ما كان هناك من مناسبة أطهر ولا أنسب ليُعلن فيها الرئيس البشير عن حسم هُوِيَّة هذه البلاد وعن استمساكه بالشريعة الإسلامية التي ستكون أساساً لدستور السودان القادم من عيد الشهيد القومي الذي انعقد هذه المرة في مدينة كوستي. هل تذكرون قرائي الكرام حديث الرئيس البشير في القضارف في العام الماضي عندما تحدَّث عن انتهاء عهد الدغمسة وحسم قضية الهُويَّة جرّاء انفصال الجنوب بعجره وبجره وبضاعته المزجاة؟! وقتها انتفض الثلاثي البغيض عرمان وعقار والحلو ولطموا الخدود وشقوا الجيوب ودعوا بدعوى الجاهلية حين عقدوا مؤتمراً صحفياً في دار الحركة الشعبية في قلب الخرطوم رفضوا خلاله حديث البشير وتحدثوا حديث الدغمسة عن التعددية الدينية والثقافية التي يعلم راعي الضأن في البادية ما تنطوي عليه حين يهرف بها عرمان!! أين ثلاثي الشر والدغمسة عرمان والحلو وعقار اليوم؟! لم يعودوا في الخرطوم ولا حتى في السودان فقد تحرر السودان ممَّن سمَّوا حركتهم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» ولا أحتاج إلى شرح عبارة «تحرير السودان» التي أوضحها قرنق حين قال إنها تعني إعادة هيكلته بما يُفضي إلى إقامة مشروع السودان الجديد الذي نرى نموذجَه اليوم في جوبا التي تنعقُ فيها الغربان وتحوم في سمائها الصقور لتنقضّ على جثث الموتى الذين يطحنهم الجوع والاقتتال القَبَلي في جونقلي والوحدة وأعالي النيل والإستوائية وبحر الغزال!! من يعقد المقارنة بين حالنا اليوم ونحن نبدأ عاماً جديداً وحالنا في بداية العام المنصرم لا يملك إلا أن يحمد الله كثيراً أن بلادنا أفضل حالاً مما كانت عليه ليس من حيث الأوضاع الاقتصادية التي تأثرت سلباً، ولو بصورة مؤقتة، بانفصال الجنوب وذهاب بتروله وإنما من الناحية السياسية فقد غادرنا الجنوب وخرج من السودان وانتهت وحدة الدماء والدموع وأصبحنا أكثر تجانساً وأمناً وذهب التنازع حول الهُوِيَّة وأصبح المسلمون يشكلون أكثر من 97% من سكان السودان ووضعت حرب الجنوب أوزارها إلى الأبد إن شاء الله. كذلك حُرِّرت النيل الأزرق التي كان يحكمها مالك عقار المنتمى فكرياً وعضوياً إلى دولة جنوب السودان وعادت تلك الولاية إلى حضن الوطن كما عادت شقيقتُها جنوب كردفان. أما دارفور التي ظنّ عرمان وسادتُه في جنوب السودان أنها ستكون إحدى منصات الانطلاق في الجنوب الجديد، الذي يضم كذلك تلكم الولايتين، لإقامة مشروع السودان الجديد... أما دارفور فقد حلَّت عليها كثيرٌ من البركات التي نرجو أن تُستكمَل فقد قضى فِرْعَون ليبيا وانتهى كذلك الكابوس الذي لم يجثم على صدر ليبيا وشعبها الأبي فقط وإنما جثم كذلك على صدر الشعب السوداني طوال سني حكمه الدموي وتوقّف المدد الذي كان يتلقّاه المتمردون الذين بلغت بهم وبسيدهم القذافي الجرأة أن يغزوا أمدرمان وأتم الله نعمته علينا بمصرع خليل إبراهيم رأس الفتنة في دارفور بعد أن ولغ في دماء شعب السودان وشرّد أهلَه وشوَّه سمعة بلاده ومرَّغها في التراب وكذلك بحلول سلام دارفور من دوحة العرب وتبقى أن نُسرع الخطا في إنفاذ الاتفاق حتى نفوِّت الفرصة على المتربصين. نِعَمٌ كثيرة حلّت على السودان خلال العام