- سأفترضُ يا مولانا أنني أتولَّى وظيفةً عامَّة، وأنَّهُ، وفق ضوابط الشفافية المبتكرة، قد طُلِبَ مني تقديم إقرار بذمَّتي المالية، متضمناً بالطبع ما أملكه من عقارات وأعمال وأموال بالبنوك أوبغيرها.. إلخ.. تقدمتُ بالإقرار، الذي مرَّ عبر الروتين المعلوم ليستقر عند النائب العام.. هل يقوم ديوان النائب العام «أو أية جهة أخرى مختصة»، بمجرد وصول هذا الإقرار، بمراجعة والاستيثاق من صحة ما زعمتُ أنني أملكه؟.. المعلومات التي توفرت لدي، بسؤالي المباشر لأكثر من مسؤول قام بتقديم إقرار ذمة، أنهُ لم يقم أحد بالتأكد من صحة أوزيف ما زعم أنهُ يملكه بموجب إقرار الذمة الذي تقدم به.. - الآن دعني أفترض أنني شخصياً، وليس أي مسؤول آخر قد كتبتُ بجانب ما أملكه فعلياً، في إقرار ذمتي هذا، كتبتُ مضيفاً ما «خطَّطتُ» لنهبه من موقعي العام، لنفرض أنني زعمتُ أنني أملك أموالاً سائلة «بخزانة منزلي وليس بأي مصرف» تبلغ كذا مليار جنيه «بنية أن أنهبها بتوفيق الله من موقعي الوظيفي الممرع، لاحقاً»!! ولأنني أعرفُ أنهُ بالفعل لن يقوم أحد بمراجعة صحة هذا الإقرار، كما هو حادثٌ الآن على أرض واقعنا هذا، فإنني مضيتُ مسروراً بعد تقديم الإقرار الزائف هذا «المشفوع باليمين أوبغيرها» لأضع لنفسي خطة العمل التي تُصدِّق أحلامي هذه، أوجزءاً منها «وبالطبع، إذا زعمت أنني أملك عشرة مليارات، ولم أستطع أن أنهب من وزارتي أوإدارتي حتى تاريخ إعفائي سوى ثمانية مليارات، وجاء رجال المراجعة العامة ليراجعُوا ما لدي، وسألوني: أين ذهب الملياران اللذان كنت تملكهما حسب إقرار ذمتك؟؟ سأقول لهُما، بحياءٍ ووورع «تصدقتُ بهما للمساكين»!!.. - دع هذا، وقل لي إن كنت خبيراً: هل يتضمن إقرار الذمة هذا ما يملكهُ أفراد أسرتي؟ الزوجة مثلاً والأبناء والوالدان؟ لنفرض يا مولانا أنني تقدمتُ بإقرار ذمة صادق، ولكنني قمتُ بنهبِ أموالٍ اوممتلكاتٍ قمت بتحويلها إلى «ذهبٍ» وأهديته إلى زوجتي، أو قمت بإنشاء شركات وزعتها على أبنائي، ثم حين جاء وقتُ الحساب جاء موظفو المراجعة وتأكدُوا أن ممتلكاتي «المسجلة باسمي» لم تزد مليماً واحداً، بل ربما نقصت بفعل الصدقات وأعمال الخير، هل يكون لإقرار الذمة هذا معنى؟؟ - المعلوم لنا بالضرورة حتى الآن أن محتويات إقرارات الذمة لا تقوم أية جهة بالاستيثاق من صحتها، مكتفيةً بفقه «المؤمن صديق»، وهذا الفقه ذاته هُو الذي يجعلنا نتساءل محتارين: ولماذا إقرارات الذمة أصلاً، ما دام هذا الأخ مؤمن وصديق؟؟.. - أم يا تُرى هنالك معلومات غائبة عنا في هذا الشأن؟؟.. المؤكد لنا على أية حال أن سؤالنا عن جدوى أو كفاية إقرارات الذمة هذه، هو سؤال الكثيرين من المشفقين على المال العام، ونتوقع أن يطمئننا من بيدهم ذلك، ديوان المراجع العام مثلاً، إلى أن هذا الذي نقوله ليس دقيقاً، وأن لديهم من الإجراءات والوسائل ما يمكنهم من معرفة صحة أوزيف إقرارات الذمة المقدمة من موظفي الدولة، وسوف تطمئنُّ قلوب الكثيرين إلى إن إقرار الذمة هذا شيءٌ لهُ معنى، إذا تكرم خبيرٌ بإزاحة جهلنا، والإجابة عن أسئلتنا البلهاء الواردة أعلاه. للأسخياء الأخفياء: أنقذوا هذه الأسرة «م.م.ش»، بائع خُضر، في أحد أسواق الأحياء الصغيرة، يقطن الفتيحاب، ويعول أسرة مكونة من زوجة وطفلين ووالدين كبيرين، وأُخت مريضة بالفشل الكلوي ويُجرى لها غسيل للكلى دورياً، كل هذا ليس هومشكلة الأخ «م.م.ش» ولكن مشكلتهُ الآنية هي أنهُ سجينٌ الآن بسجن «الهُدى»، لأنهُ عجز عن سداد متأخرات إيجار البيت الذي قام بإخلائه، والتي تبلغ حوالى ستمائة جنيه.. ولأجل هذه الستمائة جنيه فقدت الأسرة، الوالدان والولدان والزوجة الأخت المريضة، من يوفر لهم لقمة الخبز الجاف!!.. من وضع الله في قلبه رحمةً وكان قادراً، ليتصل بهاتف أخت السجين 0915498619..