ما قادني للحوار مع محدِّثي هذا الصراحة الغريبة والشجاعة التي يمتاز بها خصوصًا أثناء المداولات في البرلمان وما تسبِّبه له آراؤه من مشكلات داخل حزبه ومن قيادة البرلمان أحيانًا، ومحدثي وهو القيادي بالوطني والبرلمان عضو مجلس الشورى القومي والنائب عن الدائرة «2» الرهد أبو دكنة بشمال كردفان المهندس عبدالرؤوف بابكر سعد وهو معروف على صعيد آخر كأكبر المصدرين للصمغ العربي بالسودان، فبدأ حديثنا معه في عدة محاور كالتطواف العاجل على رؤوس مواضيع كالفساد ومن هم المفسدون في البلاد وعن دورهم كنواب وعن قضايا الدائرة وقضايا الصمغ العربي فكان هذا الحوار فإلى مضابطه: ماهو تقييمك لأداء البرلمان خلال الفترة الماضية؟ الآن مضى تقريبًا عام ونصف العام من عمر البرلمان المنتخب.. ومن وجهة نظري أن التشكيلة الغالبة على البرلمان على الرغم من أن أغلب نوابه من حزب واحد، من ناحية ثقافية أو أكاديمية أو من ناحية خبرات التركيبة معقولة، والبرلمان أجاز الكثير من القوانين المهمة، أستطيع أن أقول إن البرلمان في الفترة الأخيرة صوته كان عاليًا في ملفات مختلفة، وإذا بدأنا من آخر ملف، أي ملف إجازة الموازنة للعام الجديد فالموازنة مرّت بمخاض عسير، وبرزت أصوات كثيرة تبحث عن الحقيقة، فالميزانية لم تُجَز بسهولة ،ولم نكن «إمَّعات»، والدليل على ذلك إسقاطنا لزيادة سعر البنزين، وعلى الرغم من إجازتنا للموازنة إلا أن لنا فيها رأيًا، وسيكون البرلمان متابعًا بدقة مع وزارة المالية في تنفيذها. هل تتوقع أن يتم إرجاع الموازنة لإجراء أي تعديل نسبة للظروف التي تمر بها البلاد؟ لا أعتقد، فالمالية والبرلمان قاموا بوضع احتياطات كافية أرجو أن تنجح في ذلك، أضف إلى ذلك تركيز البرلمان على ضرورة معالجة العلة الأساسية في الاقتصاد السوداني وهو موضوع التجنيب، مازالت لدينا جهات تجنب الإيرادات من بينها أجهزة سيادية، ولا بد إذا أردنا أن نعالج أي علة أو مرض في جسد الاقتصاد أن نقوم بمنع تلك الجهات من التجنيب، في اعتقادي أن هناك «كينتنات» ومراكز قوة استطاعت أن تستقل بإيراداتها عن المالية وجنبت الإيرادات، الجهة المجنبة تعتقد أنها صاحبة حق في التصرف في المال العام كما تريد، ويلاحظ أن الجهات المجنِّبة تقوم بتسفير أفرادها للحج وبمنح منسوبيها عربات ومنازل، إلا أن العدالة تقتضي أن تصب كل الأموال المجنبة في يد المالية والتي بدورها تحدد أولويات الصرف. هناك حديث للنواب أنهم مجرد أدوات في يد الجهاز التنفيذي وذراع من أذرع الحزب، ولا يقومون إلا ب «البصم» على قرارات الجهاز التنفيذي؟ دا كلام غير صحيح، وهناك حديث عن أن النواب الحاليين «جو بالشجرة في إشارة منه للرمز الانتخابي للمؤتمر الوطني وجايين ينفذوا كلام الشجرة»، عن نفسي لم أخضع لأي ضغوط من أي جهة أو تأثير للتنفيذ أو لتمرير قضية أو قانون ما، والحديث ينطبق كذلك على الهيئة البرلمانية للوطني حيث تقوم بمناقشة أي قضية مناقشة من كافة الجوانب دون فرض رأي أو تغليب رأي مسبق تسمع قيادة الكتلة أحيانًا حديثًا طيبًا وأحيانًا «شين»، لكن لا بد في النهاية من الالتزام برأي الأغلبية وليس بالضرورة أن يكون الجميع موافقًا عليها، الكتلة تناقش كل القضايا نقاشًا مستفيضًا ولم أسمع بنائب تم نبذه لإدلائه برأيه، ونحن في الأصل نحترم القسم الذي اديناه كنواب في أن نخدم الوطن والمواطن، الذي في كثير من الأحيان يكون ضد رأي الحزب في قضايا مختلفة كما بان في أمر الميزانية، شوف نوع النائب النعسان.. والنائم الموجود في مخيلة البعض الآن غير موجودة هذا بالضرورة لا يمنع أن يكون هناك نواب «ماشين ساي». ماهو رأيك في التعديل المفاجئ الذي طال رؤساء اللجان واللائحة البرلمانية؟ للعلم كان ينادي داخل البرلمان منذ فترة بتغيير رؤساء اللجان، فعدد من النواب احتجوا لطول الفترة التي استمر فيها عدد من الرؤساء في لجانهم، ورئيس البرلمان استجاب لإعطاء النواب الآخرين فرصة في رئاسة اللجان، ومن ثم يترجل رؤساء اللجان الذين تم تغييرهم ويعطون فرصة لغيرهم، والتغيير عُرض على النواب ورؤساء اللجان الذين تم تغييرهم خرجوا عقب الإعفاء راضين، وحتى الوجوه الجديدة التي تم إدخالها سيتم تغييرها، قبل نهاية أجل البرلمان لإعطاء فرصة لآخرين لأن البرلمان زاخر بالخبرات. أنشأت رئاسة الجمهورية آلية لمكافحة الفساد، وهناك رأي أن الآلية هذه أتى إنشاؤها خصمًا من صلاحيات البرلمان الرقابية.. برأيك هل الإنشاء تم لإحساس الرئاسة بعجز في البرلمان بهذا الخصوص؟ هناك لبس بسيط لا بد من توضيحه، فالآلية أداة تنفيذية، والآلية نفسها تمت إجازتها من قِبل البرلمان، أما البرلمان فجسم رقابي يفتح ملفات ولا ينفذ، ومهمتنا هي فتح الملفات والدفع بها للآلية، ومن ثم مراجعة ومتابعة ومراقبة ومحاسبة الآلية. هل الفساد بالحجم الكبير الذي يستحق إفراد آلية رئاسية جديدة بخلاف بقية آليات الجهاز التنفيذي؟ وزراة العدل تتبع الخطوات القانونية المعروفة لمنع الاعتداء على المال العام وفي أغلب أحيانها لا تستطيع أخذ الناس بالشبهات بل عبر أدلة مادية ملموسة، وهذا يخلق نوعًا من البطء في عملها، لكن الآلية أداة قائمة بذاتها ومسنودة من رئيس الجمهورية شخصيًا، وهذا اعتراف بوجود فساد بحجم كبير وأن هناك نوايا لتصحيحه وهذه خطوة مهمة.. انت قلت هل هو بحجم كبير؟ نعم الفساد حتى وسط الكبار «ذاتم» لذا لا بد من وجود آلية بمستوى عالٍ مسنودة من أعلى جهة في الدولة، حتى تستطيع أن تستجوب «إكس» من الناس او «زد»، وأتمنى ألّا تموت هذه الآلية لأننا نريد أن نشاهد أكلها بصورة سريعة جدًا، وفي اعتقادي أن أبو قناية مثل صائد الأسماك في بحر مليء بالسمك «مفروض كل ما يطلع شبكتو تمرق مليانة»، وستكون الآلية فاشلة إذا لم تتخذ قرارًا بخصوص قضية فساد خلال الربع الأول من هذا العام. أنت تتحدث عن أن رؤوسًا كبيرة متورطة في الفساد.. فهل باستطاعة ابوقناية الوصول إليهم؟ أبوقناية الذي نتحدث عنه ليس في شخصه، فيمكن أن يُستبدل ويأتي غيره، لكن الجهة التي يمثلها أبوقناية وهي الرئاسة، وإذا لم تستطع الرئاسة أن تصل لهؤلاء الرؤوس إلا بعد ذلك نرجع لله سبحانه وتعالى.. أضف لذلك أن الآلية يجب أن تصل لكل أنواع الفساد، فالفساد ليس فقط فساد قروش، فأي فساد مردوده في الأخير مال بشكل أو بآخر، فالنفوذ واستغلاله شكل من أشكال الفساد، ونحن الآن في حاجة لأي تعريفة في ظل الضائقة المالية خاصة وأن انتفاخ البطون قد زاد، الفساد غير مربوط بعهد أو نظام حكم محدد فهو موجود بالبلاد منذ عهود بعيدة، لكنه الآن قد «فاح» وأصبح حديث الناس في بيوت الأعراس والمآتم ، وأصبح ظاهرًا وأصبح الفاسد لا يستحي، فإذا كان في السابق موظف ويسكن سكنًا شعبيًا باستطاعته دون أي حياء الآن بناء العمارات وركوب العربات الفخمة في زمن وجيز!!. ماذا عن تفعيل إبراءات الذمة للدستوريين؟ يجب تفعيلها بأسرع ما يمكن لوقف نزيف المال العام، يجب أن يدخل الدستوري المنصب وأن يستفيد في حدود دخله المعروف للكل، الآن هناك موظفون كبار امتلأت جيوبهم بالأموال في عهد وجيز.. إذا جمعوا كل مرتباتهم منذ بداية التوظيف حتى نهاية خدمته لا يستطيع أن يجمع ما جمعه في سنتين أو ثلاثة.. على العموم كل إفريقيا الفساد منتشر فيها بشدة إلا من رحم ربي، «ضحك قليلا».. وقال حتى إبليس إذا جاء للسودان حيستغرب الفساد الموجود بالبلاد «واوصل ضحكته بطريقة أكبر». باعتبارك أحد أهم المصدِّرين للصمغ العربي ما هي المشكلات التي تواجهكم في هذا القطاع الهام؟ المصدرون يعانون أشد المعاناة في الحصول على شيء واحد وهو تنفيذ قرارات الرئيس الخاصة بمنع الجبايات وفرض الضرائب في الولايات، فالإخوة الولاة والمعتمدون يكسرون قرارات الرئيس بهذا الشأن بطرق مختلفة ويلتون على هذه القرارات بأشكال مختلفة بالإضافة للزكاة والتي يتم تحصيلها في بعض المرات مرتين على ذات السلعة، أضف لذلك هناك عدم اهتمام حقيقي بالصمغ العربي على الرغم من أنه من أهم الصادرات التي تُدخل عملة أجنبية على البلاد بالإضافة إلى أن السودان هو المنتج الأول للصمغ العربي في العالم حيث ينتج ما يقارب «80%»، وعلى الرغم من ذلك يصنف كمنتج تقليدي ولا يعطى أولوية، والكل يتذكر عندما فرضت أمريكا عقوبات على السودان تمنع دخول أي من منتجاته إلى أراضيها، رجعت بعد ساعة من إصدار هذا القرار واستثنت الصمغ العربي والذي يعتبر أهم عنصر يدخل في تركيب كل المنتجات الغذائية والأدوية وهو أشبه بملح الطعام بالنسبة لها، عدد من الدول تنشئ وزارات خاصة للسلع التي تمتاز بتصديرها دون بقية الدول، فالبرازيل بها وزارة خاصة للسكر، وإندونيسيا لها وزارة للمطاط، وبنغلاديش لديها وزارة خاصة بالخيش، فلماذا لا تكون هناك وزارة خاصة للصمغ العربي تهتم بتطويره، ومن وجهة نظري الشخصية أن الرئيس البشير إذا قام بإصدار قرار بمنع تصدير الصمغ العربي لمدة عام أو عامين فإننا بمقدورنا أن نركِّع كل دول العالم بهذه السلعة. هل تواجه عمليات التصدير أية مخاطر؟ وماذا عن التهريب؟ هناك حديث عن أن هناك دولاً مجاورة تشتري الصمغ المهرَّب من السودان وتقوم بإعادة تصديره وتربح مبالغ ضخمة؟ عملية التهريب انتهت الآن إلى حد كبير، والقضاء على التهريب سهل جدًا، فإذا استطعت أن تقدِّم سعرًا مغريًا للمنتجين فلن يهرِّب أي واحد أي قنطار ، لكن الحكومة أحيانًا تقوم عبر سياساتها بالدفع للتهريب فالمصدرون يبيعون بالدولار بالسعر العالمي وتقوم الحكومة بإعطائهم مقابل ذلك نقودًا سودانية بسعر الميزانية، فإذا كان الدولار في السوق «4,5» جنيه فهي تمنحهم الدولار ب «2,9» حسب سعر بنك السودان. هناك حديث عن ارتفاع عدد المصدِّرين وبأن الأمر تحول لتجارة مربحة؟ قاطعني...