الماضي لم نشكر الله عليها كما ينبغي.. نِعم جاءت بدعوات الصالحين المتبتلين الشُّعْث الغُبْر الذين لو أقسموا على الله لأبرّهم.. نِعم جاءت في إطار الربيع الإسلامي الذي سمَّوه كذبًا بالربيع العربي وماهو كذلك.. كيف يسمُّونه عربيًا وقد جاء بالإسلام في كل مكان؟! جاء به في تونس بورقيبة التي لطالما شنّت الحرب على الإسلام وفي ليبيا الفرعون الأكبر وفي مصر مبارك وما أدراك ما مبارك!! بقى تحديان: تحدي القضاء على الحركة الشعبية واقتلاعها من الحكم في جوبا فهي لا تزال تحتفظ باسمها القميء فلو زالت الحركة ستزول وتذوب جبهة عرمان والحلو وعقار وعبد الواحد ومناوي كرغوة الصابون وينعم السودان بالأمان وتنتهي الحروب.. التحدي الآخر هو انتظام السودان في موكب الربيع الإسلامي بإقامة شريعة حقيقية وليست مدغمسة كالتي رأيناها ولا نزال.. كنا نلتمس لحكامنا العذر حين قالوا إنهم مضطرون للدغمسة أما اليوم فلا خيار ولا عذر للفساد الضارب الأطناب.. أقول ذلك رغم حكومة المائة وزير المدغمسة التي لا أراها مؤهَّلة لإقامة الشريعة. رسالة لبني علمان ولغيرهم من المدغمسين الذين يطالبون ب «تمزيق الثوابت والمسلَّمات والمبادئ» والبدء من الصفر في كتابة الدستور القادم.. بربِّكم أية دولة في العالم تلك التي تمزِّق ثوابتها؟! ابحثوا في أوروبا وأمريكا وانظروا هل تخلوا عن هُويتهم وثوابتهم وهل نتخلى عن ديننا حتى بعد أن ذهب عرمان وباقان والحلو وعقار؟! متى نكفُّ عن لحن القول أيها المدغمِسون؟! المنبر وانتخابات اتحاد طلاب جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا يخوض منبر السلام العادل انتخابات اتحاد طلاب جامعة السودان التي تجرى اليوم بقائمة أربعينية مستقلة أملاً في أن يحصل على ثقة الطلاب. لعل في هذه الخطوة رسالة قوية أن منبر السلام العادل هو حزب المستقبل الذي سيقود السودان إلى برِّ الأمان بإذن الله تعالى. انشغلنا خلال السنوات الماضية منذ أن جثمت نيفاشا على أنفاسنا في خوض الحرب على تداعياتها المتمثلة في الحركة الشعبية «لتحرير السودان» ومشروعها الاستئصالي، وأبلى المنبر وصحيفته «الإنتباهة» بلاءً حسناً وأسهم بقدر كبير في هزيمة الحركة ومشروعها، وكنا الترياق المضاد الذي وقف في حلق الحركة وعندما جاءت انتخابات رئاسة الجمهورية آثرنا أن نواصل مسيرة التصدي للحركة الشعبية وقررنا مؤازرة الرئيس البشير خوفاً من أن نمكِّن الرويبضة «عرمان» وحركته العميلة من رقابنا ومن الإجهاز على بلادنا هُوية ووجوداً. الآن وقد زال خطر الحركة وتحرر السودان الشمالي من عبء الجنوب وصحح الخطأ التاريخي الذي زرعه المستعمر البغيض في أحشائنا وخرج عرمان وباقان والحلو وعقار وما عاد مشروع السودان الجديد والحركة الشعبية يمثلان خطراً على بلادنا وهُويتنا.. الآن وقد تحقق كل ذلك آن للمنبر أن يقدِّم نفسه لجماهير الشعب السوداني حتى يحصل على الثقة التي تبدّت في انعطاف هذا الشعب العظيم نحو «الإنتباهة» المعبِّرة عن مبادئه وأهدافه. الآن نبدأ مسيرة المنافسة الحرة مع الآخرين بمن فيهم المؤتمر الوطني من خلال انتخابات اتحاد طلاب جامعة السودان.. فهيا بنا ننطلق نحو الثريا.