشكلات فأنت تعلم سيادة المدير أن أولى الخطوات الصحيحة تحديد البداية ونرجو هذه المرة أن نؤسس بداية صحيحة وأنت سيد العارفين وهو مجالك ولكن لابد من التذكير. إن مرتكز هذا الأمر يقوم على محطات الأبحاث الزراعية وهذا فهم يقوم عليه كل العالم ولا تقوم من دونه حتى نستطيع أن نوفر للمزارع تقاوي مضمونة ومتطورة تخلف له الفائدة من جهده ولا بأس سيدي من الدخول فيها بفهم تجاري وهنالك وفرة في الكادر والباحثين وأنا أعرف منهم (غير سيادتك) دكتور الفاتح خالد علي مجذوب وهو رقم في هذا المجال ود. أحمد عصار بمحطة أبحاث سنار وكثيرين ممن يرغبون في تحقيق نجاح شخصي لهم وإشباع تخصصاتهم وفائدة لبلادهم.. وجهات التمويل في هذا الجانب تسد عين الشمس وأنت تعلم أن أغلب مراكز البحوث في العالم تعمل على هامش الإشراف الحكومي وبمصادر تمويل مختلفة (شركات، مؤسسات، أفراد) وباعتقادي أن الولاية مؤهلة لأن تكفي السودان في هذا الجانب ويكون تخصصًا مستقبليًا لها. ثم نأتي للثانية وهي مشكلة الموسم الزراعي في الولاية والمتمثلة في تحديد التركيبة المحصولية للعروتين الصيفية والشتوية وأنواع محاصيلها ومساحاتها فالمزارع في جودة وحتى جار النبي لا يعرف متى بداية الموسم ماذا سيزرع قطن أم زهرة شمس أم ذرة أم قمح أم لن يزرع أصلاً لأن الموضوع مرهون بالتمويل وهذا يربطنا مباشرة بإدارة المشروعات التي تقوم عليها لجان المزارعين وهذه تذكرني بالمدرسة التي يديرها الطلاب فهم مجموعات من الأميين الذين ليس لديهم كسب في الإدارة وتواجههم مشكلة انعدام الثقة من جهات التمويل ولعلك تذكر إدارة المشروعات أيام الحاج الطيب بلال والمرحوم محمد أحمد السباعي ويحيى حماد وشوقار وغيرهم كان يمولهم نفس البنك الزراعي ويربح المزارع ويسدد تمويل البنك والأمر اليوم معلوم لديكم كيف يمضي متعثرًا. ثم تأتي مشكلات التحضير والقنوات ودخول المياه والمشكلة الكبرى غياب الإدارة المتخصصة والإرشاد الزراعي الذي أرى أن يعود بفعالية والإدارة الزراعية حتى تسهم في رفع وعي المزارع ومعرفته، والملاحظة الأهم هي غياب شبه تام للنشاط البستاني والذي أرى أن بالإمكان تنميته بصورة لافتة لاعتماده على جهد أصحابه في التمويل ولكن الأمر يحتاج لترويج. ثم إن هناك عاملاً لا أرى منافسًا للولاية فيه وهو اتساع بحيرة النيل الأبيض لتكون بعد الانفصال الآن أكبر مصادر إنتاج الأسماك في السودان، وهذا الأمر يمكن أن يستوعب جيوشًا من الشباب العاطل المصطف على جانبي النيل في مناطق الفيضانات بالجبلين والحديب والجزيرة أبا والمرابيع والفشاشوية وقُلى وأم جر وود الزاكي والعميرية على أساس توفير الحماية للصيد الجائر وتوفير المراكب والشباك علاوة على حسن استغلال مساحات الفيضان في زراعة الأرز. أخي فضل المولى بعد كل هذا الحديث أقترح عليك الدعوة لمؤتمر جامع لأهل الزراعة والإدارة وممثلي المزارعين ومصائد الأسماك وقدماء المحاربين من الإداريين في الزراعة بدءًا بسيد عبدالحليم والصادق سالم ومؤسسة النيل الأبيض الزراعية حتى نتدارس الأمر وصولاً لأفضل الحلول ولكن أنصحك ابدأ بالأبحاث فهي الطريق الصحيح.