شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    شاهد بالصورة.. حسناء جديدة تشعل المدرجات السودانية بالدوحة وساخرون: (طلعنا من الدمعة ظهرت لينا النظارة)    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    شاهد بالفيديو.. طفل سوداني يرفض مرافقة أسرته بالسيارة ويمشي مسافات طويلة على أقدامه حزناً على خسارة المنتخب الوطني في كأس العرب    شاهد بالفيديو.. سلام بالأحضان بين هدى عربي ومطرب شاب في حفل زفاف ريماز ميرغني يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد بالفيديو.. سلام بالأحضان بين هدى عربي ومطرب شاب في حفل زفاف ريماز ميرغني يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد بالفيديو.. طفل سوداني يرفض مرافقة أسرته بالسيارة ويمشي مسافات طويلة على أقدامه حزناً على خسارة المنتخب الوطني في كأس العرب    بالصورة.. القيادي بالحرية والتغيير خالد سلك ينعي المذيع الراحل محمد محمود: (ودعناك الله يا حسكا يا لطيف الروح وطيب القلب.. كأنك كنت تدري بأن هذه الدنيا زائلة فلم تعرها اهتماماً)    بالصورة.. الناطق الرسمي لجيش حركة تحرير السودان "إنشراح علي" تتقدم بإستقالتها من منصبها وتنشر بيان تكشف فيه التفاصيل    داؤؤد با يقود المريخ للفوز مارين اف سي    والي الخرطوم يبحث مع بنك السودان المركزي تمويل إعادة تأهيل مشروعات البنى التحتية والتمويل الأصغر    "أوب-أوب-أوب، مثل رشاش صغير" .. ترامب يتغزل بشفتي المتحدثة باسم البيت الأبيض – فيديو    محمد صلاح.. الجانب الخفي في شخصية لا تعرف الاستسلام    جنوب السودان يعلن الحياد ويعتزم تأمين حقول هجليج النفطية    ليفربول يتماسك ويهزم إنتر بركلة جزاء متأخرة    الدونات واللقيمات ترفع خطر السكري بنسبة 400%    حاج ماجد سوار يكتب: عندما يؤشر البعض يميناً و هو يريد الإنعطاف يساراً (ترامب مثالاً)    تقارير: تحطّم طائرة شحن عسكرية في السودان    الاتحاد يواجه الصفا الأبيض بالمناقل    هلال المناقل يواصل إعداده لليوم الثاني    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    والي الخرطوم يدشن أسواق الكرامة بمجمع أبوحمامة    السيسي يحبط خطة "تاجر الشاي المزيف في السودان".. كيف أفشل الرئيس المصري تحرك الموساد؟    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    قبل النوم بلحظات.. "ثمرة ذهبية" تهدئ جسدك وعقلك    وفاة إعلامي سوداني    انقطاع التيار الكهربائي في عموم ولايات السودان    "كسروا الشاشات وهاجموا بعضهم".. غضب هستيري في غرفة ملابس ريال مدريد    الغضب يترك أثراً أعمق مما نظن    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



والفضل لتعليم الخلاوى
نشر في الانتباهة يوم 16 - 01 - 2012

تطورت مناهج التعليم وأساليبه وتكاليفه خلال السنوات الماضية في معظم البلاد العربية، غير أنَّ المحتوى الدراسي ومضمون المادة، وحظّ المتعلِّم منها لم يكن مواكباً لهذا التطور، لأنّه كان في كثير من أساليبه وطُرقه على حساب الكم العلمي، وطرق الإجادة والإتقان والاستمرار، وقد كان الكثير من أبناء جيلنا على اختلاف بلادهم وأعمارهم قد بدأوا حياتهم الدراسية في الخلوة، فأغلب الأطفال كانوا يجدون أنفسهم في سنٍ مبكرة يجلسون في حلقات القرآن يحفظون القرآن، ويتعلَّمون مختلف المهارات التي يقدِّمها هذا النوع من التعليم، الذي فزع منه المحتلون وحاربوه بشتى الوسائل، وقد أدى ذلك الخوف إلى تجنُّب إثراء مَلَكة الحفظ في المناهج الحديثة.
