كنت من المناصرين لضرب التلاميذ في المدارس ومازلت مناصراً للعقاب التقويمي، وهو مفهوم يختلف عن الأذى بمسمياته ودرجاته، والضرب منهج نبوي حثّ عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم للصبية عند ترك الصلاة، وتبقى العبرة في كيفية الضرب وأسبابه.. أقول ذلك وفي ذاكرتي أساليب العقاب التي كنّا نتلقاها عندما كنا بالمراحل الدراسية المختلفة، حيث لم نسمع يوماً بتلميذ تم نقله للمستشفى أو أصيب إصابة بالغة أو تدخل ولي أمره فإذا علم ولي الأمر بضربك في المدرسة ستنال «علقة» أخرى قد تكون أصعب من ضرب المعلم. نعود لموضوعنا وأمامي أورنيك «8» صادر عن مستشفى بشائر ومحول لوحدة حماية الأسرة والطفل حيث تلقى تلميذ «13» سنة إسعافه من ضرب مبرّح تعرّض له من معلم، ولنقل أستاذ، وجاء في التقرير: بعد الكشف على المريض يوجد تجمع دموي في رأس الأصابع الإبهام والبنصر كما يوجد في اليد اليمنى ألم عند الضغط على الأصبع الأصغر، الحالة مستقرة ما لم تحدث مضاعفات».. ولي الأمر اكتفى بالعلاج وأنهى الأمر عند هذا الحد، لكنه أراد أن يعرف ما الذي فعله الصغير حتى تتورم أصابعه التي يكتب ويرسم ويأكل بها، وتفاصيل القصة تعود إلى أن الأستاذ رأى طفلين متشاجرين في الفصل فضرب أحدهما وترك الثاني فسأله ببراءة: لماذا لم تعاقبهما معاً؟ فما كان من الأستاذ المتهور إلا وأن ضربه بما وصفته معلومات أورنيك «8» جنائي. وبإعادة قراءة الفصل الخامس من قانون الطفل لسنة 2010 م نجد نصاً صريحاً للجزاءات المحظورة في المدارس: «لا يجوز توقيع أي من الجزاءات التالية على الأطفال بالمدارس «أ» العقوبات القاسية ،«ب» التوبيخ بالألفاظ المهينة للكرامة ،«ج» الحرمان من حضور الحصة ما لم يتسبب حضور الطالب في عرقلة سير الدراسة ،«د» الطرد من المدرسة أثناء سير الدراسة، تحدد وزارة التربية والتعليم العام الجزاءات المناسبة لكل من يخالف أحكام البند «1» بموجب اللوائح التي تصدرها في هذا الشأن» ونجد أن القانون قد سكت على تحديد نوعية العقوبات القاسية وتفسيرها مما يجعل الأمر مفتوحاً للاجتهاد والتأويل. لذلك يجب تنوير الجميع بهذا القانون الذي يحمي الطفل وحقوقه ومكتسباته مع التركيز على فئات المعلمين بالتعليم العام وقبل المدرسي، فهم أولى الفئات باحترام حقوق وواجبات الأطفال وحمايتهم، وأخص وزارتي الإعلام والتربية والتعليم بتكثيف هذه الحملة التنويرية حتى ننعم بحياة معافاة للصغار من الصغائر والكبائر. أفق قبل الأخير: المادة«16» من القانون تنص على: إلزام الراغبين في الزواج على عرض أنفسهم على الكشف لإثبات خلوهما من الأمراض الوراثية والمعدية حماية للطفل. أفق أخير: بعض المدارس في حاجة ماسة لمعلمين يعرفون القراءة والكتابة قبل معرفتهم بالقانون.