اهتم حزب المؤتمر السوداني من خلال بيان «إعلاني» نشرته له صحيفة أخبار اليوم بالرد على ما جاء على لسان والي شمال كردفان السيد معتصم ميرغني زاكي الدين من اتهام وجهه إلى الحزب أفاد به صحيفة «الإنتباهة»، ويقول البيان «المُعلن» «جاء في صحيفة الإنتباهة يوم 16 يناير الجاري على لسان والي شمال كردفان معتصم ميرغني زاكي الدين أن رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ عبدالرحمن قد قاد إلى جانب آخرين من المؤتمر الشعبي نشاط ما سمّاه الوالي بالطابور الخامس، وأن الندوات التي أقامها حزب المؤتمر السوداني قد هدفت إلى خلخلة المجتمع وتهيئة دخول قوات العدل والمساواة إلى مناطق ولاية شمال كردفان الغربية» انتهى ولكن لم يأتِ رد حزب المؤتمر السوداني في حدود الاتهام وهي أن ينفي الحزب المتهم ورئيسه ما نُسب إليهما، ويطالب الوالي بالبيّنة حتى يثبت براءته مما اتُّهم به، وكان هذا خيراً له باعتباره حزبًا سياسيًا مفتوحًا للمواطنين. لكن الحزب رغم أنه قرر مقاضاة والي شمال كردفان كما جاء في البيان على إشانته لسمعة الحزب وإنه سيقوم بكافة الإجراءات القانونية، كان عليه أن يكتفي بهذا إلا أنه حاول الاستفادة من نشر البيان المُعلن في أن يشمل بيانه هجومه على الحكومة المركزية حيث قال: «إن المجتمع السوداني الذي يعاني من تسلط نظام الإنقاذ طوال عقدين من الزمان وبعد أن وصل به الحال إلى المدى الذي لا يُنتظر من ورائه مزيدٌ من التدهور ليس بحاجة إلى حزب سياسي ليقوم بتهيئته وتحريضه ضد النظام».. انتهى وكأن البيان يشير بذلك إلى أن الشعب السوداني متجاوب مع ما تقوم به حركات التمرد من اعتدادات ضد البلاد وآخرها وأسوأها ما حدث في ودبندة قبل مقتل خليل إبراهيم قائد حركة العدل والمساواة. ولكن الحقيقة الماثلة هي أن آخر نشاط لحركة خليل رفضه المجتمع السوداني قبل الحكومة. فما جاء في البيان إذن بغفلة أو دونها يرفض ضمناً استنكار اعتداءات المتمردين على ودبندة، هذا من ناحية الاستنتاج. كان لابد من التفريق بين المواطنين الآمنين ومعاداة الحكومة، فالاعتداء على المواطنين لا يمكن أن يعني الاعتداء على الحكومة بأي حال من الأحوال، ولذلك لا يمكن أن نقول بأن المجتمع السوداني مهيأ بسياسات الحكومة للتجاوب مع العدوان عليه. فهنا لابد من التفريق، وحتى إذا اعتبرنا أن الحكومة قبل قرارات الرابع من رمضان وبعدها قد أخطأت في إدارة البلاد كما يرى حزب المؤتمر السوداني، فهذا لا يعني أن نبرر به الاعتداءات الغاشمة على المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم في ودبندة وغيرها ونقول إن سياسات الحكومة هي السبب في هذا.. هل هؤلاء المواطنون الأبرياء جزء من تركيبة الحكومة؟! إذن لابد من البحث عن علاقة هؤلاء الأبرياء بالحكومة. ترى ما هي العلاقة؟! من حق حزب المؤتمر السوداني أن يقاضي من يريد إذا شعر بأنه مظلوم، لكن هو كحزب سياسي يُعلن أنه يريد خدمة الجماهير فليس من اللائق أن يستبطن عدم استنكاره لما قام به التمرد ضد المواطنين وليس ضد الحكومة الموجودة في شارع النيل الأزرق بالخرطوم.. ثم إذا كانت هذه الحكومة بعد قرارات الرابع من رمضان بكل هذا السوء الذي يتحدث عنه حزب المؤتمر السوداني وهو يتحدث عن تسلط الإنقاذ «طوال عقدين من الزمن» أي لم يفرق بين فترة الترابي والمرحلة التي جاءت بعد إبعاده ولم يكن فيها تسلط المرحلة الأولى، إذا كانت الحكومة بكل هذا السوء فلماذا يفكر حزب المؤتمر السوداني في اللجوء إلى القضاء وطلب رفع الحصانة من الوالي لتقديمه للمحاكمة ؟!.. هل اتهامه للحكومة بالتسلط كان من باب الكراهية السياسية التي لا تخدم البلاد في شيء؟! إنه بهذا التناقض لا يكون الحزب مؤهلاً لقيادة جماهيره دعك من كل الشعب إلى بر الأمان السياسي. على أية حال إن حزب المؤتمر السوداني حزب في السودان وليس غير السودان من الدول الإفريقية الدكتاتورية ذات الحكومات العنصرية، ولذلك بإمكانه أن يتمتع باستقلالية القضاء دون «تسلط» من الجهاز التنفيذي. لكن تبقى مصيبته كبيرة إذا كان بيد الوالي معتصم «البيّنة» التي سيكسب بها القضية المرفوعة ضده داخل المحكمة. وهذا ما يفهمه حزب المؤتمر السوداني أكثر من غيره.. ولننتظر هل سيربح هذا الحزب أم سيخسر؟! الصادق واعتصام المناصير ترى هل تقود لجنة المناصير المعتصمين بالدامر نفسها إلى اتهام البعض لها بأنها تتعرض لاختراق ذكي أو أنها تريد أن تخرج من سياق «القضية العادلة» إلى القيام بعمل سياسي لا معنى له؟! نطرح هذا السؤال على خلفية تضارب خبرين يقول أحدهما بأن المتحدث الرسمي باسم لجنة المناصير المعتصمين الرشيد الأفندي قد أبلغ بعض الصحف بأن السلطات منعت السيد الصادق المهدي والوفد المرافق له من دخول ساحة المعتصمين بميدان العدالة.. ويقول الخبر الثاني النافي للأوّل، وهو من مصدر مهم جداً أن السيد ياسر جلال الناطق الرسمي باسم حزب الأمة قال بأن وفد الحزب لم يطلب أصلاً دخول الساحة. والمتحدث باسم لجنة المناصير يصر على تأكيده ويقول بأن حزب الأمة أعلن سابقاً أنه ذاهب إلى ساحة الاعتصام. إذن لا يمكن أن يصرِّح المتحدث باسم لجنة المعتصمين بناءً على استنتاج دون أن يحدِّد ويعرض الطلب الذي زعم أنه كان مرفوضاً من قبل الحكومة. ثم لا يعني توجه وفد حزب الأمة إلى ساحة الاعتصام تجاوز السلطات هناك وتجاوز دار الحزب هناك الذي تم فيه لقاء وفد الحزب بلجنة المناصير.. ثم ليس هناك ما يضر بالسلطات إذا ذهب الصادق ومرافقوه إلى ساحة الاعتصام ترى ماذا سيحدث بعد تصريحات الصادق النارية ضد المعارضة مؤخراً؟!