كانت أيام العمر تتقدّم بدرجةٍ أقلّ من التقدُّم الذي يحظى به الطفل في محصول الحفظ من القرآن الكريم، بدليل أنَّ الكثيرين كانوا يحفظون القرآن في التاسعة أو العاشرة من أعمارهم، ولمَّا كانت سياسة التعليم في عهود الاحتلال الأجنبي عدم استيعاب المدارس لأعداد كبيرة من الطلاب المؤهلين للدراسة سِناً حسب سياستهم في تجهيل الشعوب وتخلُّفها، فإنّ الطالب كان يجد الفرصة في المدرسة في السابعة أو الثامنة أو أكثر من ذلك إنْ كان قليل الحجم، ولم يكن تعامل الناس كثيراً بشهادات الميلاد الأصلية لأنّ شهادات التسنين كانت تحقق لهم الأعمار التي تتطلبها المدارس.
ولو تطور نظام التعليم في الخلاوي تطوراً ذاتياً حسب تطور الحياة الحضارية ومناهج التعليم الحديثة لكان في ذلك خير كثير، وكان أفضل من نظام التعليم الذي اقتبسه المحتل الأجنبي من بلاده ليُطبِّقه في بلادنا بما يخدم سياسته ومخططاته في إيجاد موظفين يؤدون الوظائف الحكومية الروتينية، ويُمجِّدون لغتهم ويملأون المناهج بتاريخهم وأنماط حياة عظمائهم، حتى ينشأ الجيل وقد اقتنع كما اقتنع الكثيرون، بأنَّ الحياة الأجنبية بأنماط سلوكها وتفكيرها، وتاريخها، أفضل من حياتنا وطرق تفكيرنا ومعتقداتنا، قد ترتَّب على التقليل من شأن حفظ القرآن في مرحلة الطفولة هبوط مستوى الأجيال الحديثة في محصولهم اللغوي، وقدرتهم على تقويم ألسنتهم ومخارج الحروف، والقدرة على التلاوة من المصحف.
لم يكن تعليم الخلوة تعليماً نظرياً يعتمد على تحفيظ كتاب الله وتجويده، بل كان تعليماً وظيفياً يربط التلاميذ بواقع حياتهم، ويُوظِّف لهم معطيات بيئاتهم، فالطفل اليوم يذهب إلى المكتبة لشراء الأقلام والكراسات، والوسائل الجاهزة التي تقتل فيه روح الابتكار والإبداع ولا يستكشف مواهبه وقدراته، وأحياناً يقوم الآباء والأمهات بتجهيز الوسائل لأبنائهم، أمّا طفل الخلوة فكان يتعلَّم الإملاء وتجويد الخط، ثم يُدرَّب على صناعة المادة التي يكتب بها، إذ يجمع »السَكَن» المادة السوداء من المحروقات في الأواني والقُدُور، ثم يمزجها بالماء والصمغ ويزاوج بينها ليحصل على حبر أسود جميل من صُنع يده وبيئته، ولأنّه بحاجة إلى قلم فهو يصنعه من القصب أو الخُوص ويقوم «ببريِهِ» وتجهيزه بالموس بطريقة واتجاه معين، يساعده على إحسان الكتابة والخط، وهو لا يستعمل «الكراسة» أو الورق بل يستعمل »اللوح» المصنوع من الخشب أو أشجار معينة بواسطة نجّار القرية أو البلدة، فهذا التعليم كان يعتمد على قدرات الطالب في التعليم والصناعة المأخوذة من بيئته وحسب احتياجاته وهو تعليم ذاتي يُنمِّي خاصة الابتكار والتفكير والاعتماد على النفس، إضافةً إلى أنّه كان يُعلِّم الناس قيمة الوقت والاستفادة منه في ساعات النشاط، فاليوم الدراسي يبدأ بعد صلاة الصبح إلى الظهر مع استراحتين للطعام والراحة، ثم العودة بعد صلاة العصر إلى ما بعد صلاة العشاء، وقد أخذ نظام اليوم الدراسي الكامل من هذه الطريقة بعد أن خضع لظروف الحياة الحديثة ونظريات التربية وعلم النفس، وحتى لا يملّ الطالب من يوم يقضيه كله في الدرس والتحصيل، ولا ننسى أنَّ الإضاءة في الليل كانت من مهام الطلاب الذين يجمعون الحطب للإنارة في القرى، وعلى وسائل الإضاءة المتاحة في المدن في البلاد التي يدرس طلابها في مدينة، وكان من نتائج هذا التعليم أنَّه يقوِّي في الطفل ذاكرة الحفظ، ويُدرِّب الذهن على خاصة الاختزان للمعلومات والتذكُّر السريع، فما من شخص تقوى عنده ذاكرة الحفظ إلا وقد كان مدرَّباً عليه في الخلاوي أو ما يشبهها، والقرآن نفسه عونٌ على تفتُّق الذهن وقوة الحفظ، وسرعة التذكُّر.