يا أخي اصبح كل من «هبّ ودبّ» مسافر برا السودان بصفة مصدر صمغ عربي ولا دراية للأغلبية بعملية التصدير ونجدهم في باريس كتجار الشنطة يحملون بضاعتهم ويروجون لها ويسألون عن التجار، يا أخي ديل «فاضحنّنا فضيحة»، والأسوأ من كل ذلك أنهم يبيعون بأي سعر كأنما البضاعة لا تتبع لهم، والأنكى من ذلك هناك جهة حكومية أنشأت شركة للعمل في مجال الصمغ العربي. هناك شكاوى من مواطني دوائر النواب أن النائب لا يتفقد الدائرة ومشكلاتها إلا عندما تقترب الانتخابات سعيًا لنيل الأصوات.. فماردك على ذلك.. وهناك شكاوى من مواطني دائرتك بهذا الخصوص؟ حديثك صحيح إلى حد بعيد.. ونحن طرحنا هذا الأمر على قيادة حزبنا باعتبارنا منفذين لبرنامج رئيس الحزب، فتم إبلاغنا بأن دورنا وضع السياسات العليا في الدولة عبر البرلمان، أما مسألة الخدمات وتنفيذ البرنامج الانتخابي فهي مهمة النائب الولائي، ودائرتي بها العديد من المشكلات وسنسعى عبر الهيئة البرلمانية لنواب شمال كردفان لحلها عبر الجلوس مع رئيس الجمهورية والنائب الأول للرئيس.. وفي اعتقادي أن أي نائب الآن لم يستطع أن يقدم أي شيء ملموس لمواطني دائرته إلا عبر مجهوداته الشخصية، وهذا أمرٌ مقلق بالنسبة لنا، وإذا نزلنا مرة أخرى بهذه الدائرة فأنا متأكد أن المواطنين لن يصوتوا لنا مرة أخرى، ومناشدتي للنائب الأول لرئيس الجمهورية أن يفي بوعد سابق تعهد به لإنسان المحلية بأن يتم إنشاء سد خور أبوحبل فهو في اعتقادي سيحل الكثير من مشكلات الولاية وعلى رأسها مسألة مياه الشرب. باعتبارك أحد قيادات الهيئة البرلمانية لشمال كردفان.. ما هو تقييمك لاداء حكومة الولاية؟ وهل هناك مشاورات بين الهيئة والوالي؟ الوالي شخص كفء جدًا، لكن رأيي الشخصي هناك عدم انسجام بين إمكانات البعض العقلية والأكاديمية والأدائية، أما على مستوى المحليات فأناشد الوالي أن تكون هناك مواصفات في اختيار المعتمدين، والأفضل البحث عن وجوه جديدة، وهناك جزء من المعتمدين يبهرونه بإنجازات لا معنى لها ولا يركزون على الأولويات في التنمية.. حقو أي إنجاز يستفيد منه أي مواطن، في محليتي لا يزال الطلاب يجلسون على الأرض وما زالت معظم مباني المدارس قشية وحتى المبنية من الطوب بناؤها غير جيد «تعبان».. وبعض المدارس ليس بها حمامات، لذا أعتقد أن هناك أولويات في التنمية، فالمحلية في إمكاناتها غنية.. أما الواقع الظاهر فإنها فقيرة، في بعض المحليات معتمدون انفردوا بالسلطة وأصبحوا يشكِّلون «دولة داخل دولة»، فما ممكن يكون هو المهندس وهو الطبيب وهو المعلم وهو المشرع المعتمد ليس سوى موظف حظي باختيار الوالي.. ما هو إلا خدّام للمنطقة، وهناك مجموعة من العواطلجية يلتفون حول المحليات للبحث عن الرزق ماعندنا قدرة أن الناس يسترزقون من قوت المواطن أو سكر المواطن المعتمدون يفترض أن يتقوا الله في المواطن. قبل فترة تم احترقت مباني او جزء من مباني محلية الرهد وتواترت انباء عن شبهة جنائية فاين وصلت التحقيقات؟ حريق المحلية انحرقت في العام ا لسابق اكيد الحريق لم يكن صدفة واكيد بفعل فاعل ولكن التحقيقات لم تري النور حتي الان وماعارفين الحصل الشنو ،تم اتهام البعض ولكن لم يتم ادانة أي احد اتمني من الوالي ان يولي هذا الامر اهمية قبل تشكيل الحكومة الجديدة بالولاية لانو المواطنيين تكلموا عنها كثيرا وبفتكروا ان الحريق فيه انة ،لكن اعتقد ان هناك تقاعس في الامر .