وُلد إبراهيم أحمد بابكر العبادي بمدينة أم درمان، والتي نزح إليها من بربر ومصر، وقضى طفولته الباكرة بها، حيث درس في خلوة الشيخ الطاهر الشبلي، ثم دخل المدرسة الأولية بأم درمان الوسطى «الابتدائية آنذاك» وما إن أتم السنة الثانية بها حتى أخرجه والده منها بحجة أن التعليم الذي تلقاه كافٍ ليعمل معه بزريبة المواشي بام درمان، الا انه ارسله بعد ذلك ليواصل تعليمه الديني بخلوة الشيخ المعروف محمد البدوي، حيث حفظ قدرا من القرآن الكريم مع مبادئ الفقه الاسلامي. إذ يعتبر إبراهيم العبادي أول من انتقل بالشعر الغنائي من الطنبور إلى أغاني الرق فأستحدث بذلك حدثاً جديداً في تطور الأغنية السودانية ونال تقدير شعراء أغاني الدوباي والطنبور آنذاك من أمثال يوسف حسب الله «سلطان العاشقين» ومحمد صالح المطبعجي وأبو جقود عثمان وكانت أول أغنية له في هذا الصدد «ببكي وبنوح وبصيِح للشوفتن بتريِح» وتدفقت شاعريته بعد ذلك حاملة لواء النهضة الغنائية مع رصفائه ود الرضي وخليل فرح وعمر البنا وأبو صلاح. من الأغنيات التي اشتُهر بها الشاعر العملاق: «يا حليل رياضنا الغنا عزة الفراق بي طال برضي ليك المولى الموالي.. وتشطيرة لاغنية متى مزاري أو في نزاري للشاعر ود الرضي، وهذه الأغنية مسجلة في الإذاعة السودانية بصوت عبد الله الماحي غير مشطّرة، وبصوت سرور مشطّرة. بدأ نظم الشعر الغنائي في 1914م وعرض أول إنتاجه على يوسف حسب الله الذي كان بمثابة المحكم للشعر في ذلك الوقت يلجأ إليه ناشئة الشعراء ويأخذون بنصحه وتوجيهه، وقد اهتم بالعبادي وأثنى على ما قدّم ثناء مستطابًا.. بعد تجربته الذاتية في الحب دخل مضمار العاطفة على نهج الدوباي في 1917م فانشأ قصيدته: اقتبس البدر من آمنة نوره ودارته والخز والذهب عار من جسيمها نضارته كان يأخذ من أغاني محمود الفكي الصادح الشهير الذي قدم من كبوشية، والذي كانت أغانيه تتردد في كل مكان فيجاريها بأسلوب أكثر حضارة على نسق الرميات.. وقبل العشرينيات بدأ يتجه نحو الأغنية المتطورة وكان موحى ذلك هو بيوت الأعراس، ومع بداية العشرينيات برز العبادي واحدًا من حداة ركب الغناء السوداني، وامتدت صلة العبادي مع الشعراء والمغنين، وكان أبو صلاح والعبادي في عمر واحد تقريباً إلا أن أبا صلاح كان أسبق من العبادي في نظم الرميات والدوباي، ولكن العبادي استطاع أن يبرز في دنيا الطنبور الذي أعقب تلك الفترة، لكن العلاقة الأكبر كانت مع الشاعر الملهم ود الرضي الذي جاراه في عدة أغانٍ منها أغنية ود الرضي «ليلة سرورنا الكان» والتي جاراها العبادي بأغنية «يا عازه الفراق بي طال». كما توثقت العلاقة بين العبادي وسرور، وقد كان سرور لا يغني في بداياته إلا للعبادي في تلك المرحلة سوى ما تجود به قريحة صديقه ود الرضي. ويعتبر العبادي مفخرة للأدب الشعبي فهو من القلائل من الشعراء القوميين الذين تسلحوا بسلاح المعرفة والاطلاع، عالمًا بالشعر الجاهلي حافظًا للكثير من المعلقات، قرأ لأبي فرج الأصفهاني والبارودي وحافظ إبراهيم، وله من الشعر السياسي وأدب المدائح ما لا حصر له.. في عام 1926م شارك العبادي في النهضة المسرحية برواية «المك نمر» التي وجدت رواجاً لا مثيل له فهي تحكي حقبة مهمة من تاريخنا الحديث.