أخذ على هذا النظام في التعليم في استعمال الضرب وسيلةً لتقويم السلوك ومعالجة أخطاء الحفظ والاجتهاد، ولكن التجارب كلها أثبتت أنّ الضرب غير المُبرِّح وسيلة تأديبية تعليمية لا بديل عنها، وضرورة لضبط السلوك وعملية التعليم، وكثير من علماء التربية ينادون بالعودة إليها، بعد أن أثبتت التجارب فشل النُظم التي تمنع الضرب في تقويم السلوك وسيادة النظام، وهو أفضل من كثير من الوسائل المثالية النظرية التي أدت إلى فرط النظام وانعدام الضبط في المؤسسات التعليمية، فقد استهتر الطلاب بالنظام، وافتقد المعلمون احترام طلابهم فضلاً عن المهابة منهم، ولو طُبِّقت علينا نظريات علماء التربية في الآثار السلبية والمستقبلية للضرب على الأطفال لكُنا اليوم في عداد غير الأسوياء، فما كنا نُضرب مرةً واحدة في اليوم الدراسي بل مرات عدة وبأوضاع مختلفة، ولأسباب كثيرة.
وكان لتعليم الخلوة فضل علينا بعد الله سبحانه وتعالى فقد وفَّر علينا سنوات الدراسة في المرحلة الابتدائية، لأنّ الطالب منَّا كان يُختبر في حفظ القرآن والإملاء، والقراءة، وبعض مسائل الحساب، ثم يوضع في مرحلة متقدمة أو في المرحلة المتوسطة في المعاهد العلمية، ومع ذلك كانوا يحتلون المراكز الأولى طوال عهد الدراسة حتى في الجامعات بفضل القرآن وبركته، فالذي يحفظ القرآن أو جزءاً منه يسهل عليه حفظ كلام البشر مهما كان حظُّه من الفصاحة والبلاغة.
وقد ذكر الدكتور «عبد الله الطيِّب» وهو من طلاب هذا النوع من التعليم، ذكر في إحدى محاضراته ؛ «أنّ الإنجليز قد انتبهوا إلى أهمية الحفظ للأطفال، فكان طلاب المدارس العلمية يدرسون «الإنجيل» ويحفظون شعر «شكسبير» وشعر «وبستر» لأنَّه يُرسِّخ في أذهان الصغار العبارات الجميلة ويجعل الأذهان متقدة، وقد كنتُ أعجب من الفتيان والفتيات في «نيجيريا» وهم يحفظون القرآن برواية «ورش» كما يحفظون «متن الخليل» وشرحه في الفقه المالكي مع صعوبة التعبير فيه».
ويجدر بالذكر نجاح مراكز تحفيظ القرآن الكريم في الإمارات والسودان والسعودية حيث يحفظ الطلاب القرآن في المرحلة الابتدائية إلى جانب دراستهم مناهج زملائهم في المدارس، وقد انتشرت مدارس تحفيظ القرآن وأصبح طلابها يتفوقون على زملائهم في قدرتهم على الاستيعاب والحفظ والتذكُّر، والاستنباط والتعبير، لو أُخذ بهذا النظام في كثير من البلاد لاستفاد أبناء المسلمين، ولوجدنا تعليماً مؤسساً على بُنيان متين، ومنهجٍ سليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.