أراد حزب الترابي أن يصطاد في المياه السياسية العكرة وهو يقول إن الحزب الحاكم هو من صنع أحداث نيالا ضارباً عرض الحائط بقيم الشورى والديمقراطية.. ونقول هل هذا التعليق نابع من جهل سياسي أم من عدم أمانة، الغرض منها تعزيز خطاب المعارضة؟!. ومعلوم أن المؤتمر الوطني قد اضطر لضرب قيم الشورى والديمقراطية بعرض الحائط مهر السلام والأمن والاستقرار.. والحكومة قد استجابت لمطالب جماهيرية منطوق بها أو مُوحى بها يتطلَّب تحقيقها أن تؤجّل الحياة الديمقراطية في جنوب دارفور بشكلها الجديد وكذلك وسط وغرب دارفور إلى حين.. أما شمال وشرق دارفور، فما زالتا تنعمان بالنظام الديمقراطي، استمر الوالي المنتخب في شمال دارفور في موقعه، ونُقل والي جنوب دارفور المنتخب وهو كاشا إلى شرق دارفور التي كانت جزءًا من جنوب دارفور.. والسؤال: لماذا لم تندلع تظاهرات في الجنينة على غرار تظاهرات نيالا؟!.. والسؤال لو كان الترابي في الحكم هل كان سيعترض على خيار الجماهير لزيادة الولايات الغربية؟! والسؤال: لماذا لم يُشِر بيان حزب الترابي إلى رغبة الجماهير حينما ترتبط بها تداعيات مؤسفة؟!. عنوسة استثمارية يواجِه بترول دول الجنوب من ناحية تصديره عنوسة استثمارية بعد الانفصال يبدو أنها ستضطره لصرف النظر عن تصديره والاستعاضة عن ذلك بتصنيعه بالداخل بواسطة شركات إسرائيلية وأمريكية.. فدولة الجنوب أوقفت تصديره عبر السودان وتفاجأت باستحالة تصديره عبر كينيا بعد أن جاءت تأكيدات بعض الخبراء أن تشييد ثلاثين بالمائة من خط النقل يبقى مستحيلاً، بل وحتى النقل عبر السكة حديد يدخل في هذه الاستحالة.. طبعاً جرت مباحثات بين دولة الجنوب ومستثمرين إسرائيليين وأمريكيين بشأن بناء خط جديد بديل.. وبعد تأكيدات الخبراء استحالة هذا الأمر رأت واشنطن أنها لن تستفيد من نفط الجنوب إلا من خلال الصناعات البترولية داخل الدولة المنتجة وربما هذه الفكرة مراد بها إبعاد الشركات الصينية وغيرها عن الاستثمار في نفط الجنوب ليكون بديلها الشركات الإسرائيلية والأمريكية، وطبعاً هو ذكاء يهودي اقتصادي، ولذلك استحالة نقل النفط عبر كينيا قد لا تكون حقيقة، وحتى لو كانت حقيقة، فإن الأمر يبدو أنه سيصبح بيد إسرائيل وأمريكا في نهاية المطاف.. وسيكون هذا بمثابة عقوبة غير مباشرة للصين على استهلاكها لحق الفيتو في مجلس الأمن بصورة غريبة، فهي تستخدمه ضد الباطل وضد الحق على السواء، وأخيراً استخدمته ضد الشعب السوري حيث حالت دون إنقاذه من المآسي وحمامات الدم التي أخذت ترفع في كل دقيقة عدد الضحايا.. المهم في الأمر أن يرتاح السودان من بترول الشؤم الذي أصبح عبوره عبره مثل مسمار حجا. قبل إقرار الذمّة إذا كان المسؤول الحكومي أو الموظف بالخدمة المدنية مطالبًا بإقرار ذمته والكشف عما يملكه في بيان إقرار الذمة، فربما قال إنه يملك كذا وكذا وكذا، أليس من باب استكمال إجراءات محاربة الفساد أن يُسأل: «من أين لك هذا؟!» ثم بعد ذلك ينتقل إلى مسألة إقرار الذمة؟! هل إقرار الذمة يجبُّ ما قبله من فساد محتمل؟!.. إن الشريعة الإسلامية فيها «من أين لك هذا»، وليس فيها إقرار ذمة، فهذه بدعة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا معنى لها إذا كان من الممكن الالتفاف حولها، فالسبيل بعد إقرار الذمة إلى ارتكاب الفساد ليس صعباً، وحتى العوام والبسطاء من الناس يفهمون هذا.. ولذلك يبقى صمّام الأمان للمال العام هو تحميل المسؤولية للمسؤول من خزائن الدولة وإدارات ماليتها في كل مؤسسة من قبل ديوان المراجعة العامة.. الآن يأتي من عمل بالدولة لسنوات ويقول إنه يريد أن يستجيب لإقرار الذمة وإنه يملك ما يملك من العمارات السوامق والشركات.. تُرى لماذا لا يواجه بسؤال الشريعة «من أين لك هذا؟!» ثم إذا كان ما يملكه جاء عن فساد، فماذا يريد أكثر منه؟! إن إقرار الذمة يكون قد أنجاه من السؤال الشرعي «من أين لك هذا؟!» وبهذه النجاة يكون قد «فلت» من المحاسبة والمعاقبة، ويضيع المال العام هكذا ببدعة إقرار الذمة.. إن مبدأ إقرار الذمة يبقى تعبيراً عن عجز حماية مال الشعب ولن يفيد.